للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ الْآتِي فِيمَا إذَا تَكَفَّلَ بِبَدَنِ الْحَيِّ فَمَاتَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيُطَالِبُونَ) أَيْ الْوَلِيَّ وَالْوَرَثَةَ (بِالْإِحْضَارِ) عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَاعْتِبَارُ إذْنِ الْوَرَثَةِ وَمُطَالَبَتُهُمْ بِالْإِحْضَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَدَخَلَ فِي الْوَرَثَةِ بَيْتُ الْمَالِ وَبَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ وَانْتَقَلَ مَالُهُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ إذْنِهِ وَمُطَالَبَتِهِ دُونَ وَلِيِّهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ إذْنُ وَلِيِّهِ لَا إذْنُهُ (فَرْعٌ) يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ مُعَيَّنًا كَمَا فِي ضَمَانِ الدَّيْنِ فَلَوْ (كَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ) مُبْهَمًا أَيْ بِبَدَنِهِ (لَمْ تَصِحَّ) كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنْ قُلْت كَفَّلَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: ٣٧] فَلِمَ عَدَّاهُ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِهِ قُلْت ذَاكَ بِمَعْنَى عَالٍ وَمَا هُنَا بِمَعْنَى ضَمِنَ وَالْتُزِمَ، وَاسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ مُؤَوَّلٌ فَإِنَّ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ إلَّا مُتَعَدِّيًا بِغَيْرِهِ

(فَصْلٌ يَصِحُّ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ) عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (كَمَغْصُوبٍ أَوْ مَبِيعٍ لَمْ يَقْبِضْ وَمُسْتَعَارٍ) كَمَا يَصِحُّ بِالْبَدَنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْمَالُ (وَيَبْرَأُ) الضَّامِنُ (بِرَدِّهَا) لِلْمَضْمُونِ لَهُ (وَكَذَا) يَبْرَأُ (بِتَلَفِهَا) فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الدَّيْنُ (وَلَوْ ضَمِنَ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْعَيْنِ (إنْ تَلِفَتْ لَمْ يَصِحَّ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْعَيْنِ بِتَلَفِهَا وَلِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقِيمَةِ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ ضَمَانِ الْعَيْنِ إذَا أَذِنَ فِيهِ وَاضِعُ الْيَدِ أَوْ كَانَ الضَّامِنُ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَلَوْ تَكَفَّلَ بِعَبْدٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ بِبَدَنِ الْحُرِّ وَبِسَائِرِ الْأَعْيَانِ السَّابِقَةِ (وَأَمَّا) الْعَيْنُ (غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ) عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (كَالْوَدِيعَةِ) وَالْوَصِيَّةِ وَالْمُؤَجَّرِ وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ (فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا) لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةِ الْعَيْنِ وَالرَّدِّ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَمِينِ التَّخْلِيَةُ فَقَطْ (وَلَا) يَصِحُّ (ضَمَانُ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ) لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ (وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ) أَيْ عُهْدَةِ الثَّمَنِ (وَالثَّمَنُ مُعَيَّنٌ) بَاقٍ بِيَدِ الْبَائِعِ (ضَمَانُ عَيْنٍ) وَتَعْبِيرِي بِعُهْدَةِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ بِعُهْدَةِ الْمَبِيعِ، وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ ضَمَانَ عَيْنٍ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ وَضَمَانُ ذِمَّةٍ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ وَإِذَا قَبَضَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ تَعَيَّنَ، وَلَا أَثَرَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فِي الْعَقْدِ قُلْت: بَلْ لَهُ أَثَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَيَّنِ فَالْمَضْمُونُ هُنَا رَدُّ الْعَيْنِ الْوَاجِبَةِ فِي الْعَقْد عَيْنًا حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا مَرَّ، وَالْمَضْمُونُ ثَمَّ مَالِيَّةُ الْعَيْنِ الَّتِي لَيْسَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهَا حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ، وَخَرَجَ الْمُقَابِلُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ تَفَقُّهًا (فَإِنْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ بَعْدَ تَلَفِهِ) أَيْ الثَّمَنِ بِيَدِ الْبَائِعِ (فَكَمَا) لَوْ كَانَ (فِي الذِّمَّةِ) وَضَمِنَ الْعُهْدَةَ فَيَكُونُ ضَمَانَ ذِمَّةٍ

(فَصْلٌ وَإِنْ عَيَّنَ) الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ (لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ) أَيْ لِتَسْلِيمِهِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ (مَكَانًا تَعَيَّنَ وَمَتَى أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى مَوْضِعِ الْعَقْدِ) كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِمَا، وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ مَوْضِعُ التَّكَفُّلِ كَاللُّجَّةِ أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْوَلِيُّ) فَلَوْ زَالَ الْحَجْرُ أَوْ انْعَزَلَ بَطَلَتْ مُطَالَبَتُهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ) اُعْتُبِرَ فِي الْمَطْلَبِ إذْنُ الْوَارِثِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: يُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ إذْنِ كُلِّ الْوَرَثَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَبَرُ إذْنُ الْوَلِيِّ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُ: إنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ أَبٍ وَزَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إذْنُ الْجَمِيعِ وَلَا يَكْفِي إذْنُ الْأَبِ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ فِي حِجْرِهِ لِسَفَهٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَنَّهُ يَكْفِي إذْنُ وَارِثٍ وَاحِدٍ فَقَطْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا مَاتَ، وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَصَامَ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ كَفَاهُ أَنْ يَصُومَ بِإِذْنِ قَرِيبٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَصِحُّ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمُ مُؤْنَةٌ رَدَّهَا (قَوْلُهُ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْأَصْحَابِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهَا إلَخْ) وَلَا تَصِحُّ بِإِحْضَارِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْصُوبَةِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي لَا مُؤْنَةَ لِرَدِّهَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ

[فَصْلٌ عَيَّنَ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ مَكَانًا تَعَيَّنَ إنْ كَانَ صَالِحًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَرَضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَالْجَزْمُ بِفَسَادِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ) الْفَرْقُ: أَنَّ وَضْعَ السَّلَمِ التَّأْجِيلُ، وَوَضْعُ الضَّمَانِ الْحُلُولُ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ وَذَاكَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَهَذَا بَابُ غَرَامَةٍ فَافْتَرَقَا وَيُشْتَرَطُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ، وَإِلَّا فَتَفْسُدُ الْكَفَالَةُ وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فِي الْكَفَالَةِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا كَانَ صَالِحًا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَوْضِعٍ فَإِنْ أَطْلَقَ فَسَدَتْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ ع (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ) لَوْ قَالَ: ضَمِنْت إحْضَارَهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ فَهَذَا قَدْ يَتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ مَا دَامَ طَلَبُهُ ثَابِتًا عَلَى الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ السَّدِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَأَنَّهُ يَكُونُ مُقْتَضَى التَّكْرِيرِ تَعْلِيقَ الضَّمَانِ عَلَى طَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَتَعْلِيقُ الضَّمَانِ بَاطِلٌ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الضَّمَانِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّكَرُّرِ وَعَدَمِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: ضَمِنْت إحْضَارَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>