للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي النِّكَاحِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مَرْفُوعًا نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ.

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ) وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ (وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمَجُوسِيَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ الْمَسِيسِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ (وَإِلَّا تَوَقَّفَتْ عَلَى) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ «امْرَأَةً أَسْلَمَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَسْلَمْت وَعَلِمْت بِإِسْلَامِيِّ فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَوْجِهَا الثَّانِي وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ» وَفِي مَعْنَى الْمَسِيسِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ إسْلَامِ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا.

(وَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ) وَلَوْ وَثَنِيًّا (وَالْمَرْأَةُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ فِيهَا الْأَمَةُ وَبِالْكِتَابِيَّةِ نَحْوُ الْوَثَنِيَّةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ «رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي صِفَةِ الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا كَمَا مَرَّ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي الْمَعِيَّةِ (بِآخِرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ (وَإِسْلَامُ أَبَوَيْ الزَّوْجَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَإِسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) فِيمَا ذُكِرَ وَكَالصَّغِيرَيْنِ الْمَجْنُونَانِ

(وَإِنْ أَسْلَمَتْ) الزَّوْجَةُ (الْبَالِغَةُ وَأَبُو زَوْجِهَا الطِّفْلِ مَعًا) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَالَ الْبَغَوِيّ بَطَلَ النِّكَاحُ لِتَرْتِيبِ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَدْ سَبَقَتْهُ) بِالْإِسْلَامِ.

(وَفِيهِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِهَا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحُوهُ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي تَقَدُّمُهَا فَيُتَّجَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الْفِقْهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَلَا يُحْكَمُ لِلطِّفْلِ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْخُوَارِزْمِيّ (قَالَ) الْبَغَوِيّ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الطِّفْلُ (بَطَلَ) النِّكَاحُ (أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ يَحْصُلُ حُكْمًا وَإِسْلَامُهَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ وَالْحُكْمِيُّ يَكُونُ سَابِقًا لِلْقَوْلِيِّ فَلَا يَتَحَقَّقُ إسْلَامُهُمَا مَعًا.

(فَرْعٌ وَطْءُ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا) عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ (حَرَامٌ) لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْوَطْءِ فِي عِدَّةِ الرِّدَّةِ (وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ مِنْهَا) فِي الْعِدَّةِ (مَوْقُوفٌ) كُلٌّ مِنْهَا (فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ إيقَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ صَرِيحَ التَّعْلِيقِ فَلَأَنْ يَقْبَلَ تَقْدِيرَهُ أَوْلَى وَتَعْتَدُّ لِلطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (فَلَا) وُقُوعَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ قَبْلَ إيقَاعِهِ (وَإِنْ قَذَفَهَا وَاجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ) الدَّفْعُ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ (وَإِلَّا فَلَا) يُلَاعِنُ (فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِتَخَلُّفِهِ هُوَ) بِالْإِسْلَامِ (حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ مُسْلِمَةٍ (أَوْ) بِتَخَلُّفِهَا (هِيَ عُزِّرَ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ كَافِرَةٍ.

(وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى وَثَنِيَّةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُخْتِهَا) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا (فِي الْعِدَّةِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَنْكِحْ فِي الْعِدَّةِ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ زَوَالَ نِكَاحِهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَا يَنْكِحُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا

(فَإِنْ نَكَحَ الْمُتَخَلِّفُ أُخْتَ الْمُسْلِمَةِ) الْكَافِرَةَ (فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَهَا فِي الْعِدَّةِ تَخَيَّرَ إحْدَاهُمَا) كَمَا لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ أَسْلَمَا (بَعْدَهَا اسْتَقَرَّتْ الْأُخْرَى) أَيْ الثَّانِيَةُ

[فَصْلٌ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ]

(فَصْلٌ وَإِنَّمَا نُقِرُّهُمَا) بَعْدَ إسْلَامِهِمَا (عَلَى نِكَاحٍ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا) وَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ (أَوْ قَارَنَهُ) مُفْسِدٌ عِنْدَنَا (وَاعْتَقَدُوهُ صَحِيحًا مُسْتَمِرًّا وَلَمْ يُقَارِنْ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعَ ابْتِدَاءَهُ) أَيْ النِّكَاحِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَدْ يَحْصُلُ النَّفْرَةُ وَهَلْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ مِنْ أَمْرِ وَلِيِّهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ وَهَلْ يَجُوزُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْ قَاضِيهِمْ وَهَلْ إذَا رَآهَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ الَّتِي أَلِفَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا هِيَ هَلْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَهَلْ يُكَلَّفُ الْإِتْيَانُ بِمَا يَأْلَفُونَهُ مِنْ قُوتِهِمْ كَالْعَظْمِ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ أَطْلَقُوا اسْمَ الْمُشْرِكِ عَلَى مَنْ لَمْ يُنْكِرْ إلَّا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ غَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا إلَخْ) لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ إسْلَامَهُ فِي عِدَّتِهَا فَقَالَتْ بَلْ بَعْدَهَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ انْقِضَائِهَا حَلَفَتْ أَوْ عَلَى وَقْتِ إسْلَامِهِ حَلَفَ هُوَ وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مُجَرَّدَ السَّبْقِ صُدِّقَ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى (قَوْلُهُ ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينَئِذٍ) قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْضُوعٌ لِقَطْعِ النِّكَاحِ فَكَمَا أَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَقْطَعُ النِّكَاحَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَكَذَا اخْتِلَافُ الدِّينِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ) أَيْ بِحَيْثُ يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ إلَخْ) وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِلتَّقَدُّمِ فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَالتَّأَخُّرِ فِي إسْلَامِ الْوَلَدِ بِالزَّمَانِ وَبِهِ يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِ الزَّوْجَةِ عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ

[فَرْعٌ وَطْءُ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ]

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نُقِرُّهُمَا عَلَى نِكَاحٍ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا) فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ الشُّهُودَ وَدَاوُد لَا يَشْتَرِطُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَارِنْ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ مُعْسِرٌ خَائِفٌ الْعَنَتَ ثُمَّ صَارَ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا قَادِرًا عَلَى طَوْلِ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِ خَائِفٍ الْعَنَتَ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ لِأَنَّهُ قَارَنَ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>