فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ فِيهَا كَالْمُعْسِرِ جَعْلُهُ كَذَلِكَ فِي الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَأَطَالَ فِي الِاحْتِجَاجِ لَهُ وَسَأَحْكِيهِ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ (فَإِذَا لَمْ يَصُمْ حَتَّى انْفَكَّ الْحَجْرُ) عَنْهُ (لَمْ يَجْزِهِ) أَيْ الصَّوْمُ (إنْ كَانَ مُوسِرًا) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ
(فَصْلٌ يَلِي أَمْرَ الصَّبِيِّ وَمَنْ بِهِ جُنُونٌ وَلَوْ طَرَأَ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ (ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) أَيْ وَصِيُّ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا (ثُمَّ الْقَاضِي) لِخَبَرِ «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْمُرَادُ قَاضِي بَلَدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ، وَمَالُهُ بِآخَرَ فَوَلِيُّ مَالِهِ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ كَمَالِ الْغَائِبِينَ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ الْغِبْطَةِ اللَّائِقَةِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قُبَيْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي حَالِ مَحْجُورِهِمْ وَتَوَلِّي حِفْظِهِ لَهُ (وَيَكْفِي فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ) وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا فَإِنَّ الْكَافِرَ يَلِي مَالَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ لَكِنْ إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَمْ نُقِرَّهُمْ وَنَلِي نَحْنُ أَمْرَهُمْ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ الْأَمَانَةُ وَهِيَ فِي الْمُسْلِمِينَ أَقْوَى، وَالْمَقْصُودُ بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ فِي الْكَافِرِ أَقْوَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا وِلَايَةَ لِلْأُمِّ) قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ وَكَذَا لَا وِلَايَةَ لِسَائِرِ الْعَصَبَةِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ نَعَمْ لَهُمْ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ لِتَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ (وَيَتَصَرَّفُ لَهُمَا) الْوَلِيُّ (بِالْمَصْلَحَةِ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] وَقَوْلُهُ {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] (وَلَوْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَاهُ عَيْبًا وَبِهِ غِبْطَةٌ أَمْسَكَهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْغِبْطَةِ (وَيَشْتَرِي) الْوَلِيُّ (لَهُ) أَيْ لِمَحْجُورِهِ جَوَازًا بَلْ نَدْبًا كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (الْعَقَارَ) بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ الْكِفَايَةُ هَذَا (إنْ لَمْ يَخَفْ جَوْرًا) مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ خَرَابًا) لِلْعَقَارِ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ بِهِ (ثِقَلُ خَرَاجٍ وَيَبْنِي لَهُمَا) عَقَارَهُمَا (بِالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحْرَقِ (وَالطِّينِ لَا اللَّبِنِ) أَيْ الطُّوبِ الَّذِي لَمْ يُحْرَقْ بَدَلَ الْآجُرِّ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ بَدَلَ الطِّينِ؛ لِأَنَّ اللَّبِنِ قَلِيلُ الْبَقَاءِ وَيَنْكَسِرُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى النَّقْضِ بِخِلَافِ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ كَثِيرُ الْمُؤْنَةِ، وَلَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ عِنْدَ النَّقْضِ بَلْ يَلْتَصِقُ بِالطُّوبِ فَيُفْسِدُهَا بِخِلَافِ الطِّينِ، وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَرَّرَ (وَاخْتَارَ كَثِيرٌ) مِنْ الْأَصْحَابِ (الْبِنَاءَ) أَيْ جَوَازَهُ (عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ) كَيْفَ كَانَ
(وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ) أَيْ عَقَارَ مَحْجُورِهِ؛ إذْ لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ (إلَّا لِثِقَلِ خَرَاجٍ أَوْ خَوْفِ خَرَابٍ) وَالتَّصْرِيحُ بِخَوْفِ الْخَرَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا قَبْلَهُ جَعَلَهُ الْأَصْلُ مِنْ جُمْلَةِ الْغِبْطَةِ الْآتِيَةِ (وَلَهُ بَيْعُهُ لِحَاجَةِ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ) وَنَحْوُهُمَا (إنْ لَمْ يَجِدْ قَرْضًا يَنْتَظِرُ مَعَهُ غَلَّةً) مِنْ الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ تَفِي بِالْقَرْضِ فَإِنْ وَجَدَ قَرْضًا كَذَلِكَ اقْتَرَضَ لَهُ وَامْتَنَعَ بَيْعُ الْعَقَارِ وَشَرْطُهُ الْمَذْكُورُ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي الْقَرْضِ (أَوْ لِغِبْطَةٍ كَزِيَادَةِ الثَّمَنِ) الَّذِي أُرِيدَ بَيْعُهُ بِهِ عَلَى ثَمَنٍ مِثْلِهِ (وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ) أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ وَكَالْعَقَارِ فِيمَا ذُكِرَ آنِيَةُ الْقُنْيَةِ مِنْ صُفْرٍ وَغَيْرِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عِنْدَ الْبَنْدَنِيجِيِّ قَالَ: وَمَا عَدَاهُمَا لَا يُبَاعُ أَيْضًا إلَّا لِغِبْطَةٍ أَوْ حَاجَةٍ لَكِنْ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ وَرِبْحٍ قَلِيلٍ لَائِقٍ بِخِلَافِهِمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ عَقَارِهِ حَتَّى خَرِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثِمَ، وَهَلْ يَضْمَنُ كَمَا فِي تَرْكِ عَلَفِ الدَّابَّةِ أَوْ لَا كَمَا فِي تَرْكِ التَّلْقِيحِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ تَرَكَ إيجَارَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَأَوْجَهُهُمَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ وَيُكَفِّرُ السَّفِيهُ فِي الظِّهَارِ وَفِي الْيَمِينِ بِالصَّوْمِ دُونَ الْمَالِ.
