للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّسَبُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ عَلَى إمْكَانِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الطَّلَاقِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ لِبُعْدِ سَبْقِ الْمَاءِ بِهِ إلَى الرَّحِمِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ أَصْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ.

(وَيَثْبُتُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكُلُّ الْمُسَمَّى فِي) النِّكَاحِ (الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ

(وَلَهُ الِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ) كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِسَائِرِ بَدَنِهِمَا (لَا يَدِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون: ٦] إلَى قَوْلِهِ {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٧] وَهَذَا مِمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ

(وَالْعَزْلُ) وَهُوَ أَنْ يُنْزِلَ بَعْدَ الْجِمَاعِ خَارِجَ الْفَرْجِ (تَحَرُّزًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ) وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ قَبْلَهُ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.

وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا فِي كُلِّ حَالٍ وَخَرَجَ بِالتَّحَرُّزِ عَنْ الْوَلَدِ مَا لَوْ عَنَّ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ ذَكَرَهُ قُرْبَ الْإِنْزَالِ لَا لِلتَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعَزْلَ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا» وَبِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ الْفَيْئَةِ وَالْعُنَّةِ

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْوَاطِئِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَ ثَانِيًا (أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ الْفَرْجَ بَيْنَ الْوَطْأَتَيْنِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ (وَيَبْعُدُ حِلُّهُ) أَيْ تَصَوُّرُ حِلِّ إيقَاعِ الْوَطْأَتَيْنِ (فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ) لِأَنَّ الْقَسْمَ وَاجِبٌ لَهُنَّ وَلَا يَجُوزُ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ يَأْتِيَ الْأُخْرَى إلَّا بِإِذْنِهَا وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى إذْنِهِنَّ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُنَّ كَالْإِمَاءِ.

وَفِي قَوْلِهِ وَيَبْعُدُ حِلُّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ حِلُّهُ كَأَنْ وَطِئَ وَاحِدَةً آخِرَ نَوْبَتِهَا ثُمَّ الثَّانِيَةَ أَوَّلَ نَوْبَتِهَا أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى وَوَطْئِهِ لَهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ (وَيُبَاحُ) ذَلِكَ (فِي الْإِمَاءِ) وَلَوْ مَعَ زَوْجَةٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَسْمِ لَهُنَّ

(وَيُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ بِحَضْرَةِ أُخْرَى) فَإِنَّهُ دَنَاءَةٌ (وَأَنْ يَذْكُرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَذَا أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ هُنَا وَفِي الشَّهَادَاتِ لَكِنْ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْجِمَاعِ فَيُكْرَهُ ذِكْرُهُ إلَّا لِفَائِدَةٍ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى خِلَافِهِ.

(وَيُسَنُّ مُلَاعَبَةُ الزَّوْجَةِ) إينَاسًا وَتَلَطُّفًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» (إنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً) مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ خَافَهَا لَمْ يُسَنَّ بَلْ قَدْ يُمْتَنَعُ (و) يُسَنُّ لَهُ (أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا) فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا وَيُحَصِّنَهَا وَأَدْنَى الدَّرَجَاتِ أَنْ لَا يَتْرُكَهَا لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ (وَأَنْ لَا يُطِيلَ عَهْدَهَا بِالْجِمَاعِ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ (وَأَنْ يُجَامِعَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَدِمْت فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ» أَيْ ابْتَغِ الْوَلَدَ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَيُكْرَهُ الْجِمَاعُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ مِنْ الشَّهْرِ وَلَيْلَةِ نِصْفِهِ فَيُقَالُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ الْجِمَاعَ فِيهَا وَأَنَّهُ يُجَامِعُ وَيُكْرَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ لِئَلَّا يَنَامَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ (وَ) أَنْ (يُسَمِّيَ اللَّهَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْجِمَاعِ (وَيَدْعُوَ بِالْمَأْثُورِ) أَيْ بِالْمَنْقُولِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ.

(وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ (مَنْعُهُ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ جَائِزٍ) بِهَا (تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا) لِمَنْعِهَا حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِ بَدَنِهِ بِذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُكْرَهُ) لِلْمَرْأَةِ (أَنْ تَصِفَ لِزَوْجِهَا امْرَأَةً أُخْرَى لِغَيْرِ حَاجَةٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرُ الزَّوْجِ مِثْلُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ) (وَتَزْوِيجِهِ بِهَا و) وُجُوبِ (إعْفَافِهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ) بِعِدَّةِ مَا فِي التَّرْجَمَةِ (الْأَوَّلُ فِي وَطْئِهِ) لَهَا (فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَطْءُ جَارِيَةِ الِابْنِ) مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ إجْمَاعًا وَلِآيَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَلَا يَلْحَقُ بِالْوَطْءِ فِيهِ الْوَلَدُ فِي الْأَمَةِ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ خِلَافًا لِمَنْ صَحَّحَ هُنَا خِلَافَ ذَلِكَ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّهَايَةِ عَدَمُ اللُّحُوقِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى إلَخْ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ

(قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى) أَيْ أَوْ انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ يَطَأُ وَاحِدَةً فِي نَوْبَةِ الْأُخْرَى بِظَنِّهِ أَنَّهَا صَاحِبَةُ النَّوْبَةِ ثُمَّ يَطَأُ صَاحِبَةَ النَّوْبَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ وَدَارَ عَلَيْهِنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ وَاحِدَةٌ فَوَطِئَهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَى أُخْرَى عَقِبَ وَطْئِهَا فَوَطِئَهَا أَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ نَاشِزَاتٍ ثُمَّ وَطِئَهُنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ إلَخْ) كَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ يُشِيرُ إلَيْهِ

[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ وَتَزْوِيجِهِ بِهَا]

[الطَّرَف الْأَوَّلُ يَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَطْءُ جَارِيَةِ الِابْنِ]

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>