للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّفِيسَةُ الْمَأْلُوفَةُ كَالْعَبْدِ إنْ كَانَتْ لِلْخِدْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمَتُّعِ لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا قَالَ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَمْ أَرَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعَلَقَةَ فِيهَا كَالْعَلَقَةِ فِيهِ قُلْت، وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي حَاجَةِ النِّكَاحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ لِلْحَجِّ فِي الْأَصَحِّ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ فَيَلْزَمُهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا.

(فَرْعٌ حَاجَةُ) الشَّخْصِ (إلَى النِّكَاحِ وَلَوْ خَافَ الْعَنَتَ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْمَلَاذِّ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ (لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ لِخَائِفِهِ) أَيْ الْعَنَتِ (أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ نَاجِزَةٌ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي وَتَقْدِيمُ الْحَجِّ أَفْضَلُ لِغَيْرِ خَائِفِ الْعَنَتِ

(فَرْعٌ لَوْ ادَّخَرَ) أَيْ وَجَدَ (الْمُكْتَسِبُ كِفَايَةَ أَهْلِهِ) ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يَصْرِفُهُ إلَى الزَّادِ (وَكَانَ يَكْتَسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ وَالسَّفَرُ قَصِيرٌ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ) لِلنُّسُكِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِكَسْبِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ يَكْتَسِبُ كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ أَوْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا (فَلَا) يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ أَيَّامَ الْحَجِّ فِي الْأَوَّلِ وَلِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فِي الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ فِي الْحَضَرِ عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ لَهُ وَلِلْحَجِّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا إنْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أُلْزِمُوا بِهِ فِي السَّفَرِ فَفِي الْحَضَرِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَكَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ. اهـ. وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ فِي الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الِاكْتِسَابُ لِإِيفَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلِإِيجَابِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لِإِيفَائِهِ أَوْلَى، الْوَاجِبُ فِي الْقَصِيرِ إنَّمَا هُوَ الْحَجُّ لَا الِاكْتِسَابُ، وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْمُرَادَ فِي الطَّوِيلِ ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الْقَصِيرِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ غَالِبًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَأَيَّامُ الْحَجِّ سَبْعَةٌ أَوَّلُهَا بَعْدَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَآخِرُهَا بَعْدَ زَوَالِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْهُ وَقَضِيَّةُ تَحْدِيدِهَا بِالزَّوَالَيْنِ أَنَّهَا سِتَّةٌ لَكِنَّهُ اعْتَبَرَ فِيهَا تَمَامَ الطَّرَفَيْنِ تَغْلِيبًا فَعَدَّهَا سَبْعَةً وَاسْتَنْبَطَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ التَّعْلِيلِ بِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ فِيهَا أَنَّهَا سِتَّةٌ قَالَ: وَهِيَ أَيَّامُ الْحَجِّ مِنْ خُرُوجِ النَّاسِ غَالِبًا، وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّامِنِ إلَى آخِرِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ.

(وَالدَّيْنُ الْحَالُّ عَلَى) مَلِيءٍ (مُقِرٍّ أَوْ مُنْكِرٍ) وَ (عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِهِ (كَالْحَاصِلِ) مَعَهُ فَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ الطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ لِلْحَقِّ الظَّفَرُ بِشَرْطٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْحَاصِلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِالظَّفَرِ (وَ) الدَّيْنُ (الْمُؤَجَّلُ وَنَحْوُهُ) كَالْحَالِّ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مُنْكِرٍ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ (وَالْمَالُ الْمَوْجُودُ بَعْدَ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ كَالْمَعْدُومِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ، وَقَدْ يُجْعَلُ الْأَوَّلُ وَسِيلَةً إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَبِيعُ مَالَهُ مُؤَجَّلًا قَبْلَ وَقْتِ الْخُرُوجِ إذْ الْمَالُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: وَيُسَنُّ لِقَاصِدِ الْحَجِّ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِي طَرِيقِهِ فَإِنْ خَرَجَ بِنِيَّةِ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ فَحَجَّ وَاتَّجَرَ صَحَّ حَجُّهُ، وَسَقَطَ بِهِ عَنْهُ فَرْضُ الْحَجِّ وَلَكِنَّ ثَوَابَهُ دُونَ الْمُتَخَلِّي عَنْ التِّجَارَةِ

