للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَتَلْتُك، أَوْ بِدُونِهِ فَفَعَلَ (فَهَدَرٌ) لِإِذْنِهِ لَهُ فِيهِ فَصَارَ كَإِتْلَافِ مَالِهِ بِإِذْنِهِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ (، وَإِذْنُ الْعَبْدِ) فِي قَتْلِهِ، أَوْ قَطْعِ يَدِهِ مَثَلًا (لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ (وَهَلْ يَسْقُطُ) الْأَوْلَى يَجِبُ (الْقِصَاصُ) فِيمَا إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ عَبْدًا أَيْضًا (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يَجِبُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ (وَلِلْمَأْمُورِ) بِالْقَتْلِ (دَفْعُ الْمُكْرِهِ وَلِلثَّالِثِ) ، وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ (دَفْعُهُمَا) أَيْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ (وَإِنْ أَفْضَى) الدَّفْعُ فِي الثَّلَاثِ (إلَى الْقَتْلِ فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَائِلٌ فِيهَا.

(فَرْعٌ:) لَوْ (قَالَ اُقْتُلْ زَيْدًا، أَوْ عَمْرًا) ، وَإِلَّا قَتَلْتُك (فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) بَلْ تَخْيِيرٌ فَمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا كَانَ مُخْتَارًا لِقَتْلِهِ، وَإِنَّمَا الْمُكْرَهُ مَنْ حَمَلَ عَلَى قَتْلِ مُعَيَّنٍ لَا يَجِدُ عَنْهُ مَحِيصًا فَيَلْزَمُ الْقَاتِلَ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ غَيْرَ الْإِثْمِ (وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إكْرَاهِ غَيْرِهِ) عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَابِعًا فَفَعَلَا (اقْتَصَّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ) فَقَتَلَهُ غَيْرَ ظَانٍّ أَنَّ الْإِمَامَ ظَالِمٌ (فَبَانَ ظَالِمًا اُقْتُصَّ مِنْ الْإِمَامِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ (دُونَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَقٍّ؛ وَلِأَنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ فِيمَا لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ (وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُكَفِّرَ) لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ (وَكَذَا زَعِيمُ الْبُغَاةِ) أَيْ سَيِّدُهُمْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِمَامِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ نَافِذَةٌ (فَلَوْ عَلِمَ) مَأْمُورُ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِظُلْمِهِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ) أَيْ اُقْتُصَّ مِنْ الْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ (إنْ لَمْ يَخَفْ سَطْوَتَهُ) عَلَيْهِ أَيْ قَهْرَهُ بِالْبَطْشِ، وَالْمُرَادُ سَطْوَتُهُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ (وَإِنْ خَافَهَا) (فَكَالْمُكْرَهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ مُتَغَلِّبٌ لَمْ يَجُزْ امْتِثَالُ أَمْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِمَعْصِيَةٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، لَكِنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ حَقِيقَتَهُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْإِثْمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَهُ حَقًّا، أَوْ يَعْرِفَ أَنَّهُ ظُلْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ الطَّاعَةِ. انْتَهَى.

هَذَا إنْ لَمْ يَخَفْ سَطْوَتَهُ (فَإِنْ خَافَ سَطْوَتَهُ فَكَالْمُكْرَهِ) فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا تَنْزِيلًا لِأَمْرِهِ بِالْقَتْلِ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ إذْ الْمَعْلُومُ كَالْمَلْفُوظِ الْمُصَرَّح بِهِ (وَإِنْ أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِصُعُودِ شَجَرَةٍ) ، أَوْ بِنُزُولِ بِئْرٍ فَفَعَلَ (فَهَلَكَ) بِذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ سَطْوَتَهُ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ خَافَهَا) (فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى صُعُودِهَا) أَيْ الشَّجَرَةِ، أَوْ عَلَى نُزُولِ الْبِئْرِ (غَيْرُ الْإِمَامِ) فَفَعَلَ فَهَلَكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ، أَوْ خَطَأٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قُبَيْلَ الْفَرْعِ السَّابِقِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا تَنْظِيرًا مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا.

(فَرْعٌ:) لَوْ (أَمَرَ) إنْسَانٌ (عَبْدَهُ) ، أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ الْمُمَيِّزَ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ (بِقَتْلٍ، أَوْ إتْلَافٍ) لِغَيْرِهِ ظُلْمًا فَفَعَلَ (أَثِمَ) الْآمِرُ لِإِتْيَانِهِ بِمَعْصِيَةٍ (وَاقْتُصَّ مِنْ الْعَبْدِ وَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ) أَيْ ضَمَانُ الْمَالِ (بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَمَرَ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ مَجْنُونًا ضَارِيًا، أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ) فِيمَا ذُكِرَ بِقَتْلٍ، أَوْ إتْلَافٍ فَفَعَلَ (فَالْقِصَاصُ) ، أَوْ الْمَالُ (عَلَى الْآمِرِ) وَلِيًّا كَانَ، أَوْ أَجْنَبِيًّا عَبْدًا، أَوْ حُرًّا ضَاقَ الْمَكَانُ، أَوْ اتَّسَعَ (عَبْدًا كَانَ الْمَأْمُورُ، أَوْ حُرًّا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَذِمَّتِهِ مَالٌ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَغْرَى بَهِيمَةً عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَتْهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَمَانٌ، وَذِكْرُ الْأَعْجَمِيِّ الْحُرِّ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَإِنْ أَمَرَ) إنْسَانٌ (أَحَدَ هَؤُلَاءِ بِقَتْلِ نَفْسِهِ) فَقَتَلَهَا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْآمِرِ (لَا فِي) صُورَةِ (الْأَعْجَمِيِّ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ آمِرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ بِحَالٍ (نَعَمْ إنْ أَمَرَهُ) بِبَطِّ جُرْحِهِ، أَوْ (بِفَتْحِ عِرْقِهِ الْقَاتِلِ) بِأَنْ كَانَ بِمَقْتَلٍ فَفَعَلَ (وَجَهِلَهُ) أَيْ وَجَهِلَ كَوْنَهُ قَاتِلًا (ضَمِنَ) الْآمِرُ؛ لِأَنَّ الْأَعْجَمِيَّ حِينَئِذٍ لَا يَظُنُّهُ قَاتِلًا فَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَ الطَّاعَةِ أَمَّا إذَا عَلِمَهُ قَاتِلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى آمِرِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَجَهْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ تَمْيِيزٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا دُونَهُ) أَيْ الْآمِرِ (وَمَا أَتْلَفَهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِلَا أَمْرٍ فَخَطَأٌ لَا هَدَرٌ) فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ إنْ كَانَ عَبْدًا وَبِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّهُ هَدَرٌ فَعَدَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا قَالَهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي الرَّضَاعِ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا دَبَّ وَارْتَضَعَ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ لَزِمَهُ الْغُرْمُ وَلِمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِيكِ السَّبْعِ.

(فَرْعٌ: إذَا أَكْرَهَ عَبْدًا مُرَاهِقًا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مُمَيِّزًا عَلَى قَتْلٍ مَثَلًا فَفَعَلَ (تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ) أَيْ نِصْفُهَا (بِرَقَبَتِهِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَ الْحُرَّ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَتْلِ، وَقَطْعِ الْيَدِ، وَكَذَا الْقَذْفُ حَيْثُ لَا إكْرَاهَ فَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِ غَيْرِهِ اُقْتُلْ عَبْدِي فَقَتَلَهُ هَدَرٌ، وَإِنْ جَرَحَهُ فَمَاتَ فَوَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ ضَمَانِهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا وَإِلَّا قَتَلْتُك]

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) شَمِلَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ الْمُكْرَهِ إلَّا بِالْقَتْلِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَقٍّ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا الظَّلَمَةَ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَمْوَالِ الْمُمَزِّقِينَ لَهُمْ كَالسِّبَاعِ وَالْمُنْتَهِبِينَ لِأَمْوَالِهِمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ إذَا ظَفِرُوا بِالْمُسْلِمِينَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْإِمَامُ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْهُ الظُّلْمُ وَالْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ سَطْوَتَهُ فَكَالْمُكْرَهِ) هَلْ كَتْبُهُ إلَى مَنْ يَقْتُلُهُ كَأَمْرِهِ لَفْظًا فِيهِ تَرَدُّدٌ، الرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ

[فَرْعٌ أَمَرَ إنْسَانٌ عَبْدَهُ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ الْمُمَيِّزَ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافٍ]

(قَوْلُهُ: وَبِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا) هَذَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>