لِأَنَّا نَقُولُ: جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَلَالِ الْمُسْتَفَادِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُ، وَمِنْ وَلِيِّهِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مَسَائِلَ قَرِيبَةٍ مِنْ ذَلِكَ كَالشُّرْبِ مِنْ أَنْهَارِهِمْ انْتَهَى
وَالظَّاهِرُ: الْجَوَازُ وَإِنْ كَانَ الْوَرَعُ خِلَافَهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُرُورُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَصِرْ بِهِ طَرِيقًا لِلنَّاسِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْأَكْثَرِينَ الْجَوَازَ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِالْمُرُورِ فِيهِ (وَشَرِكَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ) مِنْ رَأْسِ السِّكَّةِ (إلَى بَابِهِ) لَا إلَى آخِرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ بَاقِيهَا (وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ وَلَا لِمَنْ دَارُهُ بِأَعْلَى السِّكَّةِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَيُقَالُ: لَهَا الدَّرْبُ وَالزُّقَاقُ (إشْرَاعُ جَنَاحٍ فِيهِ) وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ (إلَّا بِرِضَاهُمْ) جَمِيعِهِمْ فِي الْأُولَى، وَبَاقِيهِمْ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الشَّخْصِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَفِي الْمُشْتَرَكِ إنَّمَا يَجُوزُ بِرِضَا مَالِكِهِ وَبِرِضَا شَرِيكِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: بِأَعْلَى السِّكَّةِ شَامِلٌ لِلْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ وَالْعُلُوِّ النِّسْبِيِّ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ مَا لَيْسَ بِأَقْرَبَ إلَى آخِرِهَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْمَلْ النِّسْبِيَّ لَفُهِمَ حُكْمُهُ بِالْمُسَاوَاةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُكْتَرِي لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ اعْتِبَارُهُ أَيْضًا إنْ تَضَرَّرَ بِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَيُقَاسُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ.
(وَيَجُوزُ لِلْأَقْرَبِ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ إشْرَاعُهُ) أَيْ الْجَنَاحِ لِأَنَّهُ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ (وَلَهُمْ قِسْمَةُ صَحْنِهِ) أَيْ صَحْنِ الطَّرِيقِ غَيْرِ النَّافِذِ كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ (فَإِنْ أَرَادَ الْأَسْفَلُونَ لَا الْأَعْلَوْنَ سَدَّ مَا يَلِيهِمْ أَوْ قِسْمَتَهُ جَازَ) لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مِلْكِهِمْ بِخِلَافِ الْأَعْلَيْنَ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ السَّدِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى سَدِّ رَأْسِ السِّكَّةِ) لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ لِذَلِكَ وَ (لَمْ يَفْتَحْهُ بَعْضُهُمْ) بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ نَعَمْ إنْ سَدَّ بِآلَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَلَهُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ سَدِّهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ السَّدُّ (فَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمْ دَارِهِ مَسْجِدًا) أَوْ وُجِدَ ثَمَّ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (شَارَكَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُرُورِ) إلَيْهِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ السَّدِّ وَالْقِسْمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الضَّرَرِ، وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُ السِّكَّةِ لِحَقِّ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ الْإِشْرَاعِ الَّذِي لَا يَضُرُّ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهَا، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ حَادِثًا، وَإِلَّا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَكَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذُكِرَ مَا سُبِّلَ أَوْ وُقِفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَبِئْرٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَوْ فَتَحَ أَحَدُهُمْ) فِيهِ (بَابًا) آخَرَ (أَوْ مِيزَابًا) آخَرَ (أَسْفَلَ بَابِهِ) أَوْ مِيزَابِهِ (مُنِعَ) أَيْ مَنَعَهُ مِنْ الْمَفْتُوحِ بَيْنَ بَابِهِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ سَوَاءٌ أَسُدَّ الْأَوَّلُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ بَابُهُ بَيْنَ الْمَفْتُوحِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ، أَوْ مُقَابِلُ الْمَفْتُوحِ كَمَا صَرَّحَ بِالْأُولَى فِي الْأَصْلِ وَبِالثَّانِيَةِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ، وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِيهَا بِأَنَّ الْمُقَابِلَ لِلْمَفْتُوحِ مُشَارِكٌ فِي الْقَدْرِ الْمَفْتُوحِ فِيهِ فَلَهُ الْمَنْعُ (أَوْ) فَتْحُ مَا ذُكِرَ (أَعْلَى) ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ) لِجَوَازِهِ (سَدُّ الْأَوَّلِ) وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسُدَّ الْأَوَّلَ مُنِعَ لِتَضَرُّرِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ بِزِيَادَةِ الزَّحْمَةِ بِانْضِمَامِهِ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ بِوَسَطِ السِّكَّةِ وَأُخْرَى بِآخِرِهَا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ دَارُهُ بَيْنَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ تَقْدِيمِ بَابِ الْمُتَوَسِّطَةِ أَيْ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْجَمِيعِ لَكِنْ شَرِكَتُهُ بِسَبَبِهَا إنَّمَا هُوَ إلَيْهَا خَاصَّةً وَقَدْ يَبِيعُ لِغَيْرِهِ فَيَسْتَفِيدُ زِيَادَةَ اسْتِطْرَاقِ.
