للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي اتَّفَقَتْ نُسَخُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى تَرْجِيحِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَقِيَاسًا عَلَى الصُّورَةِ السَّابِقَةِ وَعَلَى مَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ خَمْسَةً غَيْرَ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ فَإِنْ قُلْت تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَاطِلٌ قُلْت مَحَلُّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ لَا مَعَ الْعَاقِدِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قُلْت قَرْضُ الثَّمَنِ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ إجَازَةً لِلْعَقْدِ وَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ كَمَا مَرَّ قُلْت مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ

(وَتُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا يُكَالُ بِالْكَيْلِ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْوَزْنِ (وَفِيمَا يُوزَنُ بِالْوَزْنِ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْكَيْلِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَالِبُ عَادَةِ الْحِجَازِ (فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِظُهُورِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ» وَلَمْ يُرِدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا مِكْيَالَ وَلَا مِيزَانَ إلَّا بِهِمَا لِجَوَازِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ بِغَيْرِهِمَا إجْمَاعًا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ بِهِمَا فَلَوْ أَحْدَثَ النَّاسُ خِلَافَ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِأَحْدَاثِهِمْ (فَيَحْرُمُ بَيْعُ الْبُرِّ بِالْبُرِّ) بَلْ بَيْعُ كُلِّ رِبَوِيٍّ مَكِيلٍ بِمِثْلِهِ (وَزْنًا) وَبَيْعُ كُلِّ رِبَوِيٍّ مَوْزُونٍ بِمِثْلِهِ كَيْلًا (وَالْمِلْحُ مَكِيلٌ) إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ كَانَ) الْمِلْحُ (قِطَعًا كِبَارًا فَالْمُمَاثَلَةُ) فِيهِ وَفِي كُلِّ مَا يَتَجَافَى فِي الْكَيْلِ (بِالْوَزْنِ) نَظَرًا لِهَيْئَتِهِ فِي الْحَالِ (وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ) أَيْ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ كَانَ وَأَشْكَلَ) حَالُهُ وَلَوْ بِنِسْيَانٍ (أَوْ اُسْتُعْمِلَا) أَيْ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ (فِيهِ) بِأَنْ كَانَ يُكَالُ مَرَّةً وَيُوزَنُ أُخْرَى (سَوَاءٌ) فَالْعِبْرَةُ بِعُرْفِ الْحِجَازِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ (وَكَانَ) ذَلِكَ (أَكْبَرَ) جُرْمًا (مِنْ التَّمْرِ) كَالْجَوْزِ (فَالْوَزْنُ) إذَا لَمْ يَعْهَدْ الْكَيْلَ بِالْحِجَازِ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ (أَوْ) كَانَ (مِثْلَهُ) كَاللَّوْزِ (أَوْ دُونَهُ فَعَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ الْآنَ) أَيْ حَالَةَ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا اُسْتُعْمِلَا فِيهِ وَغَلَبَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ الْمِكْيَالُ الْمُعْتَادُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُحْدَثُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ الْكَيْلُ بِهِ كَقَصْعَةٍ وَيَكْفِي التَّسَاوِي بِكِفَّتَيْ الْمِيزَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ مَا فِي كُلِّ كِفَّةٍ وَقَدْ يَتَأَتَّى الْوَزْنُ بِالْمَاءِ أَنْ يُوضَعَ الشَّيْءُ بِظَرْفٍ وَيُلْقَى فِي الْمَاءِ وَيُنْظَرُ قَدْرَ غَوْصِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ وَزْنًا شَرْعِيًّا وَلَا عُرْفِيًّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا وَإِنْ كَفَى فِي الزَّكَاةِ وَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا خِلَافُهُ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْقَصْعَةِ

