حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ حَالَةَ التَّصْنِيفِ قَالَ وَلَمْ أَظْفَرْ بِأَحَدٍ صَحَّحَ الْمَنْعَ إلَّا الْبَغَوِيّ بَعْدَ الْفَحْصِ الْبَلِيغِ وَالتَّتَبُّعِ الشَّدِيدِ. اهـ.
وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ (وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ لِنِصَابَيْنِ لِتَوَقُّعِ تَمَامِ النِّصَابِ الثَّانِي) وَلَوْ (بِنِتَاجٍ) كَأَنْ مَلَكَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ عَشْرًا (لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الثَّانِي) لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى النِّصَابِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَتَيْنِ (بِخِلَافِ رِبْحِ التِّجَارَةِ) كَأَنْ اشْتَرَى لَهَا عَرْضًا بِمِائَتَيْنِ وَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ فَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي أَرْبَعَمِائَةٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِآخِرِ الْحَوْلِ (وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ الْأُمَّهَاتِ) كَأَنْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَوَلَدَتْ أَرْبَعِينَ (فَتَمَاوَتَتْ لَمْ تَقَعْ عَنْ السِّخَالِ) لِأَنَّهُ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِهَا فَلَا تُجْزِئُهُ عَنْهَا (وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ) إنْ ظَنَّ حُصُولَ نِصَابٍ مِنْهُمَا (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) فِي الثِّمَارِ (وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ) فِي الزُّرُوعِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ ثَبَتَ إلَّا أَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يَجِبُ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا تُمْكِنُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الثِّمَارِ وَانْعِقَادِ الْحَبِّ وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ (وَ) يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا (فِي الْفِطْرَةِ بِدُخُولِ) شَهْرِ (رَمَضَانَ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ دُونَ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِمَا مَعًا كَزَكَاةِ الْمَالِ وَرَوَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ.
(فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ يَمِينٍ وَقَتْلٍ وَظِهَارٍ وَجِمَاعٍ) مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ صَائِمٍ فِي رَمَضَانَ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِجِمَاعٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَطَفَ الْأَصْلُ عَلَى الْكَفَّارَةِ جَزَاءَ الصَّيْدِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لَكِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِهِ (وَلَا) تُقَدَّمُ (فِدْيَةُ هَرَمٍ وَحَامِلٍ وَمَرَضٍ قَبْلَ رَمَضَانَ) وَكَالْهَرَمِ مَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَالْمَرِيضُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعُ أَمَّا تَقْدِيمُهَا فِي رَمَضَانَ فَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّوْمِ (وَلَا) تَقْدِيمَ (أُضْحِيَّةٌ وَمَنْذُورَةٌ) كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ (وَزَكَاةُ مَعْدِنٍ وَرِكَازٌ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ) فِي الْأُضْحِيَّةِ (وَوُجُودُ الشَّرْطِ) فِي الْمَنْذُورَةِ (وَالْحُصُولُ) لِلْمَقْصُودِ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَلَا تَقْدِيمُ دَمِ التَّمَتُّعِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَلَا دَمِ الْقِرَانِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالنُّسُكَيْنِ وَلَا دَمِ الْفَوَاتِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ فِي الْمَنْذُورِ ذَكَرَ فِي الْإِيمَانِ عَكْسَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَعْدِنِ مَحَلُّهُ فِي الْمَوَاتِ فَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ أَحْيَا أَرْضًا فَظَهَرَ فِيهَا مَعْدِنٌ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ تَبَعًا لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَبْوَابِهَا.
