للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَةِ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ مَرَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَّمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَصَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَفِيهِ «إنْ اسْتَطَعْت أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِك مَرَّةً» وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ «فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُك مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ، أَوْ رَمْلِ عَالِجٍ غَفَرَ اللَّهُ لَك» وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ أَشَارَ إلَيْهَا الْأَصْلُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَرَى عَلَيْهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ، وَإِنَّ حَدِيثَهَا حَسَنٌ وَلَهُ طُرُقٌ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيُعْمَلُ بِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي الْعِبَادَاتِ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِ اسْتِحْبَابِهَا عَنْ جَمْعٍ وَفِي هَذَا الِاسْتِحْبَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَهَا ضَعِيفٌ وَفِيهَا تَغْيِيرٌ لِنَظْمِ الصَّلَاةِ الْمَعْرُوفِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُفْعَلَ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ حَدِيثُهَا ضَعِيفٌ وَقَالَ فِي أَذْكَارِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَإِنْ صَلَّاهَا لَيْلًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ صَلَّى نَهَارًا، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ.

(وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ) وَتُسَمَّى صَلَاةُ الْغَفْلَةِ لِغَفْلَةِ النَّاسِ عَنْهَا وَاشْتِغَالِهِمْ بِغَيْرِهَا مِنْ عِشَاءٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا (وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ كُتِبَتْ لَهُ عِبَادَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً» وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهَا وَيَقُولُ هَذِهِ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ خَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ أَنَّ صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ هَذِهِ وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَهَذِهِ، وَالصَّلَاةِ عِنْدَ الْقَتْلِ مَعَ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا، وَبَيَانُ عَدَدِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ أَنَّهُ تُسَنُّ رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ، وَتُسَنُّ أَيْضًا صَلَوَاتٌ أُخَرُ مِنْهَا إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُوَدِّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمِنْهَا إذَا دَخَلَ أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا كَدَارِ الشِّرْكِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهَا إذَا مَرَّ بِأَرْضٍ لَمْ يَمُرَّ بِهَا قَطُّ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَزُفَّتْ إلَيْهِ يُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ الْوِقَاعِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ صَلَاةُ الرَّغَائِبِ ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ جُمُعَةِ رَجَبٍ وَصَلَاةُ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ مِائَةُ رَكْعَةٍ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَنْ ذَكَرَهُمَا.

(فَصْلٌ لَا حَصْرَ فِي التَّطَوُّعَاتِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا) مِنْ وَقْتٍ وَغَيْرِهِ أَيْ لَا حَصْرَ لِأَعْدَادِهَا وَلَا لِرَكَعَاتِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي ذَرٍّ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مَوْضُوعٌ اسْتَكْثِرْ مِنْهَا، أَوْ أَقِلَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا (فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِرَكْعَةٍ وَبِمِائَةٍ) مَثَلًا (وَفِي كَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى رَكْعَةٍ) فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا نَذَرَ صَلَاةً لَا يَكْفِيهِ رَكْعَةٌ، وَالثَّانِي لَا بَلْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الَّذِي يَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ رَكْعَتَانِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا) وَعَلِمَ، أَوْ (جَهِلَ كَمْ صَلَّى جَازَ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِمَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ صَلَّى عَدَدًا كَثِيرًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ هَلْ تَدْرِي انْصَرَفْت عَلَى شَفْعٍ، أَوْ عَلَى وِتْرٍ فَقَالَ إنْ لَا أَكُنْ أَدْرِي فَإِنَّ اللَّهَ يَدْرِي (فَإِنْ نَوَى عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ الزِّيَادَةَ) عَلَيْهِ (وَالنُّقْصَانَ) عَنْهُ، وَالْعَدَدُ عِنْدَ النُّحَاةِ مَا وُضِعَ لِكَمِّيَّةِ الشَّيْءِ، فَالْوَاحِدُ عَدَدٌ فَتَدْخُلُ فِيهِ الرَّكْعَةُ، وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْحُسَّابِ: مَا سَاوَى نِصْفَ مَجْمُوعِ حَاشِيَتَيْهِ الْقَرِيبَتَيْنِ، أَوْ الْبَعِيدَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الرَّكْعَةُ، لَكِنَّهَا تَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ هُنَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ التَّغْيِيرُ بِالزِّيَادَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَفِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قِيلَ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ أَوْلَى وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَغْيِيرَهَا بِالنَّقْصِ مُمْتَنِعٌ (فَإِنْ نَوَى أَرْبَعًا وَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ) مِنْ (رَكْعَةٍ، أَوْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ عَامِدًا قَبْلَ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا نَوَاهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ صَلَاةٌ ثَانِيَةٌ فَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَلِّي مُتَيَمِّمًا وَرَأَى الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الزِّيَادَةُ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ (وَلَوْ قَامَ) إلَيْهَا (نَاسِيًا) فَتَذَكَّرَ (وَأَرَادَ الزِّيَادَةَ) ، أَوْ لَمْ يُرِدْهَا (لَزِمَهُ الْعَوْدُ) إلَى الْقُعُودِ؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ سَهْوًا لَغْوٌ، ثُمَّ أَتَى إنْ شَاءَ بِمُرَادِهِ بَعْدَ نِيَّتِهِ لَهُ فِي الْأُولَى وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الثَّانِيَةِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) فِيهِمَا آخِرَ صَلَاتِهِ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُتِمَّ الْقِيَامَ، لَكِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ صَارَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً إلَخْ) وَرُوِيَتْ سِتًّا وَأَرْبَعًا وَرَكْعَتَيْنِ وَهُمَا الْأَقَلُّ

[فَصْلٌ التَّطَوُّعَاتِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا]

(قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتٍ وَغَيْرِهِ) خَرَجَ بِهِ الْوِتْرُ وَسَائِرُ النَّوَافِلِ كَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِوَقْتٍ، أَوْ سَبَبٍ؛ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ، وَالنَّقْصُ الْمَذْكُورَانِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا بَلْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْحُسَّابِ مَا سَاوَى إلَخْ) بِمَعْنَى أَنْ تَأْخُذَ مَا قَبْلَهُ فَتُضِيفَهُ إلَى مَا بَعْدَهُ فَمَا اجْتَمَعَ فَاَلَّذِي بَيْنَهُمَا نِصْفُ مَا اجْتَمَعَ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْوَاحِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>