وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (ثُمَّ) لَوْ لَمْ يَمُتْ فِي أَثْنَائِهِ كَأَنْ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الدَّمِ (لَا تَصِيرُ) بِفِعْلِهَا (فِي بَاقِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ (قَضَاءً) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا (وَإِنْ عَزَمَ) عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ (ثُمَّ نَامَ) مَعَ ظَنِّهِ فَوَاتَهَا أَوْ شَكِّهِ فِيهِ (حَتَّى فَاتَتْ) بَلْ أَوْ لَمْ تَفُتْ (عَصَى) لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ (لَا إنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ) فَلَا يَعْصِي بَلْ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِعُذْرِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ غَلَبَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ
(وَلَوْ أَدْرَكَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً لَا دُونَهَا فَالْكُلُّ أَدَاءٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» أَيْ مُؤَدَّاةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَدُونَهَا أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا (وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (عَنْ الْوَقْتِ يَأْثَمُ) لِحُرْمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً فِيمَا ذَكَرَ (لَا إنْ اتَّسَعَ) وَقْتُهَا وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً (فَطَوَّلَ) هَا بِقِرَاءَةٍ وَنَحْوِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ (وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فِيهِ) فَلَا يَأْثَمُ (وَلَا يُكْرَهُ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فِيهِ هُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَمَلَ إطْلَاقَهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّهُمْ قَرَّرُوا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ أَدَاءً إلَّا بِفِعْلِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي جَعَلُوهَا فِيهِ قَضَاءً بِفِعْلِ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَالْوَقْتُ يَسَعُهَا وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ إيقَاعِ رَكْعَةٍ وَدُونَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ الصِّدِّيقِ حِينَ طَوَّلَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالْعِبَادَةِ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ لَا يَمْنَعُ الْإِثْمَ كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ غَيْرُ مَلْحُوظٍ هُنَا لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ. اهـ. وَمَا عَزَاهُ لِفَتَاوَى الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ لَمْ أَرَهُ فِيهَا نَعَمْ فِيهَا الِاحْتِجَاجُ الْمَذْكُورُ لِأَمْرٍ آخَرَ
(فَصْلٌ وَتَعْجِيلُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ (أَفْضَلُ وَلَوْ عِشَاءً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: ٢٣٨] وَمِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا تَعْجِيلُهَا وَلِخَبَرِ «ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِخَبَرِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلزَّجْرِ» فَمُعَارَضٌ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ ظُهُورُ الْفَجْرِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ طُلُوعُهُ فَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِهِ عِنْدَ ظَنِّ طُلُوعِهِ قَالَ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ» فَجَوَابُهُ أَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ الْأَقْوَى دَلِيلًا تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ
(فَلَوْ اشْتَغَلَ بِالتَّهَيُّؤِ لَهَا) أَيْ لِلصَّلَاةِ (أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالدُّخُولِ فِيهَا) بِأَنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِهَا كَطُهْرٍ وَأَذَانٍ وَسِتْرٍ ثُمَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا تَصِيرُ فِي بَاقِيهِ قَضَاءً إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَفْسَدَهَا ثُمَّ فَعَلَهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَامَ مَعَ ظَنِّهِ فَوْتَهَا إلَخْ) فَإِنْ ظَنَّ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّهُ إنْ نَامَ اسْتَغْرَقَهُ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ قَالَ وَلَدُهُ تَاجُ الدِّينِ وَفِيهِ نَظَرٌ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ ع
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَدْرَكَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً إلَخْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ رَكْعَةٌ مُكَرَّرَةٌ فَاعْتُبِرَتْ (قَوْلُهُ إنَّمَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجُمُعَةَ تُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ لَا بِمَا دُونَهَا قَالَ الكوهكيلوني وَالْمُرَادُ بِالرَّكْعَةِ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ فَقَطْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى وُقُوعِ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ انْتَهَى.
مَا قَالَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ يَأْثَمُ) لَا تَخْرُجُ الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِهَا وُجُوبًا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْوُقُوفِ وَخَافَ فَوْتَ الْحَجِّ إنْ صَلَّى الْعِشَاءَ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً) أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَمْتَنِعُ تَطْوِيلُهَا إلَى مَا بَعْدَ وَقْتِهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي بَابِ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا أَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ فِيهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْفَرْضُ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فِي (قَوْلُهُ فَلَا يَأْثَمُ وَلَا يُكْرَهُ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كِدْت لَا تُسَلِّمُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَالَ لَهُ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ (قَوْلُهُ هُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ إيقَاعِ رَكْعَةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ إلَخْ) وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ حَيْثُ قَالَ إنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ هُوَ التَّقْصِيرُ وَعَدَمُهُ لَا إيقَاعُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى اعْتِبَارِ إيقَاعِ الرَّكْعَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا أَدَاءً قَالُوا بِالتَّحْرِيمِ وَإِيقَاعُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ شَرْطٌ لِكَوْنِهَا أَدَاءً لَا لِلْحِلِّ وَعَدَمِهِ وَالتَّقْصِيرُ وَعَدَمُهُ عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ إنْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً فِي الْوَقْتِ كَانَ مُؤَدِّيًا لِلْجَمِيعِ وَإِنْ صَلَّى أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ كَانَ قَاضِيًا لِلْجَمِيعِ.
(فُرُوعٌ) يُسْتَحَبُّ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى نَائِمًا أَمَامَ الْمُصَلِّينَ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى سَطْحٍ لَا إجَارَ لَهُ أَوْ نَامَ وَبَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ نَامَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ خَالِيًا فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ أَوْ نَامَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَلْقِيَةً وَوَجْهُهَا إلَى السَّمَاءِ أَوْ نَامَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ مُنْبَطِحًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ عَصَى النَّائِمُ بِالنَّوْمِ كَمَا إذَا نَامَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَهُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ
[فَصْلٌ أَفْضَلِيَّة تَعْجِيل الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: ٢٣٨] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨] وقَوْله تَعَالَى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣] وَالصَّلَاةُ مِنْ الْخَيْرَاتِ وَسَبَبُ الْمَغْفِرَةِ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ) أَيْ لِلَيْلَةٍ ثَالِثَةٍ ح (قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ ح (قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَقْوَى دَلِيلًا إلَخْ) .