(فَصْلٌ شَرْطُ وُقُوعِ الْمُعَجَّلِ) فِي الْحَوْلِيِّ (زَكَاةُ بَقَاءِ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ أَهْلًا) لِاسْتِحْقَاقِهَا فِي الْأَوَّلِ وَلِوُجُوبِهَا فِي الثَّانِي (إلَى) تَمَامِ (الْحَوْلِ فَإِنْ مَاتَ الْقَابِضُ قَبْلَهُ) أَوْ ارْتَدَّ (أَوْ اسْتَغْنَى بِمَالٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَجَّلِ كَزَكَاةٍ أُخْرَى وَاجِبَةٍ أَوْ مُعَجَّلَةٍ أَخَذَهَا بَعْدَ الْأُولَى (أَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ بَاعَهُ) الْمَالِكُ وَلَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ وَالْأَوْلَى أَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ (لَمْ يُجْزِهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ الْوُجُوبِ (وَإِنْ عَرَضَ مَانِعٌ فِي الْقَابِضِ ثُمَّ زَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَضُرَّ) لِلْأَهْلِيَّةِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ حَيَاتَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
كَالْوَجْهَيْنِ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ قَالَ النَّاشِرِيُّ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَتَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي وَقْتِ الْأُولَى لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الثَّانِي) مِثْلُهُ مَا لَوْ مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً فَعَجَّلَ مِنْهَا شَاتَيْنِ ثُمَّ عَدِمَتْ سَخْلَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَفِي الْفِطْرَةِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ) لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ بَاعَهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُخْرِجُ فَانْتَقَلَ الْعَبْدُ إلَى وَارِثِهِ الْمُعَيَّنِ هَلْ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْهُ فِيهِ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ نَصَّ فِي زَكَاةِ الْمَالِ إذَا عَجَّلَهَا ثُمَّ مَاتَ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ وَرَثَتِهِ انْتَهَى سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ) وَلِأَنَّ تَقْدِيمَهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُخَالِفِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ.
[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ يَمِينٍ وَقَتْلٍ وَظِهَارٍ وَجِمَاعٍ مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ صَائِمٍ فِي رَمَضَانَ]
(قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ إلَخْ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا عَلَى الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْإِيمَانِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ فِي الْإِيمَانِ عَكْسَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بَقَاءُ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَبْقَى الْمَالُ وَأَهْلِيَّةُ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ وَصِفَةُ الْمَدْفُوعِ وَلَكِنْ تَجِبُ الزَّكَاةُ لِمَوْضِعٍ آخَرَ وَلِأَهْلِهِ لِحُصُولِ الْمَالِ بِهِ عِنْدَ الْحَوْلِ كَأَمْوَالِ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْأَسْفَارِ الَّذِينَ لَا تُقِرُّهُمْ دَارٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ انْتَهَى هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَعَلُّقَ لِمُسْتَحِقِّي الْبَلَدِ الْمَذْكُورَةِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَغْنَى بِمَالٍ آخَرَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ الْمُعَجَّلَةُ ثُمَّ حَصَلَ غِنَاهُ مِنْ زَكَاةٍ أُخْرَى وَنَمَتْ فِي يَدِهِ بِقَدْرِ مَا يُوفِي مِنْهَا بَدَلَ التَّالِفِ وَيَبْقَى غِنَاهُ وَبِمَا إذَا كَانَ حَالَ قَبْضِهِمَا مُحْتَاجًا إلَيْهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ يَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا وَهُمَا فِي يَدِهِ انْتَهَى قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي يَدِهِ أَوْ تَلِفَتْ وَكَانَ أَخْذُ بَدَلِهَا مِنْهُ لَا يُصَيِّرُهُ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ يُصَيِّرُهُ فَقِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ أَخْذُ الْبَدَلِ إلَى اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِ انْتَهَى قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ بِزَكَاةٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ افْتَقَرَ وَقَوْلُهُ قَالَ الْغَزِّيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَنَّاطِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَوْ غَابَ الْقَابِضُ عِنْدَ الْحَوْلِ وَشَكَكْنَا فِي حَيَاتِهِ فَهَلْ يَجُوزُ الْمُعَجَّلُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الْبَحْرِ الْإِجْزَاءَ وَفِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ إذَا غَابَ الْمِسْكِينُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَلَا نَدْرِي مِنْ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ وَفَقْرِهِ وَغِنَاهُ أَنَّ