(فَرْعٌ وَمَا لَا يُقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ) كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ (يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) كَيْفَ شَاءَ وَأَمَّا بِجِنْسِهِ (فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُجَفَّفُ) كَالْبِطِّيخِ الَّذِي يُفْلَقُ وَكَذَا كُلُّ مَا يُجَفَّفُ مِنْ الثِّمَارِ (وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا كَالْمِشْمِشِ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا (وَالْخَوْخِ وَالْكُمَّثْرَى الَّذِي يُفْلَقُ لَمْ يُبَعْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَالَةَ الرُّطُوبَةِ) إذْ لَا كَمَالَ لَهُ (وَيُبَاعُ) بِهِ (جَافًّا أَوْ) كَانَ (مِمَّا لَا يَتَجَفَّفُ كَالْقِثَّاءِ وَكَذَا الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ) وَغَيْرُهُمَا (مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَا تُجَفَّفُ) كَرَطْبٍ لَا يَتَثَمَّرُ وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ (لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ) رَطْبًا نَعَمْ الزَّيْتُونُ لَا جَفَافَ لَهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ بِمِثْلِهِ فِي قِشْرِهِ وَزْنًا (فَإِنْ أَرَادَ) شَرِيكَانِ (قِسْمَةَ الرِّبَوِيِّ لَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَالْمَوْزُونُ كَيْلًا وَالرَّطْبُ وَالْعِنَبُ لَا يُقْسَمُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (كَيْلًا وَلَا وَزْنًا وَلَا خَرْصًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ) لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَنَّ قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ فَعَلَيْهِ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ

ثَمَّ (فَرْعٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ جُزَافًا وَ) لَا (تَخْمِينًا) أَيْ حَزْرًا لِلتَّسَاوِي (وَلَوْ خَرَجَا سَوَاءٌ) «لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا تُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَالْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ فَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى كَيْلٍ (فَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً بِصُبْرَةٍ) مِنْ بُرٍّ أَوْ نَحْوِهِ (مُكَايَلَةً) أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ (أَوْ) صُبْرَةً بِصُبْرَةٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوِهَا (مُوَازَنَةً) أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ (صَحَّ إنْ تَسَاوَيَا) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ (وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهُ قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَهُمَا مُتَفَاوِتَتَانِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةٍ بِكَيْلِهَا) فِيمَا يُكَالُ وَبِوَزْنِهَا فِيمَا يُوزَنُ (مِنْ صُبْرَةٍ أَكْبَرَ مِنْهَا) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ (فَلَوْ تَفَرَّقَا) فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا إذَا صَحَّ الْبَيْعُ (بَعْدَ قَبْضِ الْجُمْلَتَيْنِ وَقَبْلَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

مِنْهُ فَوَزَنَ لَهُ مِائَةً وَعَشَرَةً (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ كَمَا مَرَّ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ عَنْهُ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَفِيمَا يُوزَنُ بِالْوَزْنِ) لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَسَاوَاهُ فِي مِيزَانٍ وَنَقَصَ فِي آخَرَ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ مِنْ عَدَمِ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النِّصَابِ أَنْ لَا يَصِحَّ هُنَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ مَوْجُودًا فِي عَهْدِهِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ وَأَشْكَلَ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ مَوْجُودًا بِالْحِجَازِ أَمْ لَمْ يَكُنْ أَوْ هَلْ كَانَ يُكَالُ فِيهِ أَوْ يُوزَنُ أَوْ هَلْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا أَوْ عُلِمَتْ الْغَلَبَةُ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ أَوْ عُلِمَتْ وَنُسِيَتْ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي) تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ الْأَسْبَقِ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ فَعَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ الْآنَ) فَلَوْ قَدَّرَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِي بَلَدٍ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ بِأَشْبَهِ الْأَشْيَاءِ فِيهِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَخْذًا مِمَّا فِي التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَفَى فِي الزَّكَاةِ وَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ بَابَ الرِّبَا ضَيِّقٌ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ فِيهِ مَمْنُوعٌ وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُهُ التَّقْوِيمُ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ وَمَا لَا يُقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ]

(قَوْلُهُ نَعَمْ الزَّيْتُونُ لَا جَفَافَ لَهُ إلَخْ) أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ جَافٌّ وَتِلْكَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي فِيهِ إنَّمَا هِيَ الزَّيْتُ وَلَا مَائِيَّةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ

[فَرْعٌ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ جُزَافًا]

(قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ إلَخْ) لَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَهَا وَأَخْبَرَ الْآخَرَ بِهِ فَصَدَّقَهُ فَكَمَا لَوْ عَلِمَاهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ) وَلِلْعِلْمِ بِهَا تَفْصِيلًا حَالَةَ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>