للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرَانِ يَشْهَدَانِ بِإِخْوَةٍ بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهَا فِي الْحَالِ وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِمَا قَدْ يَتَنَاكَحَانِ بَعْدُ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقُولَا وَالْمُطَلِّقُ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِفَهْمِهِ مَعَ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ (وَتُسْمَعُ) الْبَيِّنَةُ (بِعِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) فَلَوْ جَاءَ عَبْدَانِ لِلْقَاضِي فَقَالَا إنَّ سَيِّدَنَا أَعْتَقَ أَحَدَنَا وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ سُمِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فَاسِدَةً لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعِتْقِ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى

(فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ وَلَوْ عُقِلَتْ إشَارَتُهُ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي الشَّهَادَةِ وَنَحْنُ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَيَكُونُ قَاضِيًا لَا إمَامًا تُعْقَدُ لَهُ) الْإِمَامَةُ لِأَنَّ النَّسَبَ شَرْطٌ فِي الْإِمَامَةِ بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ بِالشَّوْكَةِ وَقَوْلُهُ لَا إمَامًا تُعْقَدُ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هُنَا (وَ) تُقْبَلُ (شَهَادَةُ مَحْدُودٍ تَابَ) عَمَّا حُدَّ بِهِ

(فَصْلٌ التَّوْبَةُ) تَنْقَسِمُ إلَى تَوْبَةٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ وَإِلَى تَوْبَةٍ فِي الظَّاهِرِ وَهِيَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا عَوْدُ الشَّهَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ فَالتَّوْبَةُ (الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَعَلَ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ (وَيَتْرُكُهُ) فِي الْحَالِ (وَيَعْزِمُ) عَلَى (أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهِ وَأَنْ لَا يُغَرْغِرَ (وَأَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْمَظَالِمِ وَالزَّكَاةِ) الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ وَذَلِكَ بِأَنْ (يَرُدَّهَا) إلَى مُسْتَحِقِّهَا إنْ بَقِيَتْ (وَيَغْرَمُ) بَدَلَهَا (إنْ تَلِفَتْ أَوْ يَسْتَحِلُّ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ) لَهَا (أَوْ مِنْ وَارِثِهِ) فَيُبْرِئُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١٣٥] أَيْ نَدِمُوا وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا أَيْ عَزَمُوا أَنْ لَا يَعُودُوا عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ كَانَتْ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَسْتَحْلِلْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْمُسْتَحِقِّ وَعَطْفُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَظَالِمِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (وَ) أَنْ (يُعْلِمَهُ) بِهَا (إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مُسْتَحِقٌّ (أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ سَلَّمَهَا إلَى قَاضٍ أَمِينٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهَا) عَلَى الْفُقَرَاءِ (وَنَوَى الْغُرْمَ) لَهُ إنْ وَجَدَهُ (أَوْ يَتْرُكُهَا) عِنْدَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْكِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَمِينِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي الْمَصَالِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ.

