للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَضَعَهُ بِطَرَفِ حَانُوتِهِ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُخْرِجْ مِنْ الْمَوْضُوعِ شَيْئًا عَنْ طَرَفِ الْحَانُوتِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَتَاعِ الطَّوَافِ وَالْجَنَاحِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَوْلَى بِالتَّضْمِينِ.

(وَإِنْ تَعَدَّى) شَخْصٌ (بِإِسْنَادِ خَشَبَةٍ إلَى جِدَارٍ) لِغَيْرِهِ (فَسَقَطَ) عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْجِدَارَ (، وَمَا تَلِفَ بِهِ) ، وَإِنْ تَأَخَّرَ السُّقُوطُ عَنْ الْإِسْنَادِ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ الْغَصْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَطَارَ حَيْثُ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ طَيَرَانِهِ فِي الْحَالِ وَطَيَرَانِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ؛ لِأَنَّ الطَّائِرَ مُخْتَارٌ، وَالْجَمَادَ لَا اخْتِيَارَ لَهُ (أَوْ) أَسْنَدَهَا (إلَى جِدَارِهِ) أَوْ جِدَارِ غَيْرِهِ بِلَا تَعَدٍّ (فَسَقَطَ أَوْ مَالَ فِي الْحَالِ لَا بَعْدَ حِينٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ) كَمَا لَوْ أَسْقَطَ جِدَارًا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ أَوْ بَنَاهُ مَائِلًا ثُمَّ سَقَطَ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ حِينٍ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَالَ فِي الْحَالِ أَيْ ثُمَّ سَقَطَ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ حِينٍ، وَلَوْ حَذَفَ فِي الْحَالِ كَانَ أَخْصَرَ.

(وَمَنْ نَخَسَ دَابَّةَ رَجُلٍ) أَوْ ضَرَبَهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ) ، وَلَوْ مُغَافَصَةً (ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ بِسَبَبِ) ذَلِكَ (أَوْ بِإِذْنِهِ) ، وَلَوْ مُغَافَصَةً (ضَمِنَ الْمَالِكُ) مَا أَتْلَفَتْهُ وَذِكْرُ الْمَالِكِ مِثَالٌ، وَأَوْلَى مِنْهُ التَّعْبِيرُ بِالرَّاكِبِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَابِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ فَإِنَّهُ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ ثُمَّ، وَأَوْلَى مِنْهُمَا مَعًا التَّعْبِيرُ بِمَنْ هِيَ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مُغَافَصَةً (وَإِنْ اسْتَقْبَلَ دَابَّةً فَرَّتْ) مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ (فَرَدَّهَا) بِغَيْرِ إذْنِهِ (ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ فِي انْصِرَافِهَا) .

[فَرْعٌ قَرَصَ رَجُلًا حَامِلًا لِشَيْءٍ فَتَحَرَّكَ وَسَقَطَ مَا يَحْمِلُهُ]

(فَرْعٌ) لَوْ (قَرَصَ) أَوْ ضَرَبَ (رَجُلًا) حَامِلًا لِشَيْءٍ (فَتَحَرَّكَ وَسَقَطَ مَا يَحْمِلُهُ فَكَإِكْرَاهِهِ عَلَى إلْقَائِهِ) فَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَصَوَّرَ الْأَصْلُ الْمَحْمُولَ بِالرَّجُلِ، وَهُوَ مِثَالٌ وَلِهَذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ.

[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ مُوجِبَانِ لِلدِّيَةِ وَحُكْمُهُ]

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ) ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ (يُقَدَّمُ أَوَّلُهُمَا) فِي التَّلَفِ لَا فِي الْوُجُودِ (بِأَنْ وَضَعَ) شَخْصٌ (حَجَرًا) مَثَلًا (فَعَثَرَ بِهَا رَجُلٌ) كَأَنَّهُ يَرَى تَأْنِيثَ الْحَجَرِ وَتَذْكِيرَهُ فَإِنَّهُ أَنَّثَهُ هُنَا وَذَكَّرَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَالْمَعْرُوفُ تَذْكِيرُهُ (فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا آخَرُ) حَالَةَ كَوْنِهِمَا (مُتَعَدِّيَيْنِ) فَهَلَكَ (ضَمِنَ الْوَاضِعُ) إذْ التَّلَفُ يُضَافُ إلَى الْحَجَرِ لِكَوْنِهِ الْمُلْجِئَ إلَى الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى الْوَاضِعُ فَقَطْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ.

