للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ)

(إنَّمَا يُحْكَمُ بِوَاحِدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) لِلصَّوْمِ (لَا غَيْرِهِ) لِمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ إنَّهُ يَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ أَيْضًا شَهْرٌ نَذَرَ صَوْمَهُ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ مَا فِيهِ (ثُمَّ الشَّهَادَاتُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ) وَالْمَيْتَةِ (فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] وقَوْله تَعَالَى {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ١٣] وقَوْله تَعَالَى {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ «أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ» وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَبَائِحِ الشَّنِيعَةِ فَغُلِّظَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ (وَيَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (كَالْقَذْفِ بِرَجُلَيْنِ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ قَوْلٌ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَقْوَالِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرُوا) أَيْ شُهُودُ الزِّنَا (الْمَرْأَةَ) الزِّنَى بِهَا فَقَدْ يَظُنُّونَ وَطْءَ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ ابْنِهِ زِنًا (وَ) أَنْ يَذْكُرُوا (الزِّنَا) مُفَسَّرًا.

(وَيَقُولُونَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَيَقُولُونَ (رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ) مِنْهُ (فِي فَرْجِ فُلَانَةَ عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا) فَقَدْ يَظُنُّونَ الْمُفَاخَذَةَ زِنًا وَفِي الْخَبَرِ «زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ» بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمْ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ يَكْفِي إطْلَاقُهُمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ) الشَّاهِدُ بِذَلِكَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ نَحْوَهُ فِي فَرْجِهَا (كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ) وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ احْتِيَاطًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا ذِكْرَ مَكَانِ الزِّنَا وَزَمَانِهِ وَهُوَ مَا فِي التَّنْبِيهِ فِي الْمَكَانِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَرَأَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ وَجَبَ سُؤَالُ الْبَاقِينَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا (وَيَكْفِي) الشَّاهِدُ (فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَيَجُوزُ النَّظَرُ) مِنْهُ (إلَى الْفَرْجِ لِلشَّهَادَةِ) كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ

(الضَّرْبُ الثَّانِي فِيمَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ فَالْعُقُوبَاتُ) الَّتِي لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْآدَمِيِّ (كَالشُّرْبِ) أَيْ كَحَدِّهِ (وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالرِّدَّةِ) أَيْ الْقَتْلِ بِهَا (وَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) لَا بِغَيْرِهِمَا كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالنِّسْوَةِ (وَغَيْرُ الْعُقُوبَةِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَذَلِكَ (كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْإِعْسَارِ وَالْمَوْتِ وَالْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ عَلَى زَوْجِهَا (وَالْوَلَاءِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) بِالْأَشْهَرِ (وَجَرْحِ الشُّهُودِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ فِي الشَّهَادَاتُ]

الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ) (قَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ) كَهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ شَوَّالٍ (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ إنَّهُ يَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ أَيْضًا إلَخْ) فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِأَنَّهُ أَسْلَمَ لَمْ يَكْفِ فِي الْإِرْثِ وَالْحُرُمَاتِ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَفِي قَبُولِ وَاحِدٍ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِخَبَرِ الْعَوْنِ الْوَاحِدِ فِي امْتِنَاعِ الْخَصْمِ الْمُتَعَزِّزِ مِنْ الْحُضُورِ وَيُؤَدِّبُهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ لَوْثٌ وَالِاكْتِفَاءُ بِقَاسِمٍ وَاحِدٍ وَبِخَارِصٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ الْقِيَاسُ الْقَبُولُ غ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْقَبُولِ فِي ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ إلَّا التَّعْزِيرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ أَيْضًا وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا لَا عُقُوبَةَ فِيهِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَيُتَصَوَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَه أَمَتَهُ عَلَى الزِّنَا وَمِنْهَا إذَا قَذَفَهُ وَأَرَادَ نَفْيَ الْحَدِّ عَنْهُ وَمِنْهَا الْجَرْحُ وَكَذَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى زِنَاهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ قَوْلٌ) فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَقْوَالِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْمُعَايَنَةِ أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَتَحَتَّمُ حَدُّهُ بِخِلَافِ الْمُعَايِنِ (قَوْلُهُ وَرَأَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ وَجَبَ سُؤْلُ الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ سُؤَالُهُمْ عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إذَا لَمْ يَذْكُرُوهُ لَوَجَبَ سُؤَالُهُمْ عَنْ ثِيَابِهِ وَثِيَابِهِمْ وَعَنْ لَوْنِ الْمَزْنِيِّ بِهَا مِنْ سَوَادٍ أَوْ بَيَاضٍ وَعَنْ سِنِّهَا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ وَعَنْ قَدِّهَا مِنْ طُولٍ أَوْ قِصَرٍ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ مُوجِبٌ لِاخْتِلَافِ الشَّهَادَةِ فَيَتَنَاهَى إلَى مَا لَا يُحْصَى وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي السُّؤَالِ فَكَذَلِكَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذِكْرِهِ فَيَسْأَلَ الْبَاقُونَ عَنْهُ لِيَعْلَمَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ مُوَافَقَةٍ وَاخْتِلَافٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمَكَانِ وَلَا الزَّمَانِ وَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّهُودِ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي فِي أَيِّ زَمَانٍ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةً وَأَمَّا الْمَكَانُ فَفِي نِسْيَانِهِ أَبْعَدُ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ عُمَرُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَعْتَبِرْهُ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ. اهـ.

(الضَّرْبُ الثَّانِي) (قَوْلُهُ وَالطَّرَفِ) كَقَطْعِ الْيَدِ مِنْ السَّاعِدِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْكُوعِ وَالْجَرْحِ عَلَى الْفَرْجِ إنْ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ وَالْإِسْلَامِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ ادَّعَى الْإِسْلَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُفَّارِ قَبْلَ أَسْرِهِ وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْمُفَادَاةُ دُونَ نَفْيِ الْقَتْلِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِعْسَارِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ إعْسَارُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي يُسَلِّطُ السَّيِّدَ عَلَى فَسْخِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَوْتِ) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي كَوْنِ الْمَوْتِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا الرِّجَالُ وَقَالَ لَكِنْ الْمُدْرِكُ لِمَنْعِ الْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ فِيهِ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْأَمْوَالِ وَعُقُودِهَا وَحُقُوقِهَا قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْتِ مَا إذَا كَانَ بِقَتْلٍ مُوجِبٍ لِلْمَالِ كَمَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِأَنَّ فُلَانًا مَاتَ بِقَتْلِ فُلَانٍ لَهُ خَطَأً أَوْ بِقَتْلِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ بِقَتْلِ حُرٍّ عَبْدًا أَوْ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا أَوْ أَصْلِهِ لَهُ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْمَالِ بِسَبَبِ الْإِزْهَاقِ.

وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَوْتُ بِقَتْلٍ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ السَّلْبِ أَوْ كَانَ مَوْتَ حَيَوَانٍ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِ نَاطِقٍ تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةٌ وَقُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>