(وَالْمُعْسِرُ يَنْوِي الْغُرْمَ) إذَا قَدَرَ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِهِ لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ (فَإِنَّ مَاتَ مُعْسِرًا طُولِبَ) فِي الْآخِرَةِ (إنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ) كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَوَاهِرُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ (وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ) أَنَّهُ (لَا مُطَالَبَةَ) فِيهَا إذْ لَا مَعْصِيَةَ مِنْهُ (وَالرَّجَاءُ فِي اللَّهِ تَعْوِيضُ الْخَصْمِ وَتُبَاحُ الِاسْتِدَانَةُ لِلْحَاجَةِ لَا فِي سَيْفٍ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي (إذَا رَجَا الْوَفَاءَ) مِنْ جِهَةٍ أَوْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ (وَمَنْ ارْتَكَبَ) مَا يُوجِبُ (حَدَّ اللَّهِ) تَعَالَى كَأَنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ (فَالْأَفْضَلُ) لَهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ (أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ) لِخَبَرِ «مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا» . . . السَّابِقِ فِي بَابِ الزِّنَا (فَإِنْ ثَبَتَ) عَلَيْهِ (فَاتَ السِّتْرُ وَأَتَى) حِينَئِذٍ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ (الْإِمَامَ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ) لَمْ يُعَبِّرْ الْأَصْلُ بِالثُّبُوتِ بَلْ بِالظُّهُورِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّهَادَةُ قَالَ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا إذَا اشْتَهَرَ بَيْنَ النَّاسِ (وَإِنْ كَانَ) مُوجَبُ مَا ارْتَكَبَهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الزَّوْجُ طَلَبَ عِشْرَتَهَا فَدَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ مُسَلَّمٌ ثُمَّ مَا قَالَ الْقَفَّالُ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ لَوْ قَالَ الْوَالِدُ خَطَبَ بِنْتِي فُلَانٌ وَبَيْنَهُمَا رَضَاعٌ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذَا يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ أَكَلَا لَمْ يُقْبَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقُولَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ]

(قَوْلُهُ وَنَحْنُ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ) بِخِلَافِ الْعُقُودِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ جِهَتِهِ إمَّا بِعَقْدِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ فَصَحَّحْنَاهَا لِلضَّرُورَةِ

[فَصْلٌ التَّوْبَةُ تَنْقَسِمُ إلَى تَوْبَةٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى]

(فَصْلٌ التَّوْبَةُ تَنْقَسِمُ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ) قَوْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ قَوْلِيَّةٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَعَلَ) لِخَبَرِ «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَابَ عَنْ مَعْصِيَةٍ مَالِيَّةٍ لِشُحِّهِ مَثَلًا أَوْ عَارٍ لَحِقَهُ أَوْ تَعَبِ بَدَنٍ (قَوْلُهُ وَيَعْزِمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَهْمَلَ شَرْطًا رَابِعًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَوْ عُوقِبَ عَلَى جَرِيمَةٍ فَنَدِمَ وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لِمَا حَلَّ بِهِ وَخَوْفًا مِنْ وُقُوعِ مِثْلِهِ لَمْ يَكْفِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْأُصُولِيُّونَ وَمَثَّلُوهُ بِمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ وَنَدِمَ لِكَوْنِهِ وَلَدَهُ أَوْ بَذَلَ شَحِيحٌ مَالًا فِي مَعْصِيَةٍ وَنَدِمَ لِلْغُرْمِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْإِيرَادُ عِنْدَنَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلَا تَوْبَةَ وَلَا عِبَادَةَ قُلْت هَذَا التَّوْجِيهُ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِاعْتِبَارِ الْإِيرَادِ غ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ فِيمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ مِثْلِ مَا قَدَّمَهُ فَلَا يَصِحُّ الْعَزْمُ مِنْ الْمَجْبُوبِ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا وَلَا مِنْ الْأَخْرَسِ وَمَقْطُوعِ اللِّسَانِ عَلَى تَرْكِ الْقَذْفِ وَتَوْبَةُ الْعَاجِزِ عَنْ الْعَزْمِ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُغَرْغِرَ) أَوْ يَصِلَ إلَى الِاضْطِرَارِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَنْ يَتُوبَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِنْ تَابَ بَعْدَهُ وَكَانَ مَجْنُونًا عِنْدَهُ أَوْ وُلِدَ بَعْدَهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُصِرًّا عَلَى الذَّنْبِ وَقْتَهُ وَأَنْ يَتُوبَ قَبْلَ الِاحْتِضَارِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ) مَا تَفَقَّهَهُ النَّوَوِيُّ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا جَزَمَ الْأَنْصَارِيُّ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ فَأَمَّا إذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ بِمَنْعِ وَحَبْسِ ظَالِمٍ لَهُ وَحُدُوثِ أَمْرٍ يَصُدُّهُ عَنْ التَّمَكُّنِ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى التَّسْلِيمِ إذَا تَمَكَّنَ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>