للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عَتَقَ الْأَبُ) بَعْدُ (لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مَوْلَاهُ) بَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْمَوْتِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَاءٌ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ مَعْنَى الِانْجِرَارِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لَمْ يَزَلْ فِي جَانِبِ الْأَبِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ مِنْ وَقْتِ عَتَقَ الْأَبُ عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ (فَإِنْ انْقَرَضَ مَوَالِي الْأَبِ بَعْد الِانْجِرَارِ إلَيْهِمْ) مِنْ مَوْلَى الْأُمِّ أَوْ مَوْلَى الْجَدِّ (لَمْ يَعُدْ إلَى مَنْ انْجَرَّ مِنْهُ) إلَيْهِمْ (بَلْ وَارِثُهُ) حِينَئِذٍ (بَيْتُ الْمَالِ) .

[فَرْعٌ أَعْتَقَ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ بِعَتِيقٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ]

(فَرْعٌ) لَوْ (أَعْتَقَ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ بِعَتِيقٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) وَقْتِ (الْعِتْقِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ) لَا لِمُعْتِقِ الْأَبِ (لِأَنَّهُ بَاشَرَ إعْتَاقَهُ بِإِعْتَاقِهَا) وَوَلَاءُ الْمُبَاشَرَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى وَلَاءِ السِّرَايَةِ (أَوْ) أَتَتْ بِهِ (لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَهُوَ لَا يَفْتَرِشُهَا فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ) أَيْضًا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِهِ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ حِينَئِذٍ (أَوْ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ يَفْتَرِشُهَا أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَهُوَ لَا يَفْتَرِشُهَا) أَوْ يَفْتَرِشُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (فَهُوَ لِمُعْتِقِ الْأَبِ) لِأَنَّا فِي الْأُولَى لَا نَعْلَمُ وُجُودَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالِافْتِرَاشُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِلْحُدُوثِ بَعْدَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُعْلَمُ حُدُوثُهُ لِزِيَادَةِ الْمُدَّةِ عَلَى أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ (أَوْ لِأَقَلَّ) مِنْ فَوْقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ أَتَتْ بِهِ فِي الْأُولَى لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي الثَّانِيَةِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ (فَلِمُعْتِقِ الْأُمِّ) الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِظُهُورِ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعِتْقِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ تَقْيِيدِهِ فِيهَا بِالْفَوْقِيَّةِ وَكِلَاهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ حَسَنٌ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ.

(وَمَنْ أَعْتَقَ مُزَوَّجَةً بِرَقِيقٍ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) وَقْتِ (عِتْقِهَا فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي أُمِّهِ) بِالْمُبَاشَرَةِ (وَلَا يَنْجَرُّ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ) إنْ أَعْتَقَهُ بَعْدُ (لِأَنَّ عِتْقَهُ مُبَاشَرَةٌ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) وَلَمْ تَكُنْ مُفَارِقَةً لِلزَّوْجِ وَكَانَ يَفْتَرِشُهَا فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ (ثُمَّ) إذَا (أَعْتَقَ الْأَبُ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ إلَى مُعْتِقِهِ) لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ وُجُودَهُ يَوْمَ عِتْقِ الْأُمِّ (فَإِنْ كَانَتْ مُفَارِقَةً وَوَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ) مِنْ السِّنِينَ (مِنْ الْفُرْقَةِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ) أَبَدًا (لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ أَوْ لِأَقَلَّ) مِمَّا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي الْأُولَى وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ (لَحِقَ الزَّوْجَ وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، فَإِذَا عَتَقَ الْأَبُ فَفِي الِانْجِرَارِ) إلَى مُعْتِقِهِ (قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ لَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِهِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَيَقَعُ عِتْقُهُ مُبَاشَرَةً وَالثَّانِي نَعَمْ وَيُجْعَلُ حَادِثًا وَيُفَارِقُ النَّسَبَ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْأَقَلِّ فِي الْأُولَى مَفْهُومٌ مِنْ تَقْيِيده قَبْلُ بِفَوْقِ وَكِلَاهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلْأَصْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مَسْأَلَتَيْ عِتْقِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِعَتِيقٍ مَنْ حَذَفَ فَوْقَ حَذَفَ أَكْثَرَ هُنَا.