[فَصْلٌ يَلِي أَمْرَ الصَّبِيِّ وَمَنْ بِهِ جُنُونٌ وَلَوْ طَرَأَ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَلِي أَمْرَ الصَّبِيِّ وَمَنْ بِهِ جُنُونٌ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمَذْكُورَيْنِ عَلَى مَالِ الْأَجِنَّةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْفَرَائِضِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ) إنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُمَا لِبَاقِي الْعَصَبَةِ كَالنِّكَاحِ لِقُصُورِ نَظَرِهِمْ فِي الْمَالِ وَكَمَالِهِ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْقَاضِي) أَيْ الْعَدْلُ الْأَمِينُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا) إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَجْنُونُ إلَّا مُسْلِمًا نَعَمْ إنْ أَسْلَمَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ وَابْنُهُ بَالِغٌ مُسْتَمِرُّ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَانَ وَلِيَّهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْكَافِرَ يَلِي مَالَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ) وَلِهَذَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ عَلَيْهِ إلَى كَافِرٍ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ فِي النِّكَاحِ: إنَّ شَرْطَهُمَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ أَنْ يَطَّرِدَ ذَلِكَ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ، وَقَدْ نَقَلَا فِي بَابِ الْوَصَايَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ عَدَمُ الْعَدَاوَةِ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إلَخْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ خَرَابًا لِلْعَقَارِ) أَيْ بِزِيَادَةِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَيُبْنَى لَهُمَا بِالْآجُرِّ) قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يَعِزُّ فِيهَا وُجُودُ الْحِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ تُوجَدُ فِيهَا الْحِجَارَةُ كَانَتْ أَوْلَى مِنْ الْآجُرِّ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ بَقَاءً وَأَقَلُّ مُؤْنَةً وَفِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ: أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الْبِنَاءِ أَنْ لَا يَجِدَ الْوَلِيُّ عَقَارًا يُبَاعُ بِأَرْخَصَ مِنْ الْبِنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاعْتَبَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مُسَاوِيًا لِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَرْضُ الْبَلَدِ نَدِيَّةً لَا يَثْبُتُ فِيهَا إلَّا الْحَجَرُ (قَوْلُهُ وَالْجِصُّ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِثِقَلِ خَرَاجٍ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى إذَا كَانَ يَسْتَأْصِلُ بِالْخَرَاجِ جَازَ بَيْعُهُ بِثَمَنٍ تَافِهٍ وَلَوْ دِرْهَمًا (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ، وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ فِي تَجْهِيزِ مَنْ يَجْمَعُ غَلَّتَهُ فَيَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِبَلَدِهِ عَقَارًا (قَوْلُهُ أَوْ لِغِبْطَةٍ كَزِيَادَةِ الثَّمَنِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَظْهَرُ جَوَازُ بَيْعِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ دَفْعًا لِرُجُوعِ الْوَاهِبِ إذَا كَانَ أَصْلًا لَهُ، وَفِي دُخُولِهِ فِي الْغِبْطَةِ نَظَرٌ اهـ قَالَ وَالِدِي: وَالظَّاهِرُ دُخُولُهُ فِي الْغِبْطَةِ فَإِنَّهَا كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ حَسَنُ الْحَالِ قَالَ الْإِمَامُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَنْ لَا يَسْتَهِينَ بِهَا الْعُقَلَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَرَفِ الْعَقَارِ فس وَقَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ تَرَكَ إيجَارَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute