للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَيُقَاسُ بِهَا الثَّانِيَةُ وَمَا لَوْ قَالَهُ قَبْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ مَا مَرَّ قَبِيلَ الْفَرْعِ لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْأَوْثَقِ عِنْدَهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا اسْتَخْبَرَ ثَالِثًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَكَمُتَحَيَّرِ فَيُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ وَيُعِيدُ وَبِقَوْلِهِ مُجْتَهِدٌ مَا لَوْ قَالَ مُعَايِنٌ فَيَتَحَوَّلُ مُطْلَقًا وَبِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى وَهُوَ أَعْرَفُ مَا لَوْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ مِثْلُهُ أَوْ لَا فَلَا يَتَحَوَّلُ وَمِنْ قَبِيلِ قَوْلِ الْمُعَايِنِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قِيلَ لِلْأَعْمَى) وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ (صَلَاتُك إلَى الشَّمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْنَفَ) لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ (وَإِنْ أَبْصَرَ) وَهُوَ (فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْإِصَابَةِ) لِلْقِبْلَةِ بِمِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَتَمَّهَا أَوْ عَلَى الْخَطَأِ أَوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ) لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الْإِصَابَةِ (وَإِنْ ظَنَّ الصَّوَابَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ جِهَتِهِ (انْحَرَفَ) إلَى مَا ظَنَّهُ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْبَصِيرِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبْصَرَ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ كَيْفِيَّتِهَا (وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ) تُسَمَّى فُرُوضًا (وَ) عَلَى (سُنَنٍ) وَالرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يُقَارِنُ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ كَالطُّهْرِ، وَالسَّتْرِ تُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهُمَا لِلرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ، وَالرُّكْنُ مَا اُعْتُبِرَ فِيهَا لَا بِهَذَا الْوَجْهِ فَشَمِلَ تَعْرِيفَ الشَّرْطِ الْمَتْرُوكِ كَتَرْكِ الْكَلَامِ فَهِيَ شُرُوطٌ كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَوَافَقَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي.

وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شُرُوطًا بَلْ مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ كَقَطْعِ النِّيَّةِ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ مِنْ الشُّرُوطِ لَضَرَّ (فَمِنْهَا) أَيْ السُّنَنِ (الْأَبْعَاضُ) وَهِيَ مَا (تُجْبَرُ) مِنْ حَيْثُ تَرْكُهَا عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا، وَالْمُرَادُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَتْرُوكَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تُجْبَرُ (بِالسُّجُودِ) وَسُمِّيَتْ أَبْعَاضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً (وَهِيَ سِتَّةٌ الْقُنُوتُ الرَّاتِبُ) وَهُوَ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَقُنُوتُ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ دُونَ قُنُوتِ النَّازِلَةِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا أَيْ لَا بَعْضِهَا وَالْكَلَامُ فِيمَا هُوَ بَعْضٌ مِنْهَا.

وَتَرْكُ بَعْضِ الْقُنُوتِ كَتَرْكِ كُلِّهِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ كَلِمَاتِهِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي قُنُوتٍ تَعَيَّنَ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى بَدَلِهِ (وَقِيَامُهُ) أَيْ الْقُنُوتِ الرَّاتِبِ قِيَاسًا لَهُ وَلِلْقُنُوتِ عَلَى مَا يَأْتِي وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ تَبَعًا لِإِمَامِهِ الْحَنَفِيِّ الْقُنُوتَ لَمْ يَسْجُدْ كَإِمَامِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ سَهْوًا مِنْ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ، لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا سَيَأْتِي فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ (وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهُ نَاسِيًا وَسَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِالنِّسْيَانِ الْعَمْدُ بِجَامِعِ الْخَلَلِ بَلْ خَلَلُ الْعَمْدِ أَكْثَرُ فَكَانَ لِلْجَبْرِ أَحْوَجُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اللَّفْظُ الْوَاجِبُ فِي الْأَخِيرِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّ تَرْكَ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ تَشَهُّدَيْنِ فَلَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ أَوَّلِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ، وَكَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ، لَكِنْ فَصَّلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ إنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَنَسِيَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَجُلُوسُهُ) أَيْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إذَا شُرِعَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ شُرِعَ لِتَرْكِ جُلُوسِهِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لَهُ وَصُورَةُ تَرْكِهِ وَتَرْكِ قِيَامِ الْقُنُوتِ أَنْ لَا يُحْسِنَ التَّشَهُّدَ، أَوْ الْقُنُوتَ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ، أَوْ يَقِفَ بِقَدْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ (، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَرْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ: وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ) قَدْ شُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ، فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ، وَالْبَعْضُ كَأَعْضَائِهِ، وَالسُّنَنُ كَشَعْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يُخْرِجُ التَّوَجُّهَ لِلْقِبْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِيَامِ، وَالْقُعُودِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ شَرْطٌ. اهـ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا أَيْضًا عُرْفًا إذْ يُقَالُ عَلَى الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهَا لَا مُنْحَرِفٌ عَنْهَا مَعَ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا بِبَعْضِ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا وَذَلِكَ كَافٍ ش (قَوْلُهُ: أَيْ لَا بَعْضِهَا) وَإِلَّا لَمَا تُرِكَ عِنْدَ غَيْرِ النَّازِلَةِ (قَوْلُهُ، وَالْكَلَامُ فِيمَا هُوَ بَعْضٌ مِنْهَا) لَعَلَّ الْفَرْقَ تَأَكَّدَ أَمْرُهُ بِدَلِيلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ وَقُنُوتَ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ مُسْتَحَبٌّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَاسْتُحِبَّ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعُدْ إلَى بَدَلِهِ) قَالَ شَيْخُنَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَا لَوْ عَدَلَ إلَى بَدَلِهِ ابْتِدَاءً مَا لَوْ شَرَعَ فِي قُنُوتٍ وَقَطَعَهُ وَكَمَّلَ بِبَدَلِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ نَعَمْ يُمْكِنُ اسْتِثْنَاءُ مَا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي سُنَّتَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّ إمَامَهُ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى رَبَطَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةٍ نَاقِصَةٍ فَشُرِعَ لَهُ السُّجُودُ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ.

(قَوْلُهُ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ تَغْلِيبًا لَهَا عَلَى بَقِيَّةِ أَذْكَارِهِ لِشَرَفِهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْخَلَلِ) ؛ وَلِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ الْجُبْرَانُ بِسَهْوِهِ وَتَعَلَّقَ بِعَمْدِهِ كَمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِضَافَةُ السُّجُودِ إلَى السَّهْوِ لَا تُنَافِي مَشْرُوعِيَّتَهُ فِي الْعَمْدِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى فَإِنَّهَا تَجِبُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ مِنْ غَيْرِ أَذًى (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّ تَرْكَ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ) ، وَكَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ الْأَصَحُّ إلْحَاقُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فَصَّلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَنَسِيَهُ) أَيْ، أَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا وَهُوَ اعْتِرَاضٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ مُسْتَقْبِلٌ قَطْعًا، لَكِنَّهُ بِجُمْلَةٍ، وَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ وَجْهَهُ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلًا قَطْعًا بِدَلِيلِ مَا لَوْ الْتَفَتَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلٍ لِصَدْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ:. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>