للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى الْقَاضِي لِلِاسْتِئْذَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَمَّا مَنْ وَظِيفَتُهُ تَرْتِيبُ الْخُصُومِ وَالْإِعْلَامُ بِمَنَازِلِ النَّاسِ أَيْ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالنَّقِيبِ فَلَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِاسْتِحْبَابِهِ

(فَصْلٌ وَيُشْهِدُ الْقَاضِي) وُجُوبًا شَاهِدَيْنِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِمَنْ سَأَلَ) هـ ذَلِكَ (أَوْ بِحَلِفٍ) مِنْ الْمُدَّعِي (بَعْدَ نُكُولٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدُ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمَا سَبَقَ لِنِسْيَانٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ بِحَلِفِ مُدَّعًى عَلَيْهِ) ، وَهُوَ السَّائِلُ فِي هَذِهِ فَيُجِيبُهُ الْقَاضِي لِيَكُونَ الْإِشْهَادُ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ خَصْمُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (، وَإِنْ سَأَلَهُ أَحَدُهُمَا كَتْبَ مَحْضَرٍ بِمَا جَرَى) لِيَحْتَجَّ بِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ (وَثَمَّ) أَيْ وَعِنْدَ الْقَاضِي (قِرْطَاسٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ أَتَى بِهِ السَّائِلُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) ذَلِكَ (وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ لَا الْكِتَابِ) وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَانُوا يَحْكُمُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ الْمُحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ» وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قِرْطَاسٌ وَلَا أَتَى بِهِ السَّائِلُ لَمْ يُسْتَحَبَّ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا تُنَافِيهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْوُجُوبَ فَقَطْ (وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ) عِنْدَهُ (إنْ سَأَلَ) فِيهِ (فَيَقُولُ حَكَمْت لَهُ بِكَذَا أَوْ نَفَّذْت الْحُكْمَ) بِهِ (أَوْ أَلْزَمْت خَصْمَهُ الْحَقَّ) أَوْ نَحْوَهَا (وَلَا يَجُوزُ) لَهُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ (قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، وَهُوَ وَلِيُّهُ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالِ أَحَدٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُسْتَحَبُّ) إذَا أَرَادَ الْحُكْمَ (أَنْ يُعْلِمَ الْخَصْمَ بِأَنَّ الْحُكْمَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ) لِيَكُونَ أَطْيَبَ لِقَلْبِهِ وَأَبْعَدَ عَنْ التُّهْمَةِ (وَهَلْ يَحْكُمُ عَلَى مَيِّتٍ بِإِقْرَارِهِ حَيًّا) عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْخَالِي عَنْ الْمُعَارِضِ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ (وَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا) بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ (أَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ وَاقْتِضَاءُ الْبَيِّنَةِ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَصَارَ كَقَوْلِهِ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ وَقَبِلْتهَا؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْإِلْزَامُ وَالثُّبُوتُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ وَكَذَا لَوْ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ صَحَّ وُرُودُ هَذَا الْكِتَابِ عَلَيَّ فَقَبِلْته قَبُولَ مِثْلِهِ وَالْتَزَمْت الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ تَصْحِيحُ الْكِتَابِ وَإِثْبَاتُ الْحُجَّةِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ غَيْرِ مُعْتَمَدَةٍ أُلْزِمْت بَدَلَ الْتَزَمْت وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ

(وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَحْكُمُ بِهِ وَمَنْ يَحْكُمُ لَهُ لَكِنْ يَجُوزُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِظَالِمٍ) يُرِيدُ مَا لَا يَجُوزُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُلَايَنَتِهِ (أَنْ يُلَايِنَهُ كَمَا إذَا عَارَضَ الظَّالِمَ الدَّاخِلَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ) وَطَلَب الْحُكْمَ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ (فَلَهُ إنْ خَافَهُ أَنْ يَكْتُبَ) شَيْئًا (مُوهِمًا يَدْفَعُهُ بِهِ فَيَقُولُ حَكَمْت بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ فِي مُعَارَضَةِ بَيِّنَةِ فُلَانٍ الدَّاخِلِ وَفُلَانٍ الْخَارِجِ وَقَرَّرْت الْمَحْكُومَ بِهِ فِي يَدِ الْمَحْكُومِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِاسْتِحْبَابِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَقَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ إذَا قَعَدَ وَيُقَدِّمُ الْخُصُومَ وَيُؤَخِّرُهُمْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَدَفْعِ الْمَفَاسِدِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَدْلًا أَمِينًا عَفِيفًا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَاسْتَحَبَّ الْمَاوَرْدِيُّ كَوْنَهُ حَسَنَ الْمَنْظَرِ جَمِيلَ الْمَخْبَرِ عَارِفًا بِمَقَادِيرِ النَّاسِ بَعِيدًا مِنْ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّةِ وَذَكَرَ ابْنُ خَيْرَانَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ كَهْلًا سِتِّيرًا أَيْ كَثِيرَ السَّتْرِ عَلَى النَّاسِ

[فَصْلٌ يُشْهِدُ الْقَاضِي وُجُوبًا شَاهِدَيْنِ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ الْقَاضِي عَلَيْهِ إلَخْ) لِئَلَّا يُنْكِرَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَ الْبَيِّنَةِ وَإِثْبَاتَ حَقِّهِ (قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ ذَلِكَ) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ الْحُكُومَةُ بِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ التَّسْجِيلُ جَزْمًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الزَّبِيلِيُّ وَشُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِهِ الْغَائِبُ حِفْظًا لِحَقِّهِ وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحْتَاطُ لَهُ فَسُنَّ ر (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَخْ) ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) مِنْ الْمُهِمِّ مَعْرِفَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَدَفْعِ الْحُكْمِ: أَنَّ الْحُكْمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ طَرِيقٍ قَوِيَّةٍ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ أَوْ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْمَالِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ الْيَدِ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عِلْمِهِ بِشَرْطِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُقْدِمَ عَلَى حُكْمٍ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَهِيَ طَرِيقٌ خَامِسٌ، وَهِيَ إيمَانُ الْمُدَّعِي مَعَ ظُهُورِ اللَّوْثِ وَأَمَّا دَفْعُ الْحُكْمِ فَأَسْهَلُ مِنْ الْحُكْمِ وَلَهُ أَسْبَابٌ مِنْهَا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ يُكْتَفَى فِيهِ بِالظُّهُورِ وَتَنْدَفِعُ بِهِ الدَّعْوَى وَالْيَمِينُ فِي مَوَاضِعَ لَا يَكْفِي مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ لِمَا فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْحُكْمِ مِنْ الْقُوَّةِ الزَّائِدَةِ وَالْأَهَمُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ يَسْتَدْعِي صِحَّةَ الصِّيغَةِ وَأَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ وَالْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يَسْتَدْعِي ذَلِكَ وَأَنَّ التَّصَرُّفَ صَادِرٌ فِي مَحَلِّهِ وَهَذَا نَافِعٌ فِي الصُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَإِذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ فَحُكْمُ حَاكِمٍ بِمُوجِبِ ذَلِكَ كَانَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ وَأَنَّ صِيغَتَهُ هَذِهِ صَحِيحًا حَتَّى لَا يَحْكُمَ بَعْدَهُ بِبُطْلَانِهَا مَنْ يَرَى الْإِبْطَالَ وَلَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّةِ وَقْفِهِ ذَلِكَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى كَوْنِهِ مَالِكًا لِمَا وَقَفَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ فَإِذَا ثَبَتَ حُكْمٌ حِينَئِذٍ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَالرَّافِعُ لِلْخِلَافِ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ) هُوَ الْأَصَحُّ وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي إلَخْ) لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِعِتْقِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ

(قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِعَارِضٍ وَقَوْلُهُ بَيِّنَةَ خَارِجٍ مَفْعُولٌ لَهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>