بِحُكْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ لِلْأَبِ أَنْ يُشْهِدَ أَيْضًا عَلَى رِضَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَعْتَبِرُ رِضَاهَا كَالثَّيِّبِ وَلَا يَعْتَبِرُ إحْضَارَ الشَّاهِدَيْنِ (بَلْ يَكْفِي سَمَاعُ النِّكَاحِ) أَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (دُونَ الصَّدَاقِ) مِنْ شَاهِدَيْنِ حَضَرَا
(وَلَوْ عَقَدَا) النِّكَاحَ (بِشَهَادَةِ خُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ صَحَّ) وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا؛ لِأَنَّ جَزْمَ النِّيَّةِ مُؤَثِّرٌ ثَمَّ وَبِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الزَّوْجَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الرُّكْنِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الرُّكْنِيَّةِ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةً ثُمَّ بَانَ خَطَؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ عَلَى أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الرِّبَا بِخِلَافِهِ وَمَا قَرَّرْته أَوْجَهُ مِمَّا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ كَالشَّاهِدِ
(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَهُمَا الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ أَوْ النَّائِبُ) عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَلَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ) نِكَاحَهَا (بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ) سَوَاءٌ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤] وَتَقَدَّمَ خَبَرُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقَوْله تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِعَضْلِهِ مَعْنًى (وَإِنْ وَكَّلَ ابْنَتَهُ) مَثَلًا (أَنْ تُوَكِّلَ) رَجُلًا فِي نِكَاحِهَا (لَا عَنْهَا) بَلْ عَنْهُ أَوْ أَطْلَقَ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهَا سَفِيرَةٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَتْ عَنْهَا وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ (وَإِذَا عُدِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ) أَيْ عُدِمَا مَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (فَوَلَّتْ) مَعَ خَاطِبِهَا (أَمْرَهَا) رَجُلًا (مُجْتَهِدًا) لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ.
(وَكَذَا) لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ (عَدْلًا) جَازَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَاشْتِرَاطُهُ كَالرَّوْضَةِ فِي ذَلِكَ عَدَمَ الْحَاكِمِ مَمْنُوعٌ فِي الْأُولَى فَسَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ جَوَازُ التَّحْكِيمِ فِي النِّكَاحِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ جَوَازُهُ سَفْرًا وَحَضَرًا مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَدُونَهُ. اهـ.
(فَرْعٌ لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ) كَأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِبُطْلَانِهِ (لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) دُونَ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثًا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ (الْحَدُّ) سَوَاءٌ أَصَدَرَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَمْ لَا لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ (وَ) لَكِنْ (يُعَزَّرُ بِهِ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ (وَلَوْ لَمْ يَطَأْ) فِي النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ (فَزُوِّجَتْ قَبْلَ التَّفْرِيقِ) بِأَنْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي (بَيْنَهُمَا فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْفِرَاشِ وَأَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَرْعٍ أَوَّلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مَعَ زِيَادَةِ قَيْدٍ (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَتَحَلَّلْ لَهُ) أَيْ لَا يَفْتَقِرُ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ لَهَا إلَى تَحَلُّلٍ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ) أَوْ بِبُطْلَانِهِ (حَاكِمٌ) يَرَاهُ (لَمْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَإِنْ اتَّهَمَهُ فِي إخْبَارِهِ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ) وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ بِبُطْلَانِهِ لِكَوْنِهِ رُكْنًا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ
[الرُّكْن الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ]
(مَبْحَثٌ الرُّكْنُ الرَّابِعُ) (قَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ) شَرَطَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا إلَخْ) الْمَرْأَةُ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إذَا اُبْتُلِينَا بِإِمَامَةِ امْرَأَةٍ أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِأَنَّهَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهَا الثَّانِيَةِ إذَا زُوِّجَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَارِ الْكُفْرِ وَفَرَّعْنَا عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ فَإِنَّهَا تُقَرِّرُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمَرْأَةِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا إلَّا فِي مِلْكِهَا أَوْ فِي سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ) يُؤَيِّدُهُ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ زَوَّجَ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رَامَ رَجْعَتَهَا فَحَلَفَ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا قَالَ فَفِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ زَادَ أَبُو دَاوُد فَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي وَأَنْكَحْتهَا إيَّاهُ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِنَصٍّ فِي الْمُخْتَصَرِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ إلَخْ) مُرَادُهُ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَأَمَّا هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي ع
[فَرْعٌ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِبُطْلَانِهِ]
(قَوْلُهُ لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) فِي الْحِلْيَةِ لِلرُّويَانِيِّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ فَاسِدًا وَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِ بِكْرٍ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا أَوْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ غَرِيبٌ لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَوَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ إتْلَافَ الْبَكَارَةِ مَا دُونَ فِيهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا» إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالْبُطْلَانِ وَأَكَّدَهُ بِالتَّكْرَارِ وَأَوْجَبَ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا لَوَجَبَ بِالْعَقْدِ وَنَقْلُ الْوِلَايَةِ إلَى السُّلْطَانِ عِنْدَ التَّشَاجُرِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ وَلِيَّةُ نَفْسِهَا لَكَانَتْ أَوْلَى