للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصِر الرَّوْضَةِ، فَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ تَصَرُّفِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَإِنْ سَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَى النَّفْسِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَعَلَى الْجَانِي الْقِيمَةُ لَلسَّيِّدِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ انْدَمَلَتْ وَالْجَانِي أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ الْمُكَاتَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ أَوْ السَّيِّدُ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ النُّجُومَ فَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ وَاتَّحَدَ الْحَقَّانِ جِنْسًا وَصِفَةً تَقَاصَّا وَأَخَذَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ الْفَضْلَ أَوْ اخْتَلَفَا أَخَذَ كُلٌّ حَقَّهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَخْذِ فِي الْحَالِ (فَإِنْ وَجَبَ لَهُ) عَلَى الْجَانِي (دِيَاتٌ) أَيْ أُرُوشٌ (لَمْ يَأْخُذْ) مِنْهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ (إلَّا قَدْرَ الدِّيَةِ) إنْ لَمْ يَنْقُصْ الْوَاجِبُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَسْرِي إلَى نَفْسِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَيَعُودُ الْوَاجِبُ إلَى الدِّيَةِ فَإِنْ نَقَصَ الْوَاجِبُ عَنْهَا أَخَذَ قَدْرَهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَسْرِي إلَى نَفْسِهِ فَيَعُودُ الْوَاجِبُ إلَى الْقِيمَةِ (فَإِنْ انْدَمَلَتْ الْجِرَاحَاتُ) بَعْدَ أَخْذِ ذَلِكَ (أَخَذَ الْبَاقِيَ) لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الضَّمَانِ بِحَالِ الِاسْتِقْرَارِ وَهَذَا آخِرُ التَّفْرِيعِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَخْذِ ذَلِكَ فِي الْحَالِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ مَتَى أَخَذَهُ أَخَذَهُ (لِنَفْسِهِ) لَا لِسَيِّدِهِ (وَلَوْ مِنْ السَّيِّدَانِ كَانَ هُوَ الْجَانِي بِخِلَافِ الْقِنِّ إذْ جَنَى عَلَيْهِ السَّيِّدُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ الْقِنُّ بِالسِّرَايَةِ (لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ مَضْمُومَةٌ بِخِلَافِ الْقِنِّ وَسَوَاءٌ عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (بِالتَّقَاصِّ أَمْ لَا) وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ أَوْ التَّقَاصِّ.

(وَإِنْ جَنَى) السَّيِّدُ (عَلَى طَرَفِ مُكَاتَبِهِ وَالْأَرْشُ كَالنُّجُومِ) قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً (عَتَقَ بِالتَّقَاصِّ، وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (جَنَى عَلَيْهِ) بَعْدَ عِتْقِهِ (ثَانِيًا) بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى حُرِّ (سَوَاءٌ عَلِمَ بِالتَّقَاصِّ أَمْ لَا) كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ كَانَ عَبْدًا فَعَتَقَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ (وَلَا يَمْنَعُ التَّقَاصَّ كَوْنُ الدِّيَةِ إبِلًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الِابْتِدَاءِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَبِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ (يَحْصُلُ التَّقَاصُّ) لِكَوْنِهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ (وَيَجِبُ الْفَاضِلُ مِنْ الْإِبِلِ) إنْ كَانَ فَاضِلٌ وَسَرَتْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَوْ بَطَلَ عَفْوُ الْمُكَاتَبِ) عَنْ الْمَالِ (ثُمَّ عَتَقَ) قَبْلَ أَخْذِهِ لَهُ (فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ الْمَالِ) لِأَنَّ عَفْوَهُ وَقَعَ لَاغِيًا.

(وَلَوْ اخْتَلَفَ مُكَاتَبٌ عَتَقَ وَالْجَانِي) عَلَيْهِ (فِي حُرِّيَّتِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ) عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ كُنْت حُرًّا عِنْدَ الْجِنَايَةِ، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ مُكَاتَبًا (صُدِّقَ الْجَانِي) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكِتَابَةِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ بِمَا ادَّعَاهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ دِيَاتٌ) أَيْ أُرُوشٌ (قَبْلَ عِتْقِهِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ) وَمَاتَ رَقِيقًا (وَسَقَطَتْ الدِّيَاتُ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ) . قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسِ الْمُكَاتَبِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَمَاتَ رَقِيقًا، ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ وَلَهُ أَكْسَابُهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ إلَّا بِالْإِرْثِ وَهَذَا مَا احْتَرَزَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَرْعِ جَنَى عَلَى طَرَفِ الْمُكَاتَبِ.

[فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْمُكَاتَبَة]

(فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ. وَإِنْ عَلَّقَ حُرِّيَّةَ مُكَاتَبِهِ بِعَجْزٍ) مِنْهُ عَنْ النُّجُومِ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ عَجَزَتْ عَنْ النُّجُومِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ (لَمْ يَعْتِقْ إلَّا إنْ عَجَزَ) عَنْهَا (وَعَجَّزَ نَفْسَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْحُلُولِ) لِلنُّجُومِ (فَإِنْ ادَّعَى الْعَجْزَ) عَنْهَا (وَلَهُ مَالٌ) يَفِي بِهَا (أَوْ) ادَّعَاهُ (قَبْلَ الْحُلُولِ) لَهَا (لَمْ يَعْتِقْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِهَا وَادَّعَى الْعَجْزَ بَعْدَ الْحُلُولِ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَجَّزَ نَفْسَهُ لَا دَلَالَةَ لِلَّفْظِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُضِرٌّ.

(وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِالدُّيُونِ) أَيْ دُيُونِ الْمُعَامَلَةِ (وَبِمَا لَهُ إنْشَاؤُهُ) كَبَيْعٍ (وَفِي قَبُولِ إقْرَارِهِ بِجِنَايَةٍ) تُوجِبُ قَدْرَ قِيمَتِهِ (فَمَا دُونَهَا) (لَا أَكْثَرَ) مِنْهَا (قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَثَانِيهمَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْعَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ وَالْمَنْصُوصُ الْقَبُولُ أَمَّا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ قَطْعًا (فَإِنْ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ) بِالْجِنَايَةِ (وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَالٌ بِيعَ) فِي دِيَتِهَا (وَإِلَّا فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَعَادَ رَقِيقًا) قُبِلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ (فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) فَتُبَاعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ فِي وَقْتٍ كَانَ إقْرَارُهُ مَقْبُولًا (أَوْ بِذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَجْزِ صَارَتْ رَقَبَتُهُ لِلسَّيِّدِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْعَجْزِ؟ (قَوْلَانِ) أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ.

(فَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِجِنَايَةٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ عَزَاهَا إلَى مَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ بِالْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ بِالْبَيْعِ (لَكِنْ لَوْ عَجَزَ) وَرَقَّ (لَزِمَ السَّيِّدُ إقْرَارَهُ، وَإِنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ تَصَرُّفِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَثَانِيهمَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ لَا يُقْبَلُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الرَّاجِحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>