للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيك وَهُوَ يَشْعُرُ بِرَغْبَتِهِ فِيهَا (وَوَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ لِلنَّاسِ) أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِلْأَجَانِبِ فَهُوَ كِنَايَةُ.

(وَكَذَا حَلَالُ اللَّهِ) أَوْ حِلُّ اللَّهِ (عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (وَلَوْ تَعَارَفُوهُ طَلَاقًا) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحُرُمُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ مَا فَعَلْت كَذَا (فَلَوْ حَلَفَ بِهِ وَلَهُ نِسَاءٌ فَحَنِثَ طَلُقَتْ إحْدَاهُنَّ) فَقَطْ (إنْ لَمْ يُرِدْ الْجَمِيعَ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (فَلْيُعَيِّنْهَا) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْجَمِيعَ وَقَعَ عَلَيْهِنَّ (وَكُلِي) أَيْ زَادَ الْفِرَاقِ (وَاشْرَبِي) أَيْ شَرَابَهُ (لَا قُومِي وَأَغْنَاك اللَّهُ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ إلَّا بِتَعَسُّفٍ كَأَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَك وَمَا أَحْسَنَ وَجْهَك وَتَعَالِي وَاقْرُبِي وَاغْزِلِي وَاقْعُدِي.

(وَالْعِتْقُ) أَيْ صَرَائِحُهُ (وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ) فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ كِنَايَاتٌ فِي الْعِتْقِ لِمَا بَيْنَ مِلْكَيْ النِّكَاحِ وَالْيَمِينِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ (لَا) قَوْلُهُ (اعْتَدَّ وَاسْتَبْرِئْ رَحِمَك) إنْ قَالَهُ (لِلْعَبْدِ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ (أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ) أَوْ نَحْوُهَا (فَكِنَايَةٌ) إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقُهَا وَقَعَ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِتْقُ يُحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ تَقَعْ سَوَاءٌ أَنَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ لَفْظَةِ مِنْك وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ وَلِهَذَا حَذَفَهَا الدَّارِمِيُّ (لَا اسْتَبْرِئِي رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ (وَالظِّهَارُ كِنَايَةٌ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ) فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ لِأَنَّهُ لَا نَفَاذَ لِلظِّهَارِ فِيهَا كَمَا لَا نَفَاذَ لِلطَّلَاقِ فِيهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الْعِتْقِ (لَا فِي الطَّلَاقِ) إذْ لَيْسَ الظِّهَارُ كِنَايَةً فِيهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ وَإِنْ احْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لِمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ إفَادَةِ التَّحْرِيمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَنْفِيذُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنْتِ حَرَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ نَفَذَ لِأَنَّ هَذَا صَرِيحُ اشْتِهَارٍ أَوْ مَا فِي الْقَاعِدَةِ صَرِيحٌ وَضْعًا عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا) (وَقَعَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنِّيَ عَنْهُ بِالْحَرَامِ (وَلَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ تَخَيَّرَ) وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارَ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا أَوْ الطَّلَاقَ أَوَّلًا وَكَانَ بَائِنًا فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الظِّهَارُ مَوْقُوفًا فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَالرَّجْعَةُ عَوْدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.

لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْأَصْلُ ذِكْرًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ تَعَاقُبِ الْبَيِّنَتَيْنِ مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَرْنِ النِّيَّةِ لِبَعْضِ اللَّفْظِ (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا) أَوْ فَرْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ رَأْسِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَكُلِي وَاشْرَبِي إلَخْ) وَكُلِي وَاشْرَبِي مِنْ كِيسِك فَإِنَّك قَدْ طَلُقْت.

(قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ) لَوْ وَكَّلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ زَوْجَهَا فِي عِتْقِهَا أَوْ عَكْسِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَعًا وَقَعَا وَيَصِيرُ كَإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ تَوَقَّفْت فِي كَوْنِ كَثِيرٍ مِنْهَا كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ لِلَّهِ وَيَا مَوْلَايَ وَيَا مَوْلَاتِي وَإِذَنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى إرَادَةِ الْغَالِبِ لَا أَنَّ كُلَّ كِنَايَةٍ هُنَاكَ كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ لَا أَعْتَدُّ وَاسْتَبْرِ رَحِمَك لِلْعَبْدِ) قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ تَقَنَّعْ أَوْ تَسَتَّرْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَاطَبُ بِهِ عَادَةً لِبُعْدِهِ عَنْ الْمُرَادِ وَلَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ فَوَجْهَانِ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مَوْطُوءَةً فَإِنْ كَانَتْ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً قَطْعًا وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالْخِنْزِيرِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ خِدْمَتُك عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَهُ تَجَرَّعِي وَذُوقِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُ دَوَامَ الْمِلْكِ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارُ لَفْظَةِ مِنْك) وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ إذَا حُذِفَ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ مَذْكُورًا وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى أَنْتِ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجَةِ إنْ وَقَوْلُ الزَّوْجِ طَلَّقْت نَفْسِي كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ وَقَصَدَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَيُعَيِّنُ.

[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا]

(فَصْلٌ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ هَذَا التَّفْصِيلُ فَاسِدٌ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ بِإِرَادَتِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اهـ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ كَأَصْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا فَمَعْنَاهُ جَمِيعًا لِيُوَافِقَ إطْلَاقَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا الْمَعِيَّةَ الْمُقَابِلَةَ لِلتَّرْتِيبِ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْرُمْ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>