للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبُولِهِ (مَا) مَرَّ (فِي الْوَكَالَةِ) فَيُكْتَفَى بِهِ (وَهَلْ) قَوْلُهُ (وَلَّيْتُكَ) كَذَا (بَعْدَ مَوْتِي كَأَوْصَيْتُ إلَيْكَ) أَيْ هَلْ تَنْعَقِدُ الْوِصَايَةُ بِلَفْظِ الْوِلَايَةِ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الِانْعِقَادَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ (وَلَوْ رَدَّ) الْوِصَايَةَ (أَوْ قَبِلَ) هَا (قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يُؤْثِرْ) كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ فَلَوْ قَبِلَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ أَوْ رَدَّ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ لَغَتْ (وَتَصِحُّ مُؤَقَّتَةً وَمُعَلَّقَةً كَأَوْصَيْتُ إلَيْكَ) إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ تَمُوتَ أَنْت (فَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ مِتَّ فَهُوَ الْوَصِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ وَالْأَخْطَارِ وَكَذَا التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ وَلِأَنَّ الْإِيصَاءَ كَالْإِمَارَةِ وَقَدْ «أَمَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدًا عَلَى سَرِيَّةٍ وَقَالَ إنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ وَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فِيهِ التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ فَهَلْ تَبْقَى وِلَايَةُ الْوَصِيِّ وَيَكُونُ الْمُرَادُ إنْ قَدِمَ أَهْلًا لِذَلِكَ أَوْ لَا وَتَكُونُ وِلَايَتُهُ مُغَيَّاةً بِذَلِكَ فَتَنْتَقِلُ إلَى الْحَاكِمِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْوَصِيَّةِ إلَى غَيْرِ الْمُتَأَهِّلَ لَهَا وَغَيْرِهِ.

(فَرْعٌ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ إلَيْك) أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي (فِي أَمْرِ أَطْفَالِي) وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ (فَلَهُ التَّصَرُّفُ) فِي الْمَالِ (وَالْحِفْظِ) لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى الْعُرْفِ (أَوْ) اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ (أَوْصَيْتُ إلَيْكَ) أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي (فَبَاطِلَةٌ) لِعَدَمِ بَيَانِ مَا بِهِ الْإِيصَاءُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ (وَتَصِحُّ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ النُّطْقِ) كَالْأَخْرَسِ دُونَ الْقَادِرِ عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ: الْوَصِيُّ فِي أَمْرٍ لَا يَتَعَدَّاهُ) عَمَلَا بِالْإِذْنِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ وَالْحَاكِمِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ أَمِينٌ فَلَا تَثْبُتُ أَمَانَتُهُ فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمَنِ فِيهِ كَالْمُودَعِ.

[فَرْعٌ أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ]

(فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ) وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ بَلْ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهِ أَوْ أَطْلَقَ كَأَنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ إلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَوْ إلَيْكُمَا (لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) بِالتَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ وَاحْتِيَاطًا فِي الثَّانِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا بِرَدِّ الْأَعْيَانِ لِمُسْتَحَقِّيهَا) كَالْمَغْصُوبِ وَالْوَدَائِعِ وَالْأَعْيَانِ الْمُوصَى بِهَا (وَقَضَاءِ دَيْنٍ مِنْ جِنْسِهِ) إنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ اسْتِقْلَالُ أَحَدِهِمَا وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمَدْفُوعَ يَقَعُ مَوْقِعَهُ (فَسَلَّمَ الرَّافِعِيُّ) وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى عَادَتِهِ فَسَلِمَ الْأَصْلُ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَدْفُوعُ (يَقَعُ الْمَوْقِعَ) فَلَا يُنْقَضُ (وَأَمَّا أَنَّهُ يُبَاحُ) لَهُ (ذَلِكَ فَلَمْ يَكَدْ يُسَلِّمُهُ) فَإِنَّهُ قَالَ أَمَّا جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَلَيْسَ بِبَيِّنٍ فَإِنَّهُمَا إنَّمَا يَتَصَرَّفَانِ بِالْوِصَايَةِ فَلْيَكُنْ بِحَسْبِهَا قَالَ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قُلْتُهُ.