(فَإِنْ نَفَاهُ الْأَبُ بِاللَّعَّانِ بَقِيَ الْوَلَاءُ لِمَوْلَى الْأُمِّ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ عَادَ) الْأَبُ (وَاسْتَلْحَقَهُ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ لَحِقَهُ وَاسْتَرَدَّ) مِنْ مَوْلَى الْأُمِّ (إرْثَهُ) فِيمَا إذَا اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (لِأَنَّهُ بَانَ أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُمْ) .

(وَإِنْ غُرَّ الزَّوْجُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ) فَنَكَحَهَا (فَأَوْلَدَهَا) بِظَنِّ أَنَّهَا حُرَّةٌ (ثُمَّ عَلَى) أَنَّهَا أَمَةٌ (فَأَوْلَدَهَا ثَانِيًا فَالثَّانِي رَقِيقٌ) وَالْأَوَّلُ حُرٌّ (فَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الثَّانِيَ (السَّيِّدُ مَعَ أُمِّهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَبَ انْجَرَّ وَلَاءُ الْأَوَّلِ) إلَى مُعْتِقِ الْأَبِ (لَا) وَلَاءِ (الثَّانِي لِمُبَاشَرَةِ السَّيِّدِ عِتْقَهُ) .

(فَإِنْ نَكَحَهَا عَالِمًا) بِأَنَّهَا أَمَةٌ (وَأَوْلَدَهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ فَأَوْلَدَهَا) ثَانِيًا (فَالثَّانِي حُرٌّ يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ) لِمُعْتِقِ الْأَبِ (وَالْأَوَّلُ رَقِيقٌ وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ) .

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْإِرْثُ وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ) فِي مَحَالِّهَا (وَكَذَا التَّقَدُّمُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) وَفِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ (فَيَرِثُهُ) أَيْ الْعَتِيقَ (الْمُعْتِقُ حَيْثُ لَا عَصَبَةَ) مَعَهُ مِنْ النَّسَبِ (يَأْخُذُ كُلَّ الْمَالِ أَوْ) يَأْخُذُ (مَا بَقِيَ) وَفِي نُسْخَةٍ يَبْقَى (بَعْدَ الْفُرُوضِ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَصَبَةٌ يَأْخُذُ ذَلِكَ لَمْ يَرِثْ (ثُمَّ) يَرِثُهُ (عَصَبَاتُهُ) الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ) ثُمَّ عَصَبَاتُهُ (وَهَكَذَا مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ مُعْتِقُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ) ، وَإِنْ عَلَا (لَا مُعْتِقُ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ) لَهُ.

(فَصْلٌ الْوَارِثُ بِوَلَاءِ الْعِتْقِ كُلُّ ذَكَرٍ يَكُونُ عَصَبَةً لِلْمُعْتِقِ لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ يَوْمَ مَوْتِ الْعَتِيقِ بِصِفَةِ الْعِتْقِ) مِنْ إسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ (فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَلِلْمُعْتِقِ أَوْلَادٌ أَوْ إخْوَةٌ وَرِثَهُ الذُّكُورُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْإِنَاثِ لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» إذْ النَّسَبُ إلَى الْعَصَبَةِ وَالْإِنَاثُ لَيْسُوا بِعَصَبَةٍ، وَقَدْ يَرِثْنَ بِهِ كَمَا قَالَ (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا) كَالرَّجُلِ لِخَبَرِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَلِأَنَّ «بِنْتًا لِحَمْزَةَ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً فَمَاتَتْ الْجَارِيَةُ عَنْ بِنْتٍ وَعَنْ الْمُعْتِقَةِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِصْفَ مِيرَاثِهَا لِلْبِنْتِ وَالنِّصْفَ لِلْمُعْتِقَةِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَهُوَ حَسَنٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ

(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَى عَصَبَتِهِ فِيمَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ فِيهِ مَعَ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا وَالْمُعْتِقُ حُرٌّ كَافِرٌ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ فَمِيرَاثُهُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>