للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(نِصْفَ مَهْرِهَا وَأَخْذُ الْقِيمَةِ) أَيْ وَأَخْذُ شَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا (مِنْهُ رُجُوعُ فِي التَّدْبِيرِ) وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ رُجُوعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ السِّرَايَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مِنْ ضَمَانِ نِصْفِ الْوَلَدِ الْمُوَافِقِ لَهُ نُسْخَةُ قِيمَتِهِمَا.

(وَيَلْغُو رَدُّ الْمُدَبَّرِ التَّدْبِيرَ) فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ.

[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ وَبِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَخَبَرُ «مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» وَخَبَرُ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ لِلْكَسْبِ تَشَمُّرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ فَاحْتَمَلَ فِيهِ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ فِي غَيْرِهِ كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجَعَالَةِ لِلْحَاجَةِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ) لَا وَاجِبَةٌ، وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّقِيقُ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ وَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَلِئَلَّا يَبْطُلَ أَثَرُ الْمِلْكِ وَتَحْتَكِمَ الْمَمَالِيكُ عَلَى الْمَالِكِينَ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ (إنْ طَلَبَهَا أَمِينٌ مُكْتَسِبٌ) أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ فِي الْآيَةِ وَاعْتُبِرَتْ الْأَمَانَةُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ فَلَا يَعْتِقُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ لِيُوَثِّقَ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ. وَيُفَارِقُ الْإِيتَاءَ حَيْثُ أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ مِنْ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا كَالزَّكَاةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ فُقِدَ الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (فَمُبَاحَةٌ) إذْ لَا يَقْوَى رَجَاءُ الْعِتْقِ بِهَا وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ فَقْدِ الشَّرْطَيْنِ قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ) مِنْهَا، وَقَدْ طَلَبَهَا السَّيِّدُ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ.

(وَفِيهَا بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) صِيغَةٌ وَعِوَضٌ وَسَيِّدٌ وَمُكَاتَبٌ (الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ كَكَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا وَيَذْكُرُ النُّجُومَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ) مَعَ ذَلِكَ (فَإِذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلَوْ) قَالَهُ (بِالنِّيَّةِ) وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ حَيْثُ يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يُغَيَّرْ كَمَا مَرَّ. وَالْكِتَابَةُ تَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ الْمَعْلُومِ وَعَلَى الْمُخَارَجَةِ وَهِيَ تَوْظِيفُ خَرَاجٍ عَلَى عَبْدِهِ الْكَسُوبِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْيِيزِ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلُهُ قَوْلُهُ، فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلَا يَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ التَّمْيِيزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ لَفْظُ الْحُرِّيَّةِ كَقَوْلِهِ وَتُعَامِلُنِي أَوْ أَضْمَنُ لَك أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ تَسْتَحِقُّ مِنِّي الْإِيتَاءَ أَوْ مِنْ النَّاسِ سَهْمَ الرِّقَابِ، وَعُدُولُهُ إلَى كَكَاتَبْتُكَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ كَاتَبْتُك إلَى آخِرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْكِتَابَةِ كَعَاقَدْتُكَ بِكَذَا وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ نَعَمْ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إنْ نَوَاهَا بِهِ فَتَكُونُ كِنَايَةً (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّتِهَا (الْقَبُولُ) مِنْ الْعَبْدِ فَوْرًا فَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَامَلَةِ.

(فَرْعٌ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ دَبَّرَ عَبْدًا ثُمَّ مَلَّكَهُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ]

كِتَابُ الْكِتَابَةِ) (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ) لِأَنَّ الرَّقَبَةَ وَالْكَسْبَ مَالُهُ وَكَوْنُهُ يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِمَالِكِهِ مَالًا ابْتِدَاءً وَكَوْنُهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ مُكَاتَبَةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ إنْ طَلَبَهَا أَمِينٌ مُكْتَسِبٌ) شَمِلَ الْمُبَعَّضَ وَالِاعْتِبَارُ بِالْكَسْبِ الْمُوَفِّي لِلنَّجْمِ لَا كَسْبِ مَا بِحِرْفَةٍ مُبَاحَةٍ مِنْ صَنْعَةٍ وَغَيْرِهَا كَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ السُّؤَالُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِيمَا أَرَاهُ فَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ حِرْفَةً وَلَا تُرْسِلُوهُمْ عَلَى النَّاسِ غ (قَوْلُهُ أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ) قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقُدْرَةُ عَلَى كَسْبِ مَا يَفِي بِالنَّجْمِ الَّذِي الْتَزَمَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ ذَلِكَ أَوْ مَا يَدْنُوَ مِنْهُ مِثَالُهُ النَّجْمُ فِي الشَّهْرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى كَسْبِهَا أَوْ كَسْبِ غَالِبِهَا، أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَكْسِبُ إلَّا دُونَ ذَلِكَ فَلَا وَلَا سِيَّمَا إذَا قَلَّ كَعَشَرَةٍ وَنَحْوِهَا غ (قَوْلُهُ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ فِي الْآيَةِ) لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَعَمَّتْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمُبَاحَةٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا يُضَيِّعُ مَا يَكْتَسِبُهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءُ السَّيِّدِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَتُكْرَهُ كِتَابَتُهُ، وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[الْبَاب الْأَوَّل فِي أَرْكَان الْكِتَابَة]

(قَوْلُهُ بَلْ مِثْلُهُ قَوْلُهُ فَإِذَا بَرِئَتْ مِنْهُ إلَخْ) إذْ حُرِّيَّةُ الْمُكَاتَبِ تَحْصُلُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ فَإِذَا بَرِئَتْ مِنْهُ يَشْمَلُ الْبَرَاءَةَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةَ الْمَلْفُوظَ بِهَا وَكَذَلِكَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ يَكُونُ بِالِاسْتِيفَاءِ وَبِالْإِبْرَاءِ اللَّفْظِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مُنَجِّمًا الْكِتَابَةَ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ كَانَ كَافِيًا فِي الصَّرَاحَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْرَاجُ كِتَابَةِ الْخَرَاجِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَتْ كِتَابَةَ الْخَرَاجِ فَالظَّاهِرُ صَرَاحَتُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ التَّمْيِيزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَوْ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ لَوَازِمِ الْكِتَابَةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ تُعَامِلُنِي أَوْ يَتْبَعُك أَوْلَادُك أَوْ تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ قَامَ ذَلِكَ مَقَامَ النِّيَّةِ. اهـ. وَهُوَ فَرْعٌ نَفِيسٌ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ كِنَايَةٍ قَرَنَ بِهَا لَازِمَ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ نَعَمْ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إلَخْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ إلَّا السَّلَمُ وَالنِّكَاحُ وَتَنْعَقِدُ بِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ وَبِالْكِتَابَةِ كَالْبَيْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>