للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِخَبَرِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَطِيعُوا، وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى فَلَوْ اخْتَلَتْ الشُّرُوطُ عِنْدَ الْعَهْدِ، وَكَمُلَتْ عِنْدَ مَوْتِ الْعَاهِدِ لَمْ يَصِحَّ الْعَهْدُ (، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ هَاشِمِيًّا) فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ (وَلَا مَعْصُومًا) بِاتِّفَاقِ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) قُرَشِيٌّ جَامِعٌ لِلشُّرُوطِ (فَمُنْتَسِبٌ إلَى كِنَانَةَ ثُمَّ) إلَى (إسْمَاعِيلَ) ، وَقَوْلُهُ (وَهُمْ) يَعْنِي أَوْلَادَهُ الشَّامِلِينَ لِكِنَانَةَ (الْعَرَبِ) مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ) إلَى (جُرْهُمَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِنْهُمْ تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ حِينَ أَنْزَلَهُ أَبُوهُ أَرْضَ مَكَّةَ (ثُمَّ) إلَى (إِسْحَاقَ ثُمَّ) إلَى (غَيْرِهِمْ) ، وَقِيلَ إذَا فُقِدَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلِيَ رَجُلٌ مِنْ الْعَجَمِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قُرَيْشٌ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ فَكَمَا قَالُوا إذَا فُقِدَ قُرَشِيٌّ وَلِيَ كِنَانِيٌّ هَلَّا قَالُوا إذَا فُقِدَ كِنَانِيٌّ وَلِيَ خُزَيْمِيٌّ، وَهَكَذَا يَرْتَقِي إلَى أَبٍ بَعْدَ أَبٍ حَتَّى يُنْتَهَى إلَى إسْمَاعِيلَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي فَمَا ذَكَرُوهُ مِثَالٌ يُقَاسُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْأَخِيرِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ فَوْقَ عَدْنَانَ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَا يُمْكِنُ حِفْظُ النَّسَبِ فِيهِ مِنْهُ إلَى إسْمَاعِيلَ.

(وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةَ النُّهُوضِ) كَالنَّقْصِ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ (وَ) أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ (نَظَرٌ لَا يُمَيِّزُ بِهِ الْأَشْخَاصَ، وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ ذَوْقٍ) وَشَمٍّ (وَلَا قَطْعِ ذَكَرٍ وَنَحْوِهِ) كَالْأُنْثَيَيْنِ (وَلَا يَضُرُّ عَشَا الْعَيْنِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْقَصْرِ (؛ لِأَنَّ عَجْزَهُ) عَنْ النَّظَرِ إنَّمَا هُوَ (حَالُ الِاسْتِرَاحَةِ) وَيُرْجَى زَوَالُهُ.

[مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِمَامَة]

(وَتَنْعَقِدُ) الْإِمَامَةُ (بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ الْأَوَّلُ الْبَيْعَةُ) كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (، وَلَا تَنْعَقِدُ) الْبَيْعَةُ (إلَّا بِعَقْدِ ذَوِي عَدَالَةٍ، وَعِلْمٍ وَرَأْيٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ) مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَسَائِرِ وُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ حُضُورُهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَنْتَظِمُ بِهِمْ وَيَتْبَعُهُمْ سَائِرُ النَّاسِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَالْأَصْقَاعِ بَلْ إذَا وَصَلَ الْخَبَرُ إلَى أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ لَزِمَهُمْ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُتَابَعَةُ (وَلَوْ كَانَ أَهْلُهُ) الْأَوْلَى أَهْلُهَا (وَاحِدًا يُطَاعُ كَفَى) فِي الْبَيْعَةِ.

(وَيُشْتَرَطُ) لِانْعِقَادِهَا (الْإِشْهَادُ) بِشَاهِدَيْنِ إنْ عَقَدَهَا وَاحِدٌ (لَا إنْ عَقَدَهَا جَمَاعَةٌ) كَذَا صَحَّحَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَأَصْلِهِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ إطْلَاقَ وَجْهَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ وَحَكَى بَعْدَ تَصْحِيحِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ أَصْحَابِنَا اشْتِرَاطَ حُضُورِ الشُّهُودِ لِئَلَّا يَدَّعِيَ عَقْدَ سَابِقٍ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَيْسَتْ دُونَ النِّكَاحِ. انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّفْصِيلِ فَإِمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْإِشْهَادُ فِي الشِّقَّيْنِ أَوْ لَا يُشْتَرَطَ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا.

