للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلَاقِ فَإِذَا طَلَّقَهُنَّ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، فَإِنْ رَاجَعَهُنَّ ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا، وَإِنْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ فَالْبَاقِيَاتُ عَلَى مُطَالَبَتِهِنَّ، وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ فِيهِنَّ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَقِيلَ لَا لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَخْصِيصِ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ وَبَحَثَ الْأَصْلُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهَا أَنَّهُ إنْ أَرَادَ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الِانْحِلَالِ وَإِلَّا فَلْيَكُنْ كَقَوْلِهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا حِنْثَ إلَّا بِوَطْءِ جَمِيعِهِنَّ، وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَقْعٍ لَا تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ فَالْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ وَمَتَى حَصَلَ فِيهَا حِنْثٌ حَصَلَ الِانْحِلَالُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُدْخِلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَدْخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ

(فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا أُجَامِعُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً أَوْ قَالَ عَشْرًا) أَوْ غَيْرَهَا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قَالَ (فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يَطَأَ الْعَدَدَ) الَّذِي اسْتَثْنَاهُ (وَيَبْقَى) مِنْ السَّنَةِ (فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَيَكُونُ مُولِيًا لِحُصُولِ الْحِنْثِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ لَوْ وَطِئَ (فَإِنْ بَقِيَ) مِنْهَا (دُونَهَا) الْأَوْلَى دُونَهُ (فَحَالَفَ) لَا مُولٍ (وَقَوْلُهُ يَوْمًا كَقَوْلِهِ مَرَّةً) هَذَا مُكَرَّرٌ (فَلَوْ مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ يُجَامِعْهَا فَلَا كَفَّارَةَ) لِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ الْوَطْءَ فِيهَا وَحَنِثَ فِيهَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ (لَكِنْ لَوْ أَوْلَجَ) فِي صُورَةٍ إلَّا مَرَّةً (ثُمَّ نَزَعَ، ثُمَّ أَوْلَجَ) ثَانِيًا (حَنِثَ بِالثَّالِثَةِ) مِنْ الْمَرَّتَيْنِ (لِأَنَّهُ وَطِئَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك (السَّنَةَ بِالتَّعْرِيفِ) إلَّا مَرَّةً أَوْ غَيْرَهَا (اقْتَضَى) السَّنَةَ (الْحَاضِرَةَ) فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ وَطْئِهِ الْعَدَدَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا (وَمَتَى قَالَ إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ

(فَصْلٌ) لَوْ (آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بِاَللَّهِ وَقَالَ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا) أَوْ أَنْت شَرِيكَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا (وَنَوَى) الْإِيلَاءَ (لَمْ يَلْحَقْ الثَّانِيَةَ) لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ إنَّمَا تَكُونُ بِاسْمِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ بِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَقَالَ أَرَدْت بِاَللَّهِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَأَشْرَكَ) مَعَهَا الثَّانِيَةَ (وَنَوَى) الظِّهَارَ مِنْهَا (لَحِقَهَا) تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الطَّلَاقِ عَلَى شَائِبَةِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ وَنَوَى مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ (، وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ بِطَلَاقِهَا) أَوْ بِعَتَاقٍ لَا بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَقَالَ) بَعْدَ قَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ نَحْوَهُ (أَرَدْت أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا أَصَبْتهمَا جَمِيعًا لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ إذْ لَا يَجُوزُ نَقْصُ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ إلَى أُخْرَى فَإِذَا وَطِئَ الْأُولَى طَلُقَتْ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) أَنَّ (طَلَاقَ الضَّرَّةِ) مُعَلَّقٌ (بِوَطْءِ الْأُولَى) أَيْضًا (طَلُقَتْ) كَالْأُولَى (بِوَطْئِهَا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْكِتَابَةِ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ بِوَطْءِ نَفْسِهَا) كَمَا فِي الْأُولَى (فَفِي هَذِهِ) الْحَالَةِ (تُشَارِكُهَا فِي الْإِيلَاءِ) لِصِحَّةِ التَّشْرِيكِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي تَعْلِيقِهِ، أَمَّا فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فَلَا تُشَارِكُهَا فِيهِ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت إنْ وَطِئْت الثَّانِيَةَ فَالْأُولَى طَالِقٌ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَ الْأُولَى بِوَطْءِ هَذِهِ وَعَلَّقَهُ بِوَطْءِ نَفْسِهَا فَتُشَارِكُهَا الثَّانِيَةُ فِي الْإِيلَاءِ أَيْضًا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ طَلَاقَهُمَا مُعَلَّقٌ بِوَطْئِهِمَا مَعًا لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ وَيُقْبَلُ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا حَتَّى يَطَأَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ قَبْلَ وَطْئِهَا عَلَى وَطْءِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهَا (وَهَكَذَا) أَيْ وَمِثْلُ التَّشْرِيكِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ (التَّشْرِيكُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوه، فَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ) مُشِيرًا إلَى امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى (وَأَرَادَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِدُخُولِهَا) أَيْ الْمُخَاطَبَةِ (لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى هَذِهِ أَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأُولَى (بِدُخُولِ نَفْسِهَا طَلُقَتَا جَمِيعًا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ الْأُولَى فِي الْأُولَى وَبِدُخُولِ نَفْسِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ مَا أَرَادَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ التَّعْلِيقِ

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْنَثْ يَمِينِي فِي يَمِينِك) مَعَ كَوْنِهِ (يُرِيدُ تَطْلِيقَ امْرَأَتِي بِطَلَاقِ امْرَأَتِك) أَيْ أَنَّهَا طَالِقٌ فِي الْأُولَى وَمُعَلَّقٌ طَلَاقُهَا فِي الثَّانِيَةِ كَامْرَأَتِك (اسْتَوَيَا) وُقُوعًا فِي الْأُولَى وَتَعْلِيقًا فِي الثَّانِيَةِ وَذِكْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ) قَالَ ذَلِكَ (قَبْلَ الْحَلِفِ) أَيْ حَلِفِ الْآخَرِ (لَغَا) إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى إذَا حَلَفَ صِرْت حَالِفًا فَلَا يَصِيرُ بِحَلِفِهِ حَالِفًا سَوَاءٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَالَ لِأَرْبَع وَاَللَّه لَا أُجَامِع مَعَ وَاحِدَة مِنْكُنَّ وَأَرَادَ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ]

قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَصْلُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهَا إلَخْ) يُؤَيِّدُ مَا بَحَثَهُ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَسْئُولَ بِكُلٍّ إذَا أَخَّرَ عَنْ النَّفْيِ يُفِيدُ سَلْبَ الْعُمُومِ لَا عُمُومَ السَّلْبِ وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَلَا أَطَأُ وَاحِدَةً حَيْثُ لَا إرَادَةَ فَتَسْوِيَةُ الْأَصْحَابِ حِينَئِذٍ فِي الْحُكْمِ بَعِيدَةٌ وَأَبْعَدُ مِنْهَا قَطْعُهُمْ بِهِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ هَذَا وَلَكِنْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَكْثَرُ لَا كُلِّيٌّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: ١٨] (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّف فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ مَعْنَاهُ وَاَللَّهِ لَأَتْرُكَنَّ وَطْءَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَطْءَ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ.

[فَصْلٌ حَلَفَ لَا أُجَامِعُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً]

(قَوْلُهُ هَذَا مُكَرَّرٌ) لَيْسَ بِمُكَرَّرٍ إذْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ يَوْمًا أَنَّ مُفَادَهُ كَمُفَادَةِ قَوْلِهِ مَرَّةً.

[فَصْلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بِاَللَّهِ وَقَالَ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى الْإِيلَاءَ]

(قَوْلُهُ طَلُقَتَا جَمِيعًا) قَالَ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْمَتْنِ صَالِحَةٌ لِلتَّوْزِيعِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ فَهِمَ أَنَّهُ عَلَى مَرْجُوعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>