بَيْنَهُمَا الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي.
فَقَالَ وَفِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ أَوْ صَنْعَةً لَمْ يَجُزْ الِاعْتِيَاضُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ لَاعْتُبِرَ تَسْلِيمُ الزَّوْجَةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهُوَ خِلَافُ الِاتِّفَاقِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ إذْ لَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ الصَّنْعَةِ وَغَيْرِهَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا كَالثَّمَنِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْمُتَوَلِّي وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ وَقَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ
(فَرْعٌ) لَوْ (زَادَ الصَّدَاقُ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً) كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ (تَبِعَتْ الْأَصْلَ أَوْ مُنْفَصِلَةً) كَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ وَكَسْبٍ (فَمِلْكٌ لِلزَّوْجَةِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي الشِّقَّيْنِ عَلَى قَوْلِهِ فَمِلْكٌ لِلزَّوْجَةِ كَفَى (وَإِذَا تَلِفَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِهِ (لَمْ يَضْمَنْهَا) لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ (إلَّا إنْ طَلَبَتْهَا) مِنْهُ (فَامْتَنَعَ) مِنْ تَسْلِيمِهَا فَيَضْمَنُهَا.
(وَلَوْ امْتَنَعَ) الْبَائِعُ (مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ) لِلْمُشْتَرِي (فَتَلِفَتْ) فِي يَدِهِ (فَكَإِتْلَافِهِ) لَهَا فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ كَالْمَبِيعِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَلَوْ أَبْدَلَ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ بِالصَّدَاقِ كَانَ أَوْلَى وَأَنْسَبَ (وَلَا يَضْمَنُ) الزَّوْجُ (مَنْفَعَةَ) الصَّدَاقِ وَإِنْ (اسْتَوْفَاهَا) بِرُكُوبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ اسْتِخْدَامٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ طَالَبَتْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ كَمَا فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ ضَمَانَهَا إذَا اسْتَوْفَاهَا أَوْ طَالَبَتْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ فَهِيَ كَالزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ تَسْلِيمِهَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا عَقْدُ الصَّدَاقِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ
[فَصْلٌ أَصْدَقَهَا فَاسِدًا كَأَنْ أَصْدَقَهَا حُرًّا أَوْ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا]
(فَصْلٌ) لَوْ (أَصْدَقَهَا) فَاسِدًا كَأَنْ أَصْدَقَهَا (حُرًّا أَوْ خَمْرًا) أَوْ مَغْصُوبًا (وَجَبَ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مُقَابِلِهِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ تَجِبُ قِيمَتُهُ.
(وَكَذَا) يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ (إذَا غَرَّهَا بِأَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ عَصِيرٌ) هَذَا فِي أَنْكِحَتِنَا أَمَّا أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فَكُلُّ مَا اعْتَقَدُوا صِحَّةَ صَدَاقِهِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ وَقَعَ رَجْعِيًّا عَدَمُ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي نَظِيرِهِ هُنَا فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ كَالْمُفَوِّضَةِ لَكِنْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ ثَمَّ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ الْمُعَاوَضَةُ فَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْعِوَضِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا هُنَا وَبِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْفُرْقَةُ وَهِيَ تَحْصُلُ غَالِبًا بِدُونِ عِوَضٍ
(الْحُكْمُ الثَّانِي التَّسْلِيمُ) لِلْمَهْرِ (فَلِكَبِيرَةِ) عَاقِلَةٍ (سَلَّمَتْ نَفْسَهَا) لِلزَّوْجِ (مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ) نَفْسِهِ أَوْ وَلِيَّهُ (بِالْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (صَغِيرًا) كَمَا فِي النَّفَقَةِ.
(وَلَهَا) أَيْ لِلْكَبِيرَةِ (حَبْسُ نَفْسِهَا حَتَّى يُسَلِّمَ) الزَّوْجُ (الْمَهْرَ) الْمُعَيَّنَ أَوْ الْحَالِّ كَالْبَائِعِ سَوَاءٌ أَخَّرَ تَسْلِيمَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَالْحَبْسُ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا أَوْ لِوَلِيِّهِ (لَا الْمُؤَجَّلِ وَلَوْ حَلَّ) قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَ الْحُلُولِ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالتَّأْجِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ (وَلِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ تَرْكُ الْحَبْسِ) لَهُمَا (لِلْمَصْلَحَةِ) فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُمَا حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ (وَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ بِأَنْ قَالَ لَا أُسَلِّمُ الْمَهْرَ حَتَّى تُسَلِّمِي نَفْسَك وَقَالَتْ لَا أُسَلِّمُهَا حَتَّى تُسَلِّمَهُ أُجْبِرَا بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أُمِرَ بِتَسْلِيمِهِ إلَى عَدْلٍ ثُمَّ أُمِرَتْ بِالتَّمْكِينِ) فَإِذَا مَكَّنَتْ سَلَّمَ الْعَدْلُ الْمَهْرَ إلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا الزَّوْجُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَةِ قَالَ الْإِمَامُ فَلَوْ هَمَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَتْ الْمَهْرَ فَامْتَنَعَتْ فَالْوَجْهُ اسْتِرْدَادُهُ وَاسْتَشْكَلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَسْلِيمَهُ إلَى عَدْلٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَائِبَهَا فَالْمُجْبِرُ الزَّوْجُ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ نَائِبُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ.
وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يَمْلِكُهُ الْغَرِيمُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَعَ كَوْنِهِ نَائِبَهَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ تَمْكِينِهَا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِإِجْبَارِ الزَّوْجِ فَإِنَّا إذَا أَجْبَرْنَاهُ أَطْلَقْنَا تَصَرُّفَهَا فِي الْمَأْخُوذِ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ وَأَجَابَ آخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ إلَخْ) امْتِنَاعُ اعْتِيَاضِ الزَّوْجَةِ عَنْ تَعْلِيمِ الصَّنْعَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ تَسْلِيمِهَا فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ وَفَارَقَ جَوَازَهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِشِدَّةِ الضَّعْفِ فِيهِ دُونَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لَيْسَ بِضَعِيفٍ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْمَبِيعِ وَكَأَنَّهُ بَاعَ عَرْضًا بِعَرْضٍ وَلَا ثَمَنَ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَيْعِ
[فَرْعٌ زَادَ الصَّدَاقُ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ]
(قَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِقَطْعِ الْعِصْمَةِ مَجَّانًا فَإِذَا قَابَلَهُ بِغَيْرِ مَقْصُودٍ فَقَدْ فَعَلَ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَوَلِيُّ النِّكَاحِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِإِخْلَاءِ عَقْدِهِ مِنْ إيجَابِهِ لِلصَّدَاقِ وَكَذَا مُوَلِّيَتُهُ مَا لَمْ تُفَوِّضْ فَفِي تَسْمِيَتِهِ غَيْرَ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ الْعَقْدُ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهَا لِانْتِفَاءِ تَفْوِيضِهَا
[الْحُكْمُ الثَّانِي التَّسْلِيمُ لِلْمَهْرِ]
(قَوْلُهُ فَلِكَبِيرَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ) شَمِلَ كَلَامُهُمْ الْمُتَحَيِّرَةَ.
(قَوْلُهُ وَالْحَبْسُ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا) وَلِوَلِيِّهِ فَإِنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً فَبِالنِّسْبَةِ إلَى حِصَّةِ الْبَعْضِ الرَّقِيقِ أَوْ أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي مَنْعِ سَيِّدِهَا خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَبَرُّعَاتِهَا (قَوْلُهُ لَا الْمُؤَجَّلُ وَلَوْ حَلَّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي التَّنَازُعِ بَعْدَ الْحُلُولِ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ أَمَّا لَوْ خَافَتْ فَوْتَ الْمَهْرِ أَوْ الْبَائِعُ فَوْتَ الثَّمَنِ فَلَا كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ كَانَا حَالَّيْنِ مِنْ الْأَصْلِ فَتَأَمَّلْهُ وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي كَلَامِهِمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَجْنُونَةٌ) أَيْ وَسَفِيهَةٌ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُمَا حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ) أَيْ الْحَالَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُ الْحَالَّ زِيَادَةٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَهِيَ تُفْهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ سُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَغَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَبَيْعِ مَالِهَا نَسِيئَةً حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ الرَّهْنُ وَالْإِشْهَادُ كَمَا ذُكِرَ هُنَا وَمُلَاءَةُ الزَّوْجِ وَهَلْ يَكْفِي الْكَفِيلُ عَنْ الرَّهْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَيَبْعُدُ جَوَازُ تَزْوِيجِهَا بِمُؤَجَّلٍ مِنْ مُعْسِرٍ وَتَسْلِيمُهَا إلَيْهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ الْبُضْعِ بِلَا عِوَضٍ وَإِذَا جَوَّزْنَاهُ فَهَلْ يَجُوزُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا حَالًّا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْأَجَلِ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ وَأَجَابَ بِأَنَّ نَائِبُهَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ الْعَدْلُ