الطَّرِيقُ (الثَّانِي اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ) لِغَيْرِهِ (وَلَوْ لِوَلَدِهِ) أَيْ جَعْلُهُ خَلِيفَةً بَعْدَهُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِقَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ مِنْ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ فِي الْحَالِ الَّتِي يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ أَنِّي اسْتَعْمَلْت عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَإِنْ بَرَّ، وَعَدَلَ فَذَلِكَ عِلْمِي بِهِ وَرَأْيِي فِيهِ، وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ فَلَا عِلْمَ لِي بِالْغَيْبِ، وَالْخَيْرَ أَرَدْت وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧] وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِمَامُ الْجَامِعُ لِلشُّرُوطِ فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِخْلَافِ الْجَاهِلِ وَالْفَاسِقِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ (بِشَرْطِ الْقَبُولِ) مِنْ الْخَلِيفَةِ (فِي حَيَاتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ، وَإِنْ تَرَاخَى عَنْ الِاسْتِخْلَافِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ. انْتَهَى. فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ حَيَاتِهِ رَجَعَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَى الْإِيصَاءِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَصْلَحَ) لِلْإِمَامَةِ أَيْ يَجْتَهِدَ فِيهِ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ وَاحِدٌ وَلَّاهُ.

(وَلَهُ جَعْلُهَا) أَيْ الْخِلَافَةَ (لِزَيْدٍ ثُمَّ بَعْدَهُ لِعَمْرٍو ثُمَّ) بَعْدَهُ (لِبَكْرٍ) ، وَتَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ عَلَى مَا رَتَّبَ كَمَا رَتَّبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَرَاءَ جَيْشِ مُؤْتَةَ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مُتَرَتِّبِينَ (وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ) ، وَلَمْ يُشَاوِرْ أَحَدًا (فَإِنْ جَعَلَهَا شُورَى) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بَعْدَهُ (تَعَيَّنَ مَنْ عَيَّنُوهُ) مِنْهُمْ (بَعْدَ مَوْتِهِ) كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (لَا قَبْلَهُ) فَلَا يَتَعَيَّنُ مَنْ عَيَّنُوهُ بَلْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُعَيِّنُوا أَحَدًا حِينَئِذٍ (إلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ خَافُوا الْفُرْقَةَ) أَيْ تَفَرُّقَ الْأَمْرِ وَانْتِشَارَهُ بَعْدَهُ (اسْتَأْذَنُوهُ) فَإِنْ أَذِنَ فَعَلُوهُ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّعْيِينُ) فِيمَا إذَا جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ بَلْ يَكُونُ الْأَمْرُ كَمَا لَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا شُورَى. (وَلَوْ أَوْصَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: لِخَبَرِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ قُرَشِيٌّ إلَخْ) ، قَالَ الْإِمَامُ لَوْ عُقِدَتْ لِغَيْرِ قُرَشِيٍّ لِلْعَدَمِ ثُمَّ نَشَأَ قُرَشِيٌّ بِالشُّرُوطِ فَإِنْ عَسُرَ خَلْعُ الْأَوَّلِ أُقِرَّ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ عِنْدِي تَسْلِيمُ الْأَمْرِ لِلْقُرَشِيِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَى جُرْهُمَ) هُمْ الَّذِينَ رَبَّوْا إسْمَاعِيلَ، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ

(قَوْلُهُ: وَالْأَصْقَاعُ) جَمْعُ صُقْعٍ، وَهُوَ النَّاحِيَةُ صِحَاحٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّفْصِيلِ إلَخْ) الْأَوْجَهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَلَدِهِ) أَوْ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِمَامُ الْجَامِعُ لِلشُّرُوطِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ) ، وَلَيْسَ هَذَا كَالْإِيصَاءِ، وَلَوْ شَبَّهَ بِالْإِيصَاءِ لِمَا كَانَ قَبُولُهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الْوِصَايَةِ.

(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مُتَرَتِّبِينَ) . فَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ فِي حَيَاةِ الْخَلِيفَةِ فَالْخِلَافَةُ لِلثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَلِلثَّالِثِ، وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَالثَّلَاثَةُ أَحْيَاءٌ وَانْتَصَبَ الْأَوَّلُ، وَأَرَادَ أَنْ يَعْهَدَ بِهَا إلَى غَيْرِ الْأَخِيرَيْنِ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَعْهَدْ إلَى أَحَدٍ فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَيْعَةِ مُبَايَعَةُ غَيْرِ الثَّانِي وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنُصَّ عَلَى مَنْ يَخْتَارُ خَلِيفَةً بَعْدَهُ، وَلَا يَصِحُّ اخْتِيَارُ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>