للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنَّمَا يَحْرُمُ) الرِّبَا (فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وَلَوْ حُلِيًّا وَإِنَاءً وَتِبْرًا (لَا) فِي الْفُلُوسِ وَإِنْ رَاجَتْ وَإِنَّمَا حَرُمَ فِيهِمَا (لِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ الْغَالِبَةِ) الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْفُلُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ (وَفِي الطُّعُومِ لِعِلَّةِ الطُّعْمِ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ أَكَلَ (وَإِنْ لَمْ يُكَلْ وَ) لَمْ (يُوزَنْ) كَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَإِنَّمَا جَعَلَ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الطُّعْمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ فِي الْخَبَرِ الْآتِي الْحُكْمَ بِاسْمِ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ.

وَالْمُعَلَّقُ بِالْمُشْتَقِّ مُعَلَّلٌ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ كَالْقَطْعِ وَالْجَلْدِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْمِ السَّارِقِ وَالزَّانِي وَالْمَطْعُومُ مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ غَالِبًا تَقَوُّتًا أَوْ تَأَدُّمًا أَوْ تَفَكُّهًا أَوْ تَدَاوِيًا بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا (فَجَمِيعُ مَا يُؤْكَلُ) أَيْ يُقْصَدُ أَكْلُهُ مِنْ ذَلِكَ (غَالِبًا أَوْ نَادِرًا) كَالْبَلُّوطِ وَالطُّرْثُوثِ وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ بِالتَّدَاوِي رِبَوِيٌّ) وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الطَّعَامُ فِي الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةَ هِيَ عَلَيْهِ وَالْأَقْسَامُ الْمَذْكُورَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأَلْحَقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ فَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ (كَالْإِهْلِيلَجِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا (وَالسَّقَمُونْيَا) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْقَافِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ وَبِالْقَصْرِ (وَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَالنَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا نِسْبَةً إلَى أَرْمِينِيَةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ قَرْيَةٌ بِالرُّومِ.

وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ (لَا سَائِرِ الطِّينِ) كَالطِّينِ الْخُرَاسَانِيِّ فَلَيْسَ رِبَوِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْكَلُ سَفَهًا (وَالزَّعْفَرَانِ وَالْمَاءِ) الْعَذْبِ (وَالْمُصْطَكَّا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ (وَالزَّنْجَبِيلِ) وَاللِّبَانِ (وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَالْوَرْدِ وَالْبَانِ) وَنَحْوِهَا كَصَمْغٍ وَدُهْنِ خِرْوَعٍ (رِبَوِيَّةٍ) لِصِدْقِ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهَا (لَا حُبِّ الْكِمَّانِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا (وَ) لَا (دُهْنِهِ وَلَا دُهْنِ سَمَكٍ) وَلَا وَرْدٍ وَخِرْوَعٍ (وَمَاءِ وَرْدٍ وَعُودٍ) وَجِلْدٍ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لِلطُّعْمِ وَلَا رِبَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ أَوْ الْبَهَائِمُ كَالْحَشِيشِ وَالتِّينِ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (وَلَا) رِبَا (فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ «وَقَدْ اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»

(فَصْلٌ وَالرِّبَوِيَّاتُ بِعِلَّةٍ) وَاحِدَةٍ (إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ حَرُمَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمَدِّ أَيْ الْأَجَلُ (وَالتَّفْرِيقُ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ (فِي دَارِ الْحَرْبِ) رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَأَنَّهُ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ وَإِلَّا لَجَازَ تَأْخِيرُ التَّسْلِيمِ إلَى زَمَنِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَكْفِي الْحَوَالَةَ وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ (وَيَكْفِي قَبْضُ الْوَكِيلِ) فِي الْقَبْضِ عَنْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ) وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فَقَبَضَ سَيِّدُهُ أَوْ وَكِيلًا فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ لَا يَكْفِي (فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ حَلَّ التَّفَاضُلُ فَقَطْ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا) إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَعْنَى يَتَعَدَّاهُمَا لَمَا جَازَ إسْلَامُهُمَا فِي غَيْرِهِمَا وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ فَكَذَلِكَ الْمَلْزُومُ (قَوْلُهُ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ) فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبُرِّ مَا يَقْتَاتُهُ الْآدَمِيُّ فَأَلْحَقَ بِهِ كُلَّ مُقْتَاتٍ يَخْتَصُّ بِهِ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَالْقَصْدُ مِنْ الشَّعِيرِ جَرَيَانُهُ فِيمَا شَارَكَهُمْ بِهِ الْبَهَائِمُ فَأَلْحَقَ بِهِ الْقَوْلَ وَنَحْوَهُ (قَوْلُهُ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ) وَالْحَلْوَى (قَوْلُهُ وَالنَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا) وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ فِيهِ أَكْلَ الْآدَمِيِّينَ فَفِيهِ الرِّبَا اعْتِبَارًا بِأَغْلَبِ حَالَتَيْهِ كَالشَّعِيرِ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالَتَيْهِ أَكْلَ الْبَهَائِمِ فَلَا رِبَا فِيهِ كَالْعَلَفِ الرَّطْبِ وَإِنْ اسْتَوَتْ حَالَتَاهُ فَالصَّحِيحُ فِيهِ الرِّبَا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ بِهَذَا الْقِسْمِ مِثَالًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يَغْلِبُ أَكْلُ الْآدَمِيِّينَ لَهُ فَيَثْبُتُ فِيهِ الرِّبَا قَطْعًا (قَوْلُهُ كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلَخْ) لَوْ بَاعَ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ أَوْ النَّقْدَ بِالنَّقْدِ بِلَفْظِ السَّلَمِ لَمْ يَصِحَّ فَإِنَّ السَّلَمَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالرِّبَوِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُهُمَا فَلَمَّا تَنَافَى الْمَوْضُوعَانِ بَطَلَ

[فَصْلٌ الرِّبَوِيَّاتُ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ]

(قَوْلُهُ حُرِّمَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ إلَخْ) الْحُلُولُ وَالْمُمَاثَلَةُ وَالْعِلْمُ بِهَا شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَأَمَّا التَّقَابُضُ فَشَرْطٌ فِي الدَّوَامِ ر (قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْفَسْخِ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْقَبْضِ وَنُقِضَ بِدَيْنِ السَّلَمِ وَالْكِتَابَةِ وَالصَّوَابُ تَعْلِيلُهُ بِلُزُومِ الدَّوْرِ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَامْتَنَعَ الْقَبْضُ وَإِذَا امْتَنَعَ الْقَبْضُ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ) لَوْ أَحَالَ بِهِ عَلَى حَاضِرٍ مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ فِيهِ لَمْ يَكْفِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ ذَلِكَ الْجِنْسُ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لَهُ فَقَالَ عَوَّضْتُك مَا فِي ذِمَّتِك بِمَالِك عَلَى مَنْ عَقَدَ الصَّرْفَ ثُمَّ تَفَارَقَا لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ) إذَا قُلْنَا أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي إنَّمَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إذَا كَانَ مَعَ الْمُوَرِّثِ فِي الْمَجْلِسِ أَمَّا لَوْ عَلِمَ وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَهُنَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَحَضَرَ وَسَلَّمَ وَتَسَلَّمَ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ إلَخْ) كُلُّ شَيْئَيْنِ جَمَعَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ دُخُولُهُمَا فِي الرِّبَا وَيَشْتَرِكَانِ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ بِالِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>