للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ) كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا عَنْ صَاحِبَيْ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَقِيلَ مَنْ نَقَصَتْ مَرْتَبَةُ أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ عَنْ مَرَاتِبِ أَمْثَالِهِ نَقْصًا بَيِّنًا بِلَا مَرَضٍ وَلَا سَبَبٍ وَقِيلَ مَنْ يَعْمَلُ مَا يَضُرُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ وَقِيلَ مَنْ يَضَعُ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَأْتِي بِالْحَسَنِ فِي مَوْضِعِ الْقَبِيحِ وَعَكْسِهِ وَقِيلَ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ (والجهوذوري) مَنْ قَامَ بِهِ (الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ) وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ صُفْرَةُ الْوَجْهِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ الثَّانِي (فَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُوصَفُ بِهَذَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَصَدَتْ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا والجهوذوري مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ.

(فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بِالْمُخَاصَمَةِ) أَيْ فِيهَا (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (يَا خَسِيسُ أَوْ يَا سَفِيهُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا غَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ (طَلُقَتْ) حَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَسِيسًا وَلَا سَفِيهًا لِأَنَّ الْغَيْظَ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ تَزْعُمِينَ أَنِّي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ (فَتَعْلِيقٌ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَيْ وُجُودُهُ عَمَلًا بِمُقْتَضَاهُ فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ وَضُبِطَ قُدِّمَ عَلَى الْوَضْعِ عَلَى مَا قَدَّمَتْهُ (فَإِنْ شَكَّ) فِي وُجُودِ الشَّرْطِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (أَوْ قَالَتْ) لَهُ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ (رَأَيْت مِثْلَ لِحْيَتِك كَثِيرًا فَقَالَ إنْ) كُنْت (رَأَيْت مِثْلَهَا) كَثِيرًا (فَأَنْت طَالِقٌ. فَهَذِهِ) اللَّفْظَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ (كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ أَوْ الْفُتُوَّةِ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَإِنْ قَصَدَ) بِهَا (الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ طَلُقَتْ أَوْ الْمُشَاكَلَةَ فِي الصُّورَةِ فَلَا) تَطْلُقُ إلَّا إنْ كَانَتْ رَأَتْ مِثْلَهَا كَثِيرًا وَلَفْظَةُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ أَصْلِهِ وَهِيَ مِثَالٌ وَلِذَلِكَ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ مَنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا.

(فَرْعٌ) لَوْ (قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ إذْ قَصْدُهُ ذَمُّ الزَّانِي) لَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت) مَثَلًا (فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ كُنْت زَنَيْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ) حَالًا (بِإِقْرَارِهِ) السَّابِقِ.

[فَصْلٌ قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَفَتْ]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهَا لَا تَقُومِي فَقَامَتْ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِسَبَبِ الْعُرْفِ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَأَنْ قَالَ لَهَا قُومِي فَقَعَدَتْ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا يَخْتَارُهُ وَإِنْ كَانَ فَالْيَمِينُ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ.

(وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِمُضِيِّ أَوْ بَعْدَ أَوْ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا كَمَا يَقَعُ عَلَى مَا فَوْقَهَا وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ لِلشَّكِّ فِي الْمُرَادِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّك وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ إنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ (حُقُبٍ أَوْ عَصْرٍ) أَوْ دَهْرٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ (وَفِيهِ نَظَرٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَيْ لِمُنَافَاتِهِ تَفَاسِيرَهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَفَسَّرَ الْإِمَامُ الْعَصْرَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ يَحْوِي أُمَمًا وَيَنْقَرِضُ بِانْقِرَاضِهِمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْحُقُبُ وَالدَّهْرُ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْحُقُبَ الْمُلْحَقَ بِهِ الْآخَرَانِ بِثَمَانِينَ سَنَةً وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثِينَ سَنَةً وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ فَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْحِقَبَ وَالْعَصْرَ بِالدَّهْرِ وَالدَّهْرَ بِالزَّمَنِ وَأَمَّا الْحُقُبُ بِضَمِّ الْقَافِ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ لَا تَطْلُقُ أَصْلًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْبَعْضُ تَطْلُقُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ قَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ) الَّذِي رَأَيْته فِيهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ

[فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْمُخَاصَمَةِ]

(فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بِالْمُخَاصَمَةِ) . (قَوْلُهُ أَوْ الْمُشَاكَلَةِ فِي الصُّورَةِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا.

(قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ إنَّمَا صَوَابُهُ وَإِلَّا فَيَقَعُ لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَمْثَالِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ عَلَى الصَّوَابِ قُلْتُ وَكَانَ صَوَابُ التَّعْبِيرِ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ وَهِيَ رُؤْيَةُ كَثْرَةِ الْأَمْثَالِ ت وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهُ فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ وَقَوْلُهُ وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ]

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ لَمْ تَكُفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَكَذَا حُقُبٌ أَوْ عَصْرٌ أَوْ دَهْرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ الزَّمَانِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) الِاسْتِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى نَفْيِ إطْلَاقِ الْحُقُبِ وَالْعَصْرِ وَالدَّهْرِ عَلَى زَمَنِ الْقَلِيلِ وَمَنْ عَلَّلَ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالْإِطْلَاقِ عَلَى الْقَلِيلِ فَتَعْلِيلُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقْلِ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ وَالْمُثْبَتُ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ فَلِذَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِرْشَادُ.

(قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً) فِي الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ حُقُبًا زَمَانًا وَفِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ وَالْحُقُبُ الدَّهْرُ وَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>