(الْأَمْرُ الثَّالِثُ الطَّرِيقُ فَيُشْتَرَطُ أَمْنٌ) فِيهِ، وَلَوْ ظَنًّا (لَائِقٌ) بِالسَّفَرِ، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِالْحَضَرِ (عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ) وَلَوْ يَسِيرًا فَلَوْ خَافَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ لِتَضَرُّرِهِ وَلِهَذَا جَازَ التَّحَلُّلُ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ كَالزَّمِنِ بِخِلَافِ مَنْ حَجَّ أَوَّلَ مَا تَمَكَّنَ فَأُحْصِرَ مِنْ الْقَوْمِ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

مَا يَلْحَقُهُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ

(قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ سِلَاحُ الْجُنْدِيِّ وَخَيْلُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا لِلْقِتَالِ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ حَاجَةُ الشَّخْصِ إلَى النِّكَاحِ وَلَوْ خَافَ الْعَنَتَ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ]

(قَوْلُهُ لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ لِخَائِفِهِ أَفْضَلُ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَلَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ وَذَلِكَ كَافٍ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا الشَّيْءُ لَا يَكُونُ مَطْلُوبَ الْفِعْلِ مَطْلُوبَ التَّرْكِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُ الْحَجِّ أَفْضَلُ لِغَيْرِ خَائِفِ الْعَنَتِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَ لِلنَّاسِ كَلَامًا فِيمَا لَوْ كَانَ لَا يَصْبِرُ عَنْ الْجِمَاعِ لِغِلْمَةٍ هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِصْحَابِ مَا يُسْتَمْتَعُ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْقَوْلُ بَعْدُ مُسْتَبْعَدٌ مَعَ اتِّجَاهِهِ. انْتَهَى وَمَا تَرَدَّدَ فِيهِ كَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ.

(قَوْلُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ بِكَسْبِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ اعْتِبَارُ تَيَسُّرِ الْكَسْبِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ خُرُوجِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ، وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّامِنِ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ كَانَ مَكِّيًّا وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ يَوْمًا مَا يَكْفِيهِ لِأَيَّامِ الْحَجِّ وَجَبَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ إلَخْ) نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ هُنَا فَقَالَ مَنْ حَبَسَهُ سُلْطَانٌ أَوْ عَدُوٌّ أَوْ غَيْرُهُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْحَجُّ وَكَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ قَادِرًا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَجَّ لَازِمٌ لَهُ يُقْضَى عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْمَرِيضِ، وَيَسْتَنِيبُ إنْ أَيِسَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْوُجُوبُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَقْضِي عَنْهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنُ هُوَ أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ. انْتَهَى ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ أَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ كَوْنِ الزَّوْجَةِ لَا تُحْرِمُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَخَّرَتْ لِمَنْعِ الزَّوْجِ وَمَاتَتْ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهَا، وَلَا تَعْصِي لِلْمَنْعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَمَكَّنَتْ قَبْلَ الزَّوْجِ فَتَعْصِي قَالَ: وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا. انْتَهَى، وَعَبَّرَ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا بِنَظِيرِ مَا عَبَّرَ بِهِ السُّبْكِيُّ هُنَا وَقَالَ صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ. انْتَهَى، وَفِي الْخَادِمِ قِيلَ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِطَاعَةِ الْمَرْأَةِ إذْنُ الزَّوْجِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ وَإِنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ مِنْ تَعْلِيقِهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا فِي الْأُمِّ وَمَا يَشْهَدُ لَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَالَ بَعْضُهُمْ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ فِي الْحَصْرِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفَرْضُ مُسْتَقِرًّا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الِاسْتِطَاعَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَصْرِ وَإِنْ كَانَ الْحَصْرُ خَاصًّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ فِي الْخَادِمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ إنَّ الزَّوْجَةَ إنْ لَمْ تَسْتَطِعْ إلَّا بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ إلَّا أَنْ يَرْضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>