للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّوَافُ) يَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ الشَّيْخَانِ وَفِيهَا مُسْلِمٌ وَلِمَا فِي قِرَاءَةِ السُّورَتَيْنِ مِنْ الْإِخْلَاصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ثَمَّ (وَلَا تَجِبَانِ) لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» (فَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ) وَالرَّاتِبَةُ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ (وَفِعْلُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ، ثُمَّ فِي الْحِجْرِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَحْتَ الْمِيزَابِ (ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ حَيْثُ شَاءَ) مِنْ الْأَمْكِنَةِ (مَتَى شَاءَ) مِنْ الْأَزْمِنَةِ، وَلَا تَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَرَمِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيِّ، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِيمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِهِ. انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ تُوَافِقُهُ قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ، ثُمَّ إنَّ الصَّلَاةَ إلَى وَجْهِ الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ ذَلِكَ أَيْضًا وَالتَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ فَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ أَجْزَأَهُ وَيُنْدَبُ أَنْ يَدْعُوَ عَقِبَ صَلَاتِهِ هَذِهِ هَذِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَنْ يَدْعُوَ بِمَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَاكَ مِنْ قَوْلِهِ «اللَّهُمَّ هَذَا بَلَدُك وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَبَيْتُك الْحَرَامُ وَأَنَا عَبْدُك ابْنُ عَبْدِك ابْنِ أَمَتِك أَتَيْتُك بِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ وَخَطَايَا جَمَّةٍ وَأَعْمَالٍ سَيِّئَةٍ، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ فَاغْفِرْ لِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ اللَّهُمَّ إنَّك دَعَوْت عِبَادَك إلَى بَيْتِك الْحَرَامِ، وَقَدْ جِئْت طَالِبًا رَحْمَتَك مُبْتَغِيًا رِضْوَانَك وَأَنْتَ مَنَنْت عَلَيَّ بِذَلِكَ فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ لَهُ فِي طَوَافِهِ الْأَكْلُ وَالشَّرَابُ وَكَرَاهَةُ الشُّرْبِ أَخَفُّ وَوَضْعُ الْيَدِ بِفِيهِ بِلَا حَاجَةٍ وَأَنْ يُشَبِّكَ أَصَابِعَهُ أَوْ يُفَرْقِعَهَا وَأَنْ يَطُوفَ بِمَا يَشْغَلُهُ كَالْحَقْنِ وَشِدَّةِ تَوْقِ الْأَكْلِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ طَافَتْ مُنْتَقِبَةً، وَهِيَ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ كُرِهَ، وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِيهِ وَتَرْكُهُ أَوْلَى إلَّا بِخَيْرٍ كَتَعْلِيمٍ وَلْيَكُنْ بِحُضُورِ قَلْبٍ وَلُزُومِ أَدَبٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ قَرَأَ فِيهِ آيَةَ سَجْدَةٍ سَجَدَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةِ " ص " فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الطَّوَافَ وَيَسْجُدَ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ الظَّاهِرُ لَا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَلْ أَوْلَى.

(وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّاهُمَا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ إرَاقَةُ دَمٍ) لِتَأْخِيرِهِمَا إلَيْهِ عَنْ الْحَرَمِ لَمْ يُقَيِّدْ الْأَصْلُ بِصَلَاتِهَا، وَلَا بِغَيْرِ الْحَرَمِ بَلْ قَالَ إذَا أَخَّرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ إرَاقَة دَمٍ (وَيَجْهَرُ) نَدْبًا بِالْقِرَاءَةِ (بِهِمَا) أَيْ فِيهِمَا (لَيْلًا لَا نَهَارًا) كَالْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ شَعَائِرِ النُّسُكِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي النَّافِلَةِ الْمَفْعُولَةِ لَيْلًا أَنْ يَتَوَسَّطَ فِيهَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ كَاللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّهَارِ فَيَجْهَرُ فِيهِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيُصَلِّيهِمَا) الْأَجِيرُ (عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ) وَالْوَلِيُّ عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ يُصَلِّيهِمَا وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ عَلَى الصَّحِيحِ فَمَا أَطْلَقُوهُ هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ مَغْصُوبًا، وَإِلَّا فَيُصَلِّيهِمَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي بَلَدِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ ثَمَّ فِي الْحَقِيقَةِ الصَّبِيُّ لَا الْوَلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَهُنَا الْأَجِيرُ لَا الْمُسْتَأْجِرُ (وَلَوْ وَالَى بَيْنَ أَسَابِيعَ) طَوَافَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (ثُمَّ) وَالَى (بَيْنَ رَكَعَاتِهَا) لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ (جَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ وَرَوَوْهُ عَنْ عَائِشَةَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ (وَالْأَفْضَلُ خِلَافُهُ) بِأَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ.

(فَرْعٌ مَنْ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ نَذْرٍ، وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) زَمَنُهُ وَدَخَلَ وَقْتُ مَا عَلَيْهِ (فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ) تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا (وَقَعَ عَنْ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ) كَمَا فِي وَاجِبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

(فَصْلٌ، ثُمَّ يَعُودُ) نَدْبًا (بَعْدَ) فَرَاغِ (رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِيَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ حِينَئِذٍ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ، وَلَا السُّجُودِ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ لِلسَّعْيِ. انْتَهَى وَالظَّاهِرُ سَنُّ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ تُشِيرُ إلَيْهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي التَّقْبِيلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي الْمُلْتَزَمَ وَالْمِيزَابَ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ وَيَدْعُو شَاذٌّ، (ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا) نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ وَالرَّاتِبَةُ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِعْلُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُمَا بِتَفْضِيلِ فِعْلِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ عَلَى فِعْلِهِمَا فِي الْكَعْبَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، وَقَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ فِعْلَ النَّافِلَةِ فِي الْكَعْبَةِ مِنْ فِعْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ إنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَى وَجْهِهِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. اهـ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَعَجِيبٌ قَوْلُهُ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُمَا بِتَفْضِيلِ فِعْلِهَا خَلْفَ الْمَقَامِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ أَعْجَبُ مَعَ وُرُودِ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ حَجِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَا أَحْسَبُ فِي أَفْضَلِيَّةِ فِعْلِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ خِلَافًا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ إجْمَاعٌ يُتَوَارَثُ لَا شَكَّ فِيهِ بَلْ ذَهَبَ النَّوَوِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُمَا إلَّا خَلْفَ الْمَقَامِ لِلْآيَةِ وَلِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ رَكْعَتَا الطَّوَافِ يَخْتَصُّ أَدَاؤُهُمَا بِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِالْحِجْرِ. اهـ (قَوْلُهُ وَيَجْهَرُ بِهِمَا لَيْلًا إلَخْ) لَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى بِالْجَهْرِ كَانَ السِّرُّ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَقَعَ عَنْ الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ) لَا عَنْ غَيْرِهِمَا مِمَّا نَوَاهُ

[فَصَلِّ يَعُودُ نَدْبًا بَعْدَ فَرَاغِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ]

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ سَنُّ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي التَّقْبِيلِ) وَكَذَلِكَ فِي الذَّخَائِرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيِّ وَعِبَارَةُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الْحَجَرِ فَيُقَبِّلُهُ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ وَيَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِ الِاسْتِلَامِ اكْتِفَاءً بِمَا بَيَّنُوهُ فِي أَوَّلِ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>