(فَرْعٌ)
لَهُ فِي سِكَّةٍ قِطْعَةُ أَرْضٍ فَبَنَاهَا دُورًا، وَفَتَحَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَابًا جَازَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (وَلَيْسَ لَهُ فَتْحُ بَابٍ بَيْنَ دَارَيْهِ إنْ كَانَ بَابُهُمَا جَمِيعًا أَوْ) بَابُ (أَحَدِهِمَا) الْأَوْلَى إحْدَاهُمَا (إلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ) أَيْ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ دَارَانِ يُفْتَحَانِ إلَى طَرِيقَيْنِ غَيْرِ نَافِذَيْنِ أَوْ غَيْرِ نَافِذٍ وَشَارِعٍ فَتْحُ بَابٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ مَمَرًّا إلَى الدَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِهِ هَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَفِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْحَائِطِ بَيْنَهُمَا وَجَعْلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً وَتَرَكَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا جَازَ قَطْعًا انْتَهَى، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا قَصَدَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ الطَّرِيقُ غَيْرُ النَّافِذِ مِلْكُ مَنْ نَفِدَتْ أَبْوَابُهُمْ إلَيْهِ]
قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَرِكَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ إلَى بَابِهِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ لِجَمَاعَةٍ فَاقْتَسَمُوهَا وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا وَتَرَكُوا الْمَمَرَّ بِلَا قِسْمَةٍ أَوْ كَانَتْ مِلْكَ شَخْصٍ فَبَنَى فِيهَا دَارًا وَتَرَكَ الْمَمَرَّ ثُمَّ انْتَقَلَتْ السِّكَّةُ وَدُورُهَا عَنْهُ فَالطَّرِيقُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ دَارُهُ إلَخْ) دَارُهُ مِثَالٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ فِيهِ فُرْنٌ أَوْ حَانُوتٌ أَوْ نَحْوُهَا كَانَ كَالدَّارِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ اعْتِبَارُهُ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ) أَيْ وَنَحْوُهُ.
(قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَابِلُ الْمَفْتُوحِ) هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ وَبِالثَّانِيَةِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ) أَيْ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ مَنْ هُوَ مُقَابِلُ الْبَابِ الْأَوَّلِ كَذَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَابُ الْجَدِيدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَكَانَ الْمَنْعُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. اهـ. فس (قَوْلُهُ لِتَضَرُّرِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ) أَيْ الَّذِينَ أَسْفَلَ مِنْهُ أَوْ يُقَابِلُونَهُ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ) لَا يَتَقَيَّدُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ غَيْرُ نَافِذَيْنِ أَوْ غَيْرُ نَافِذٍ وَشَارِعٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ مَمْلُوكٍ وَشَارِعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النُّفُوذِ الْمِلْكُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ فِي الْفَضَاءِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ مِلْكَهُ، وَالْأُخْرَى فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَرَضِيَ الْمَالِكُ بِفَتْحِ بَابٍ مِنْ إحْدَى الدَّارَيْنِ إلَى الْأُخْرَى فَكَالْمَمْلُوكِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute