للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ تَعَمَّدَ؛ لِأَنَّ الْهُجُومَ عَلَى الْقَتْلِ مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ فَهُوَ عَلَيْهِ أَيْضًا لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ) فِي الْبَحْثِ بَلْ بَذَلَ وُسْعَهُ (فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) كَالْخَطَأِ فِي غَيْرِ الْحُكْمِ (وَلَا رُجُوعَ) لَهَا عَلَى الشَّاهِدِ (إلَّا عَلَى مُتَجَاهِرٍ بِالْفِسْقِ) فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَتْهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ يُشْعِرُ بِتَدْلِيسٍ مِنْهُ وَتَغْرِيرٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَجَاهِرِ بِذَلِكَ مِنْ كَاتِمٍ لَهُ وَذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ جَرَى عَلَيْهِ هُنَا لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ رَدَّ مَا هُنَا وَقَالَ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا فِي أَصْلِهَا السَّالِمِ مِنْ الْإِيهَامِ

(، وَالضَّمَانُ) فِي التَّلَفِ بِاسْتِيفَاءِ الْجَلَّادِ فِي حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ بِأَمْرِ الْإِمَامِ (عَلَى الْإِمَامِ لَا) عَلَى (الْجَلَّادِ) ؛ لِأَنَّهُ آلَتُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي السِّيَاسَةِ وَلَوْ ضَمَّنَاهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْجَلْدَ أَحَدٌ لَكِنْ اسْتَحَبَّ لَهُ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُكَفِّرَ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ (فَإِنْ عَلِمَ ظُلْمَ الْإِمَامِ) أَوْ خَطَأَهُ فِي أَمْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ (وَلَمْ يُكْرِهْهُ) عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ (فَعَكْسُهُ) أَيْ فَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ لَا الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ فَكَانَ حَقُّهُ الِامْتِنَاعَ نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِب الْوَافِي وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ أَكْرَهَهُ) عَلَيْهِ (فَعَلَيْهِمَا) الضَّمَانُ (وَإِنْ أَمَرَهُ فِي) حَدِّ (الشُّرْبِ بِسِتِّينَ فَضَرَبَهُ ثَمَانِينَ وَمَاتَ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (رُبْعُ الدِّيَةِ) تَوْزِيعًا لِلزَّائِدِ عَلَيْهِمَا (وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ، وَالْجَلَّادُ تَحْرِيمَ قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ) أَوْ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ (أَوْ) اعْتَقَدَهُ (الْجَلَّادُ وَحْدَهُ فَقَتَلَهُ الْجَلَّادُ امْتِثَالًا) لِأَمْرِ الْإِمَامِ (بِلَا إكْرَاهٍ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ الِامْتِنَاعُ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ اعْتَقَدَهُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ فَقَتَلَهُ الْجَلَّادُ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ (فَلَا) قِصَاصَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْإِمَامِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ) حَجَمَ أَوْ (فَصَدَ) غَيْرَهُ (أَوْ قَطَعَ سِلْعَةً) مِنْهُ (بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ أَوْ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ إمَامٍ فَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى التَّلَفِ لِمَا مَرَّ فِي الْجَلَّادِ

(الْبَابُ الثَّانِي) (فِي حُكْمِ الصَّائِلِ) مُشْتَقٌّ مِنْ الصِّيَالِ وَهُوَ الِاسْتِطَالَةُ، وَالْوُثُوبُ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» ، وَالصَّائِلُ ظَالِمٌ فَيُمْنَعُ مِنْ ظُلْمِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ وَخَبَرُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (يَجُوزُ) لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ (دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ مِنْ آدَمِيٍّ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَبَهِيمَةٍ عَنْ كُلِّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ وَطَرَفٍ) وَمَنْفَعَةٍ (وَبُضْعٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ) مِنْ تَقْبِيلٍ وَمُعَانَقَةٍ وَنَحْوِهَا (وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ) نَعَمْ لَوْ مَالَ مُكْرَهًا عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ بَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ إنْ بَقِيَ رُوحُهُ بِمَالِهِ كَمَا يُنَاوِلُ الْمُضْطَرَّ طَعَامَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرَهِ وَكَالْمَالِ الِاخْتِصَاصَاتُ مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَسِيطِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ وَلَا قِيمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِدَفْعِهِ وَبَيْنَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ، وَالضَّمَانِ مُنَافَاةٌ.

(وَلَهُ دَفْعُ مُسْلِمٍ عَنْ ذِمِّيٍّ وَوَالِدٍ عَنْ وَلَدِهِ وَسَيِّدٍ عَنْ عَبْدِهِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مَظْلُومُونَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ تَبَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ حَدَّهُ فِي الزِّنَا بِأَرْبَعَةٍ فَبَانُوا أَوْ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ وَلَوْ بَانَ أَنَّ الطَّالِبَ لِلْحَدِّ أَصْلٌ لِلْحَاكِمِ أَوْ فَرْعٌ لَهُ وَقَدْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَاكِمِ مِنْ ذَلِكَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ الشُّهُودِ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الْبَحْثُ عَنْ الْخَصْمِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنْدُرُ وَلَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ مِنْ كَوْنِ الْخَصْمِ أَصْلًا لِلْحَاكِمِ أَوْ فَرْعًا لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى مُتَجَاهِرٍ بِالْفِسْقِ) دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ بِسَفَهٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا كَالْمُرَاهِقَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا لَا يَصْلُحُ لِلِالْتِزَامِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا

(قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَخْطَأَ الطَّبِيبُ فِي الْمُعَالَجَةِ وَحَصَلَ مِنْهُ التَّلَفُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَا مَنْ يُطَبِّبُ بِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يَعْرِفْ الطِّبَّ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ

[الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الصَّائِلِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الصِّيَالِ)

(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ شَهِيدًا دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ كَمَا أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ لَمَّا كَانَ شَهِيدًا لَهُ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسٍ وَبُضْعٍ وَمُقَدِّمَاتٍ إلَخْ) لَوْ صَالَ قَوْمٌ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ قُدِّمَ الدَّفْعُ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَالدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ وَالْمَالُ الْخَطِيرُ عَلَى الْحَقِيرِ

قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْحَقِيرِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ صَالَ اثْنَانِ عَلَى مُتَسَاوِيَيْنِ فِي نَفْسَيْنِ أَوْ بُضْعَيْنِ أَوْ مَالَيْنِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ دَفْعُهُمَا مَعًا دَفَعَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَوْ صَالَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَبِيٍّ بِاللِّوَاطِ وَالْآخَرُ عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبْدَأَ بِصَاحِبِ الزِّنَا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّمَ الْآخَرُ إذْ لَيْسَ إلَى حَمْلِهِ سَبِيلٌ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ شَهَامَةِ الرِّجَالِ د وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ) أَيْ كَفَلَسٍ (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ بِمَالِهِ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذِي الرُّوحِ مِنْ الْآدَمِيِّ الْمُحْتَرَمِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا وَفِي الْبَهِيمَةِ وَقْفَةٌ غ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَسِيطِ وَغَيْرِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الْمُكَابَرَةِ عَلَى الْمَاءِ لِعَطَشِ الْكَلْبِ الْمُقْتَنَى، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الدَّفْعِ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَرَادَ مَالَهُ أَوْ حَرِيمَهُ أَوْ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ جَازَ لَهُ دَفْعُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ فَلَا تُعْطِهِ قَالَ إنْ قَاتَلَنِي قَالَ قَاتِلْهُ قَالَ أَرَأَيْت إنْ قَتَلَنِي قَالَ أَنْتَ شَهِيدٌ قَالَ أَرَأَيْت إنْ قَتَلْته قَالَ هُوَ فِي النَّارِ» .

(قَوْلُهُ: وَسَيِّدٍ عَنْ عَبْدِهِ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ الْآحَادِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>