للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهُوِيِّهِ غَيْرَ الرُّكُوعِ كَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ وَلَوْ رَكَعَ إمَامُهُ فَظَنَّ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ فَهَوَى لِذَلِكَ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ هَذَا عَنْ الرُّكُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ عَمَلًا بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ.

وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ الرُّكُوعِ (أَنْ يَنْحَنِي حَتَّى يَسْتَوِي ظَهْرُهُ وَعُنُقُهُ كَالصَّفِيحَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنْ تَرَكَهُ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَا يَثْنِي رُكْبَتَيْهِ) بَلْ يَنْصَبُ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ (وَيَأْخُذُهُمَا بِكَفَّيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ لِلْقِبْلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (مُتَفَرِّقَةً) تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَسَطِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ (وَيُجَافِي الرَّجُلُ مِرْفَقَيْهِ) عَنْ جَنْبَيْهِ وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى) بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَأَحْوَطُ لَهُ (فَيَبْتَدِئُ بِالتَّكْبِيرِ) لِرُكُوعِهِ (أَوَّلَ هُوِيِّهِ رَافِعًا يَدَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ) فِي رَفْعِهِمَا لِلتَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ (وَهُوَ قَائِمٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الرَّفْعَ هُنَا كَالرَّفْعِ لِلْإِحْرَامِ، وَأَنَّ الْهُوِيَّ مُقَارِنٌ لِلرَّفْعِ، وَالْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ لِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ قَائِمًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ رَفْعِهِ وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ حَالَ الِانْحِنَاءِ مُتَعَذِّرٌ، أَوْ مُتَعَسِّرٌ وَدَلِيلُ التَّكْبِيرِ، وَالرَّفْعِ فِيمَا ذُكِرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيَمُدُّهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ جَهْرًا (إلَى الِانْتِهَاءِ) أَيْ انْتِهَاءِ هُوِيِّهِ وَهَذَا يَجْرِي (فِيهِ وَفِي سَائِرِ) أَذْكَارِ (الِانْتِقَالَاتِ) فَيَمُدُّهَا إلَى الرُّكْنِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ وَلَوْ فَصَلَ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (لِئَلَّا يَخْلُوَ جُزْءٌ مِنْ) الصَّلَاةِ عَنْ (الذِّكْرِ) وَلَا نَظَرَ إلَى طُولِ الْمَدِّ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ يُنْدَبُ الْإِسْرَاعُ بِهِ لِئَلَّا تَزُولَ النِّيَّةُ كَمَا مَرَّ (وَيَقْتَصِرُ الْإِمَامُ) فِي الرُّكُوعِ (عَلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَتَخْفِيفًا عَنْ الْمَأْمُومِينَ وَهَذَا أَدْنَى الْكَمَالِ (وَيَأْتِي الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ مَنْ رَضِيَ) بِالتَّطْوِيلِ (بِبَاقِي الذِّكْرِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ) فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْتُ وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَأْتِي قَبْلَهُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ بِالتَّسْبِيحِ السَّابِقِ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ تِسْعًا أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ أَكْمَلُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي» أَيْ قَامَتْ بِهِ وَحَمَلَتْهُ وَمَعْنَاهُ جَمِيعُ جَسَدِي، وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ «لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» بَعْدَ قَوْلِهِ لَك تَأْكِيدٌ.

(وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ (وَفِي السُّجُودِ) بَلْ وَفِي سَائِرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ غَيْرَ الْقِيَامِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ، وَقَدْ قَالَ «عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ كَرَاهَتِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ، وَالثَّنَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ.

(وَالذِّكْرُ فِي مَوْضِعِهِ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ صَلَاةً كَانَ، أَوْ طَوَافًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ هُنَا كَبِيرُ جَدْوًى (وَإِلَّا قُطِعَ وَنَحْوُهُ) كَقَصِيرِ الْيَدَيْنِ (لَا يُوصِلُ يَدَيْهِ) فِي الرُّكُوعِ (رُكْبَتَيْهِ حِفْظًا لِهَيْئَةِ الرُّكُوعِ بَلْ يُرْسِلُهُمَا) إنْ لَمْ تَسْلَمَا مَعًا (أَوْ) يُرْسِلُ (وَاحِدَةً إنْ سَلِمَتْ الْأُخْرَى وَيَحْصُلُ الذِّكْرُ) فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ (بِتَسْبِيحَةٍ) وَاحِدَةٍ.

[الرُّكْنُ السَّابِعُ وَالثَّامِنُ الِاعْتِدَالُ وَطُمَأْنِينَتُهُ]

ُ) لِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» (وَلَيْسَ) الِاعْتِدَالُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ (بَلْ لِلْعَوْدِ إلَى مَا كَانَ) عَلَيْهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَإِنْ صَلَّى غَيْرَ قَائِمٍ وَلِهَذَا عُدَّ رُكْنًا قَصِيرًا (فَلَا يُطِيلُهُ) ، فَإِنْ أَطَالَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَيَطْمَئِنُّ) فِيهِ (كَمَا سَبَقَ) فِي الرُّكُوعِ بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ ارْتِفَاعُهُ عَنْ عَوْدِهِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ رَكَعَ) عَنْ قِيَامٍ (فَسَقَطَ) عَنْ رُكُوعِهِ (قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ) فِيهِ (عَادَ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

لَوْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَوَقَعَ لَهُ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ فَلَمَّا هَوَى عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا وَكَانَ قَدْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَتْ السُّنَّةُ مَقَامَ الْوَاجِبِ فَلَأَنْ يَقُومَ الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْلَى ر (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ) لَا وَجْهَ لَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَاَلَّذِي يَأْتِي حِينَئِذٍ عَدَمُ عَوْدِهِ لِلْقِيَامِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ الْإِمَامُ عَلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي رُكُوعِهِ وَقَالَ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى» ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ وَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] قَالَ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْأَعْلَى بِالسُّجُودِ أَنَّ الْأَعْلَى أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ بِخِلَافِ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى رُجْحَانِ مَعْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالسُّجُودُ فِي غَايَةِ التَّوَاضُعِ فَجُعِلَ الْأَبْلَغُ مَعَ الْأَبْلَغِ، وَالْمُطْلَقُ مَعَ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت» إلَخْ) إنَّمَا وَجَبَ الذِّكْرُ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ، وَالتَّشَهُّدِ، وَلَمْ يَجِبْ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ وَلِلْعَادَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرٍ يُخَلِّصُهُمَا لِلْعِبَادَةِ، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ خَالِصَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ هُمَا لَا يَقَعَانِ لِلْعَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ الذِّكْرُ فِيهِمَا قَالَ شَيْخُنَا قَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>