للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُمْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لَا يُقَالُ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْأُمِّ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ بَنَى عَلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ فَيَرْكَعَ مَعَهُ وَيَسْجُدَ انْتَهَى

(وَمَنْ فَارَقَ الْإِمَامَ) وَقَدْ أَدْرَكَ مَعَهُ الْأُولَى (فِي الثَّانِيَةِ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً أَجْزَأَهُ) ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ) أَدْرَكَ (الرَّكْعَةَ كَامِلَةً) مَعَ الْإِمَامِ (فِي) رَكْعَةٍ (زَائِدَةٍ سَهْوًا فَكَمُصَلٍّ) صَلَاةً (أَصْلِيَّةً) مِنْ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (خَلْفَ مُحْدِثٍ) فَتَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِزِيَادَتِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ بِحَالٍ (وَلَوْ أَدْرَكَهُ) الْمَسْبُوقُ (بَعْدَ الرُّكُوعِ) لِلثَّانِيَةِ (أَحْرَمَ بِجُمُعَةٍ) مُوَافِقَةً لِلْإِمَامِ؛ وَلِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالسَّلَامِ إذْ قَدْ يَتَذَكَّرُ إمَامُهُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ لَا تَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِهِ فَيُتَابِعَهُ وَقَوْلُهُ (نَدْبًا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ نَدْبًا وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ جَوَازًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ وَآخَرُ الْبَابِ الثَّانِي (وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا) سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ أَمْ لَا (وَإِنْ شَكَّ مُدْرِكُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) مَعَ الْإِمَامِ (قَبْلَ السَّلَامِ) أَيْ سَلَامِ الْإِمَامِ (هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ) أَمْ لَا (سَجَدَ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً) لِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رَكْعَةً (أَوْ) شَكَّ فِي ذَلِكَ (بَعْدَ السَّلَامِ أَتَمَّهَا ظُهْرًا) وَفَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِرَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ وَعَلِمَ فِي تَشَهُّدِهِ تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْهَا سَجَدَهَا ثُمَّ تَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ مُدْرِكٌ لِلْجُمُعَةِ، وَإِنْ عَلِمَهَا مِنْ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ وَحَصَلَتْ رَكْعَةٌ مِنْ الظُّهْرِ.

(فَصْلٌ، وَإِنْ بَطَلَتْ) صَلَاةٌ (لِلْإِمَامِ أَوْ أَبْطَلَهَا عَمْدًا جُمُعَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَاسْتَخْلَفَ هُوَ أَوْ الْمَأْمُومُونَ قَبْلَ إتْيَانِهِمْ بِرُكْنٍ) شَخْصًا (صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ) بِهِمْ (مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ) وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مُتَنَفِّلًا (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ بِالتَّعَاقُبِ جَائِزَةٌ كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ إمَامًا فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْتَدَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ وَإِذَا جَازَ هَذَا فِيمَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَفِيمَنْ بَطَلَتْ بِالْأَوْلَى لِضَرُورَتِهِ إلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَى إمَامٍ وَصَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَوْ أَبْطَلَهَا عَمْدًا مَعَ دُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ إشَارَةٌ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ إذْ عِنْدَهُ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ الْحَدَثَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالصَّالِحِ غَيْرُهُ كَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِغَيْرِ النِّسَاءِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ (، وَإِنْ كَانَ) الصَّالِحُ (مَسْبُوقًا) فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ (إنْ عَرَفَ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَجْرِيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَظْمِهَا فَيَفْعَلَ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ صَلَاتِهِ (فَيَقْنُتُ لَهُمْ الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ فِي الصُّبْحِ) .

وَلَوْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيَتْرُكُ الْقُنُوتَ فِي الظُّهْرِ وَلَوْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الصُّبْحَ (وَيَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ بِهِمْ لِسَهْوِ الْإِمَامِ) الْحَاصِلِ (قَبْلَ اقْتِدَائِهِ) بِهِ (وَبَعْدَهُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْقَاضِي وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلًا وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ أَقْيَسُهُمَا لَكِنَّهُ نَقَلَ فِيهِمَا الْجَوَازَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَزْمِ الصَّيْمَرِيُّ أَيْضًا وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ فَيُرَاقِبُ الْقَوْمَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ (ثُمَّ حِينَ يَقُومُ) لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ (لَهُمْ مُفَارَقَتُهُ) وَيُسَلِّمُونَ أَوْ يَسْتَخْلِفُونَ مَنْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ (وَ) لَهُمْ (انْتِظَارُهُ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ أَفْضَلُ وَلَهُمْ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ (لَا فِي جُمُعَةٍ خَشَوْا) بِانْتِظَارِهِمْ (فَوَاتَ وَقْتِهَا) فَلَا يَنْتَظِرُونَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَقْنُتُ لِنَفْسِهِ) فِي ثَانِيَتِهِ (وَيُعِيدُ السُّجُودَ) فِي آخِرِ صَلَاتِهِ (لِسَهْوِ إمَامِهِ وَيَسْجُدُونَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْته صِحَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَحْرَمَ بِجُمُعَةٍ نَدْبًا) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ تُسَنُّ لَهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ فَإِحْرَامُهُ بِهَا وَاجِبٌ، وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ أَصْلِهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا تَصِحُّ ظُهْرُهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ اهـ وَلَوْ أَدْرَكَ هَذَا الْمَسْبُوقُ بَعْدَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ نَدْبًا مِنْ زِيَادَتِهِ) لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ ع

[فَصَلِّ اسْتِخْلَاف الْإِمَام]

(قَوْلُهُ فَاقْتَدَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ) وَقَدْ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ طُعِنَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَثِلَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَرَتُّبُ ضَرَرٍ لِلْمُقَدَّمِ بِسَبَبِ عَدَمِ تَقَدُّمِهِ كَانَ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ نُقِلَ فِيهِمَا الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّهُ لَصَحِيحٌ) وَبِهِ أَفْتَيْت وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ إنَّ الصَّحِيحَ الْجَوَازُ مَمْنُوعٌ بَلْ الْأَصَحُّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي عِبَادَةٍ لَا يَدْرِي مَاذَا يَصْنَعُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ إمَامِهِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ مُخَالِفٌ لِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَتَجْوِيزِهِ عَلَى ظُهُورِ إمَارَةٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ بِهَمِّهِمْ بِالْقِيَامِ لَا يَسُوغُ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ لَمْ يُهِمُّوا أَوْ يُهِمُّوا سَهْوًا وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ لِقِيَامِ الْإِمَامِ، وَهُوَ مَوْضِعُ قُعُودِ الْخَلِيفَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَيُخَالِفُ تَرْتِيبَ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ هَذَا مِمَّا لَا يُسَوَّغُ وَلَا يَصِحُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمَصِيرُ إلَى جَوَازِهِ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ وَإِنْ ذَكَرُوهُ بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ وَإِذَا كَانَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى إخْبَارِ الْمَأْمُومِينَ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فَلَأَنْ لَا يَرْجِعَ إلَى حَرَكَةٍ ضَعِيفَةِ الدَّلَالَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْجُمُعَةِ أَمَّا الرُّبَاعِيَّةُ فَفِيهَا قَعُودَانِ فَإِذَا لَمْ يُهِمُّوا بِقِيَامٍ وَقَعَدَ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَامَ فَإِنْ قَامُوا مَعَهُ عَلِمَ أَنَّهَا ثَانِيَتُهُمْ اب ع (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>