(فَإِنْ تَعَدَّى الْحَافِرُ) فَقَطْ (وَوَضَعَ الْآخَرُ الْحَجَرَ فِي مِلْكِهِ) أَوْ نَحْوِهِ (فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتَعَدِّي) لِتَعَدِّيهِ (فَإِنْ وَضَعَهَا) أَيْ الْحَجَرَ (سَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ) كَسَبُعٍ وَحَرْبِيٍّ فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَهَلَكَ (لَمْ يَضْمَنْ الْمُتَعَدِّي بِالْحَفْرِ) كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ السَّبْعُ أَوْ الْحَرْبِيُّ فِي الْبِئْرِ (وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ هَذَا فِي وَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِهِ) وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْأَصْلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَافِرَ لَوْ كَانَ مَالِكًا لِلْبِئْرِ، وَنَصَبَ غَيْرُهُ فِيهَا سِكِّينًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَجَرَحَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ مَسْأَلَةِ وَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِهِ، وَمَسْأَلَةِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْوَضْعَ فِي الْأُولَى فِعْلُ مَنْ يَقْبَلُ الضَّمَانَ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَعَدِّي بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ فَاعِلَهُ لَيْسَ مُتَهَيِّئًا لِلضَّمَانِ أَصْلًا فَسَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ. انْتَهَى. وَأَمَّا الْمُسْتَدَلُّ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَقْعُ فِي الْبِئْرِ مُتَعَدِّيًا بِمُرُورِهِ أَوْ كَانَ النَّاصِبُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ (، وَلَا يَضْمَنُ نَاصِبُ سِكِّينٍ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا) جِرَاحَةً (مَنْ سَقَطَ) فِيهَا (فَجَرَحَتْهُ) السِّكِّينُ (بَلْ يَضْمَنُهَا الْحَافِرُ) ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ هُوَ الْمُلْجِئُ لَهُ إلَى السُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ (فَإِنْ كَانَ الْحَافِرُ مَالِكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا) أَمَّا الْمَالِكُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلِأَنَّ السُّقُوطَ فِي الْبِئْرِ هُوَ الَّذِي أَفْضَى إلَى السُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ فَكَانَ الْحَافِرُ كَالْمُبَاشِرِ وَالْآخَرُ كَالْمُتَسَبِّبِ بَلْ هُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ عَلَى مَا قَدَّمْته (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَأَلْقَى رَجُلٌ رَجُلًا عَلَيْهَا) فَهَلَكَ (ضَمِنَ) هـ الْمُلْقِي (لَا صَاحِبُ السِّكِّينِ؛ لِأَنَّهُ تَلَقَّاهُ بِهَا) فَيَضْمَنُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: لَوْ وَقَعَا عَلَى بِئْرٍ دَفَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَ فَمَاتَا فَإِنْ جَذَبَهُ طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ، وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ فَهُوَ مَضْمُونٌ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَذَبَهُ لَا لِذَلِكَ بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ، وَلَا طَرِيقَ إلَى خَلَاصِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ تَجَرَّحَا وَمَاتَا.

(فَرْعٌ: يَتَنَاصَفُ الضَّمَانَ حَافِرٌ، وَمُعَمِّقٌ) لِبِئْرٍ بِأَنْ حَفَرَهَا وَاحِدٌ ثُمَّ عَمَّقَهَا آخَرُ (وَلَوْ تَفَاضَلَا) فِي الْحَفْرِ كَأَنْ حَفَرَ أَحَدُهُمَا ذِرَاعًا وَالْآخَرُ ذِرَاعَيْنِ كَالْجِرَاحَاتِ (وَلَوْ طَمَّتْ بِئْرٌ حُفِرَتْ عُدْوَانًا فَنَبَشَهَا آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) لِانْقِطَاعِ أَثَرِ الْحَفْرِ الْأَوَّلِ بِالطَّمِّ سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّامُّ الْحَافِرَ أَمْ غَيْرَهُ فَعِبَارَتُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ، وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَمَّهَا.

[فَصْلٌ عَثَرَ بِحَجَرٍ وُضِعَ عُدْوَانًا فَدَحْرَجَهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا]

(فَصْلٌ) لَوْ (عَثَرَ بِحَجَرٍ وُضِعَ عُدْوَانًا فَدَحْرَجَهُ فَأَتْلَفَ) شَيْئًا (انْتَقَلَ الضَّمَانُ) مِنْ الْوَاضِعِ (إلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِالتَّضْمِينِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ) (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ أَوَّلُهُمَا فِي التَّلَفِ) لَا فِي الْوُجُودِ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْحَفْرِ عَلَى الْوَضْعِ، وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْوَاضِعُ) جَعَلُوا الْوَاضِعَ كَالدَّافِعِ فَوَضْعُهُ الْحَجَرَ فِي مَحَلِّ الْعُدْوَانِ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ فِيهِ، وَلَوْ وُجِدَ ذَلِكَ لَاقْتَضَى الْإِحَالَةَ عَلَى الدَّافِعِ جَزْمًا فَكَذَا مَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ، وَقِيلَ لَمَّا كَانَ الْحَفْرُ شَرْطًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ، وَإِنْ كَانَ لَوْلَاهُ لَمْ يَحْصُلْ الْإِتْلَافُ (فَرْعٌ) ، وَقَعَ عَبْدٌ فِي بِئْرٍ فَجَاءَ آخَرُ فَأَرْسَلَ لَهُ حَبْلًا فَشَدَّهُ الْعَبْدُ فِي وَسَطِهِ، وَجَرَّهُ الرَّجُلُ فَسَقَطَ الْعَبْدُ فَهَلَكَ، قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ مَسْأَلَةِ وَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِهِ، وَمَسْأَلَةِ السَّيْلِ إلَخْ) نَعَمْ تُشْكَلُ مَسْأَلَةُ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ بَرَزَتْ بَقْلَةٌ فِي الْأَرْضِ فَتَعَثَّرَ بِهَا مَارٌّ وَسَقَطَ عَلَى حَدِيدَةٍ مَنْصُوبَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْبَقْلَةَ بَعِيدَةُ التَّأْثِيرِ فِي الْقَتْلِ فَزَالَ أَثَرُهَا بِخِلَافِ الْحَجَرِ ش.

[فَرْعٌ وَقَعَا عَلَى بِئْرٍ دَفَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَ فَمَاتَا]

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مَضْمُونٌ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) سَيَأْتِي فِي فَصْلِ لَوْ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ضَعْفُ هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّهُمَا ضَامِنَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِلْآخَرِ إلَخْ) قُلْت وَكَذَا يَضْمَنُ فِيمَا يَظْهَرُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَوْ جَذَبَهُ لِإِتْلَافِهِ، وَكَانَ طَرِيقًا إلَى خَلَاصِ نَفْسِهِ، وَإِنْ اقْتَضَى التَّعْلِيلُ خِلَافَهُ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>