(فَإِنْ قَالَ أَوْصَيْتُ إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَصِيِّي أَوْ أَنْتُمَا أَوْصِيَائِي) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَصِيَّايَ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ (وَلَوْ ضَعُفَ أَحَدُهُمَا) عَنْ التَّصَرُّفِ (انْفَرَدَ الْآخَرُ) بِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ فَسَقَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ (وَلِلْإِمَامِ نَصْبُ مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (يُعِينُ الْآخَرَ فَإِنْ تَعَيَّنَ اجْتِمَاعَهُمَا) عَلَى التَّصَرُّفِ (وَاسْتَقَلَّ أَحَدُهُمَا) بِهِ (لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ وَضَمِنَ مَا أَنْفَقَ) عَلَى الْأَوْلَادِ أَوْ غَيْرِهِمْ (وَعَلَى الْحَاكِمِ نَصْبُ آخَرَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ) أَوْ فَسَقَ أَوْ غَابَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْمَوْجُودِ (وَلَيْسَ لَهُ جَعْلُ الْآخَرِ مُسْتَقِلًّا) فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ اسْتِقْلَالَ مِنْ بَقِيَ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْصِبُ بَدَلَهُ بَلْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الثَّانِي كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ فِيمَا لَوْ شَرَطَهُ أَوْ لَا (وَلَوْ مَاتَا) مَثَلًا (جَمِيعًا لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاكِمُ (نَصَبَ اثْنَيْنِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) وَلَعَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِيهَا أَوْ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الِانْعِقَادَ) فَهُوَ صَرِيحٌ وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ: لَعَلَّ أَصَحَّهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ صَرِيحٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ) أَوْ يُفِيقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ يَبْلُغَ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ إنْ قَدِمَ أَهْلًا لِذَلِكَ) وَهُوَ الْأَقْرَبُ ع (قَوْلُهُ أَوْ لَا وَتَكُونُ وِلَايَتُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مُغَيَّاةٌ بِذَلِكَ) لَوْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَوْ بُلُوغِهِ اسْتَمَرَّتْ وِصَايَةُ الْوَصِيِّ وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ إلَى وَلَدِي إذَا بَلَغَا أَوْ إلَى زَيْدٍ ثُمَّ إلَى وَلَدِهِ الْمَجْنُونِ فَفِي صِحَّةِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا إنْ كَانَ عَاقِلًا عِنْدَ مَوْتَ أَبِيهِ تَبَيَّنَّا صِحَّتَهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ

[فَرْعٌ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ إلَيْك أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي أَمْرِ أَطْفَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ]

(قَوْلُهُ: فَرْعٌ أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَا وَاحِدًا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ عَامِلِينَ يَجْتَمِعَانِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ أَنَاطَ الْأَيْدِي بِالِاجْتِمَاعِ وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَوْثَقُ وَالْآخَرُ أَحْذَقُ (قَوْلُهُ وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَسَلَّمَ الرَّافِعِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَازَعُ حَقِيقَةً إذْ هُوَ الْمُنْشِئُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قُلْتُهُ) الْأَشْبَهُ بِالْجَوَابِ عِنْدِي فِي هَذَا وَغَيْرِهِ أَنْ يَنْزِلَ مَنْعُ الْوَصِيِّ الِاسْتِقْلَالَ عَلَى مَا يَظْهَرُ بِالِاجْتِمَاعِ فِيهِ أَثَرٌ دُونَ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِلِاجْتِمَاعِ فِيهِ أَثَرٌ فَيُقَالُ اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا أَوْ عَامًّا فَهُوَ مُقَيَّدٌ أَوْ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَعْنَى وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَظْهَرِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَتَنْزِيلًا لِلَّفْظِ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَا سَتَعْرِفُهُ فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاكُ فِي حِفْظِ الْمَالِ فِي التَّصْرِيحِ بِعَدِمِ الِاسْتِقْلَالِ م مَا يُدْخِلُهُ الِاجْتِهَادُ فَلَيَسَ لِأَحَدِهِمَا التَّفَرُّدُ بِهِ وَمَا لَمْ يَدْخُلْهُ مِمَّا لِلْمُوصَى لَهُ تَنَاوَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ؛ جَازَ لَهُ التَّفَرُّدُ بِهِ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَجْهًا وَغَيْرُهُ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْإِطْلَاقِ ز (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ) جَوَابُهُ أَنَّهَا فِي الْمَعْنَى كَالَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ فِي تَثْنِيَةِ الصِّفَةِ إشْعَارًا بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالصِّفَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ) أَيْ بِأَنْ رَدَّهَا (قَوْلُهُ أَوْ غَابَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ) بِأَنْ رَدَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>