بِأَنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ تُقْصَدُ بِهِ (وَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ فَيَصِحُّ فِي الظَّرْفِ دُونَ الْمَظْرُوفِ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ الظَّرْفَ بِالرَّهْنِ (فَالْمَرْهُونُ مَا فِيهِ فَقَطْ إنْ عَلِمَ) ، وَكَانَ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ وَالتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ عَلِمَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْمُقَسَّمَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ، وَإِلَّا (وَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ) أَيْ فِي الظَّرْفِ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِالرَّهْنِ (لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ بَطَلَ فِيهِمَا) ، وَفِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا خَلَلٌ سَلِمَ مِنْهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (فَإِنْ رَهَنَهُ) أَيْ الظَّرْفَ وَكَانَ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ (دُونَ مَا فِيهِ صَحَّ) الرَّهْنُ فِيهِ (وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ الْمَقْصُودَ) بِالرَّهْنِ دُونَ مَا فِيهِ (فَإِنْ أَطْلَقَ رَهْنَ الظَّرْفِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا فِيهِ وَمِثْلَهُ) أَيْ الظَّرْفِ مِمَّا (يَقْصِدُ) بِالرَّهْنِ وَحْدَهُ (فَهُوَ الْمَرْهُونُ دُونَ مَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ) بِالرَّهْنِ (إنْ تَمَوَّلَ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ (فَهَلْ يَلْغُو) أَيْ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ (أَمْ يَقَعُ عَلَى الْمَظْرُوفِ) لِأَنَّ ظَرْفَهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ (، وَيَأْتِي فِي بَيْعِ الْخَرِيطَةِ) مَثَلًا (بِمَا فِيهَا) أَوْ وَحْدَهَا أَوْ مُطْلَقًا (مَا) تَقَرَّرَ (فِي الرَّهْنِ حَرْفًا بِحَرْفٍ) وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ، وَشَرْطُهُمَا نُفُوذُ التَّصَرُّفِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَالِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا قَالَ (فَإِنْ رَهَنَ وَلِيٌّ، وَلَوْ أَبًا لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ) بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ (فَشَرْطُهُ الْمَصْلَحَةُ كَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً، وَيَرْهَنَ بِهَا مِنْ أَمِينٍ يَجُوزُ إيدَاعُهُ مَا يُسَاوِي مِائَةً) إذْ الْغِبْطَةُ ظَاهِرَةٌ بِتَقْدِيرِ سَلَامَةِ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ تَلِفَ كَانَ فِيمَا اشْتَرَاهُ جَابِرًا (لَا) مَا يُسَاوِي (أَكْثَرَ) مِنْ مِائَةٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا امْتَنَعَ الشِّرَاءُ إذْ قَدْ يَتْلَفُ الْمَرْهُونُ فَلَا يُوجَدُ جَابِرٌ (وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ) عَادَةً كَعَقَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ فِيمَا ذُكِرَ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُسَاوِي مِائَةً لِأَنَّ الرَّهْنَ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كَيْفَ كَانَ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّغَيُّرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّلَفِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَمِينٍ يَجُوزُ إيدَاعُهُ غَيْرَهُ فَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْهُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُتْلِفَ الْمَرْهُونَ أَوْ يَجْحَدَهُ، وَهَذَا الْقَيْدُ جَارٍ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (أَوْ) كَانَ (يَخَافُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ عَطْفًا عَلَى كَأَنْ يَشْتَرِيَ، وَمِثْلَ أَنْ يَخَافَ (تَلَفَهُ) أَيْ تَلَفَ مَالِهِ (بِنَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ) أَوْ نَحْوِهِ.
(فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَقَارًا) مِمَّنْ لَا يَمْتَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ (وَيَرْهَنَ بِثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَطَ) مَالِكُ الْعَقَارِ (الرَّهْنَ) بِأَنْ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِشَرْطِ الرَّهْنِ (وَتَعَذَّرَ الْإِيفَاءُ) لِلثَّمَنِ (حَالًّا) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ لَا يَمْتَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ جَائِزٌ فَهَذَا أَوْلَى قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ اقْتَرَضَ لَهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَرَهَنَ بِهِ لَمْ يَجُزْ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ لِأَنَّهُ يَخَافُ التَّلَفَ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ خَوْفَهُ عَلَى مَا يَرْهَنُهُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَوْدِعُهُ، وَوَجَدَ مَنْ يَرْتَهِنُهُ، وَالْمَرْهُونُ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْقَرْضِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ انْتَهَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا أَطْلَقَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَا يَقْتَرِضُهُ الْوَلِيُّ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ رُبَّمَا امْتَدَّ إلَيْهِ النَّهْبُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَخَافُ، وَالْمَرْهُونُ رُبَّمَا يَتْلَفُ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَيَبْقَى الدَّيْنُ بِحَالِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ إذَا وَقَعَتْ لِمَنْ لَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ النَّهْبُ فَإِنَّهَا إذَا تَلِفَتْ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ لَا يَبْقَى دَيْنٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ، وَلَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِشَرْطِ الرَّهْنِ مِمَّا إذَا بَاعَهُ بِدُونِ ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ الرَّهْنُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيدَاعِ الْخَالِي عَنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ (وَمِثْلُ أَنْ يَقْتَرِضَ لِمُؤْنَتِهِ) أَوْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ (أَوْ مُؤْنَةِ مَالِهِ) كَإِصْلَاحِ ضِيَاعِهِ (مُرْتَقِبًا لِغَلَّةٍ، وَحُلُولِ دَيْنٍ وَنَفَاقِ) مَتَاعٍ (كَاسِدٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ رَوَاجِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِمَا اقْتَرَضَهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْتَقِبْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ) ، وَلَا يَقْتَرِضُ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الرَّهْنِ لَهُ أَخَذَ فِي بَيَانِ الِارْتِهَانِ لَهُ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ أَيْضًا الْمَصْلَحَةُ فَقَالَ (وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ التَّقَاضِي) لِدَيْنِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُؤَجَّلًا) فَيَرْتَهِنُ فِيهِمَا وُجُوبًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَالِهِ مُؤَجَّلًا (لِغِبْطَةٍ مِنْ أَمِينٍ غَنِيٍّ، وَبِإِشْهَادٍ) ، وَ (بِأَجَلٍ قَصِيرٍ فِي الْعُرْفِ) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَنَةٍ (وَبِشَرْطِ كَوْنِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (وَافِيًا بِالثَّمَنِ) فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ بَطَلَ الْبَيْعُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ بُطْلَانُهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ) نَسِيئَةً (أَوْ أَقْرَضَهُ لِنَهْبٍ ارْتَهَنَ جَوَازًا) إنْ كَانَ قَاضِيًا، وَإِلَّا فَوُجُوبًا، وَقَوْلُهُ جَوَازًا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ، وَالْحَاكِمُ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِهِ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) ، وَأَوْلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ رَهَنَهُ الظَّرْفَ بِمَا فِيهِ كَأَنْ قَالَ رَهَنْتُك هَذَا الْحُقَّ بِمَا فِيهِ وَهُوَ أَيْ مَا فِيهِ مَعْلُومٌ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ]
قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ) لِأَنَّهُ حَبْسُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ) فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ مَالَ مَحْجُورِهِ وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا لَهَا أَمَّا الرَّهْنُ فَلِأَنَّهُ حَبْسُ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَمَّا الِارْتِهَانُ فَلِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ لَا يُقْرِضُ وَلَا يَبِيعُ إلَّا بِحَالٍّ مَقْبُوضٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ) وَوَجْهٌ أَنَّ فِيهِ حِفْظًا لِلْقَدْرِ الزَّائِدِ (مِنْهُ) (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا يَقْتَرِضُهُ الْوَلِيُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إلَخْ) وَهَذَا وَاضِحٌ فَلْيَتَنَبَّهْ لَهُ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَنْ يَأْخُذُهُ وَدِيعَةُ ضَرَرٍ فِي قَبُولِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ صِيَانَةٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَمَا أَطْلَقَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدْ صَرَّحَ فِي أَوَّلِ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ جَمَاعَةٌ وَطَلَبَتْ مِنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَنَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ) أَيْ بَاعَ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ بُطْلَانُهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ ارْتَهَنَ جَوَازًا إلَخْ) عَقَارًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرْهَنُ عَقَارًا فَمَنْقُولًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوُجُوبًا) وَلَا يَقُومُ الضَّامِنُ وَالْكَفِيلُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) هَذَا فِي جَمِيعِ صُوَرِ ارْتِهَانِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute