للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَتَيَقَّنْ عَدَمَ إرَادَةِ الْمَالِ فَيَمْتَنِعَ التَّصَرُّفُ فِي الْجَمِيعِ احْتِيَاطًا. فَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ لَا أَعْلَمُ قَدْرَ مَا أُقِرُّ بِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَهُ إذْ الْوَارِثُ فِي تَقْدِيرِ النَّاكِلِ وَأَلْحَقَ الْهَرَوِيُّ الْمَجْنُونَ بِالْمَيِّتِ ثُمَّ حَكَى عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ. انْتَهَى.

الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ، وَقَدْ نَقَلَ أَعْنِي الْهَرَوِيَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ أَرَادَهُ بِإِقْرَارٍ وَيَأْخُذُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ بِإِقْرَارٍ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْوَارِثُ فَالْمُصَدَّقُ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ كَالْمُقِرِّ (وَ) تَكُونُ (يَمِينُهُ عَلَى نَفْيِ الْإِرَادَةِ) أَيْ إرَادَةِ مُوَرِّثِهِ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ مِنْ حَالِ مُوَرِّثِهِ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (بِخِلَافِ تَفْسِيرِهِ الْوَصِيَّةَ) حَيْثُ أَوْصَى بِمَجْهُولٍ وَفَسَّرَهُ الْوَارِثُ وَزَعَمَ الْمُوصِي لَهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِ الِاسْتِحْقَاقِ) لِلزِّيَادَةِ (لَا) عَلَى نَفْيِ (الْإِرَادَةِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَقَدْ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ إنْشَاءُ أَمْرٍ عَلَى الْجَهَالَةِ وَبَيَانُهُ إذَا مَاتَ الْمُوصِي إلَى الْوَارِثِ (وَإِنْ فَسَّرَهُ الْمُقِرُّ بِغَيْرِ الْجِنْسِ الْمُدَّعَى) بِهِ (وَصَدَّقَهُ) الْمُقَرُّ لَهُ (فِي الْإِرَادَةِ) بِإِقْرَارِهِ لِمَا فُسِّرَ بِهِ فَقَالَ هُوَ لِي عَلَيْهِ وَلِي عَلَيْهِ مَعَهُ كَذَا ثَبَتَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَصُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي نَفْيِ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْفِ إلَى آخِرِهِ (وَ) إنْ (قَالَ) مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي الْإِرَادَةِ (مَا دَيْنِي) عَلَيْهِ (إلَّا غَيْرَهُ فَهُوَ رَدٌّ لِلْإِقْرَارِ) وَكَانَ مُدَّعِيًا عَلَيْهِ غَيْرَهُ (وَإِنْ) كَذَّبَهُ فِي الْإِرَادَةِ بِأَنْ (قَالَ) إنَّمَا (أَرَدْت) بِإِقْرَارِك (مَا ادَّعَيْت) أَنَا (حَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِ الْمُدَّعَى) بِهِ (وَ) نَفْيِ (الْإِرَادَةِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْفِ الْمُقَرُّ لَهُ مَا فَسَّرَ بِهِ) الْمُقِرُّ (ثَبَتَ لَهُ) ، وَإِنْ نَفَاهُ بَطَلَ الْإِقْرَارُ هَذَا إنْ ادَّعَى مَعَ الْإِرَادَةِ الِاسْتِحْقَاقَ.

(فَلَوْ ادَّعَى الْإِرَادَةَ فَقَطْ) بِأَنْ قَالَ مَا أَرَدْت بِإِقْرَارِك مَا فَسَّرْته بِهِ، وَإِنَّمَا أَرَدْت بِهِ كَذَا إمَّا مِنْ جِنْسِ الْمُقَرِّ بِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (لَمْ يُسْمَعْ) مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَالْإِرَادَةَ لَا يُثْبِتَانِ حَقًّا لَهُ بَلْ الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَقَّ نَفْسَهُ، وَهُوَ مَا أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ (حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالَ) أَيْ فَيُسْمَعَ فَدَعْوَى الْإِرَادَةِ مَعَ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ مَسْمُوعَةٌ وَدَعْوَاهَا وَحْدَهَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (كَمَا أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِكَذَا) بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَقَّ نَفْسَهُ.

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ الدَّائِنُ اسْتَوْفَيْت مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ قَدْ أَوْفَيْتُك فَقَالَ بَلَى ثُمَّ ادَّعَاهُ فِي الْبَعْضِ صُدِّقَ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ.

[فَصْلٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ فِي الْإِقْرَار]

(فَصْلٌ: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ أَوْ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ) أَوْ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ أَوْ نَفِيسٌ أَوْ نَحْوُهَا (أَوْ حَقِيرٌ) أَوْ قَلِيلٌ أَوْ خَسِيسٌ أَوْ طَفِيفٌ أَوْ نَحْوُهَا (أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ، وَكَذَا مِمَّا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ) عَلَى فُلَانٍ (ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ قُبِلَ) ، وَإِنْ كَثُرَ مَالُ فُلَانٍ لَصَدَقَ اسْمُ الْمَالِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ عَظِيمًا وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمِ غَاصِبِهِ وَكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ وَبِكَوْنِهِ حَقِيرًا وَنَحْوَهُ مِنْ حَيْثُ احْتِقَارُ النَّاسِ لَهُ أَوْ فَنَاؤُهُ وَبِكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَلَّ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ دَيْنٌ لَا يَتَعَرَّضُ لِلتَّلَفِ وَذَلِكَ عَيْنٌ تَتَعَرَّضُ لَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ أَيْ مَا غَلَبَ عَلَى النَّاسِ، وَإِلَى مَا قَالَهُ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ فِي كَلَامِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ وَلِهَذَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا أُلْزِمُهُ إلَّا ظَاهِرَ مَا أَقَرَّ بِهِ بَيْنَنَا، وَإِنْ سَبَقَ إلَى الْقَلْبِ غَيْرَ ظَاهِرٍ مَا قَالَهُ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ الشَّافِعِيُّ يَلْزَمُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْيَقِينِ وَبِالظَّنِّ الْقَوِيِّ لَا بِمُجَرَّدِ الظَّنِّ وَالشَّكِّ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُتَمَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مَا يَسُدُّ مَسَدًّا أَوْ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ جَلْبِ نَفْعِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرِ مَا لَيْسَ مُتَمَوَّلًا كَالْكَلْبِ وَالسِّرْجِينِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ لِمُبَايَنَتِهِ اسْمَ الْمَالِ لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِمَالٍ مُتَمَوَّلٍ كَتَمْرَةٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْبَلُ بِهِ، وَكُلُّ مُتَمَوَّلٍ مَالٌ، وَلَا يَنْعَكِسُ، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَفِيهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ لَا بِمَا وُقِفَ عَلَيْهِ وَحَذَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ فِيهِمَا أَنْ يَقُولَ عِنْدِي مَالٌ وَالصُّورَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ أَنَّ حَبَّةَ الْبُرِّ وَنَحْوَهَا مَالٌ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهَا لَا تُعَدُّ مَالًا فَإِنْ كَوْنَهَا لَا تُعَدُّ مَالًا لِعَدَمِ تَمَوُّلِهَا لَا يَنْفِي كَوْنَهَا مَالًا كَمَا يُقَالُ زَيْدٌ لَا يُعَدُّ مِنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَالْإِبْهَامُ فِي الْجِنْسِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ الدَّائِنُ اسْتَوْفَيْت مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ قَدْ أَوْفَيْتُك فَقَالَ بَلَى]

(قَوْلُهُ: أَوْ نَفِيسٌ أَوْ نَحْوُهَا) كَوَافِرٍ أَوْ غَيْرِ تَافِهٍ أَوْ مَالٍ، وَأَيِّ مَالٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ) قِيلَ الْمُتَمَوَّلُ مَا يَسُدُّ مَسَدًّا أَوْ يَقَعُ مَوْقِعًا يَحْصُلُ بِهِ جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ أَثِمَ غَاصِبُهُ، وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ) أَيْ وَثَوَابُ بَاذِلِهِ لِمُضْطَرٍّ وَنَحْوِهِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَقِيرِ أَوْ الشَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَا أُلْزِمُهُ إلَّا ظَاهِرَ مَا أَقَرَّ بِهِ بَيْنَنَا إلَخْ) ، وَكَذَلِكَ لَا أَلْتَفِتُ إلَى سَبَبِ مَا أَقَرَّ بِهِ إذَا كَانَ لِكَلَامِهِ ظَاهِرٌ يَحْتَمِلُ خِلَافَ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُجِيبُ عَلَى خِلَافِ السَّبَبِ الَّذِي كُلِّمَ عَلَيْهِ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَبِالظَّنِّ الْقَوِيِّ) كَشَهَادَةِ الزُّورِ (قَوْلُهُ: وَحَبَّةِ بُرٍّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلْحَاقُهُ حَبَّةَ الْبُرِّ بِالتَّمْرَةِ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَبَّةَ الْبُرِّ لَا تَسُدُّ مَسَدًّا فِي عُمُومِ الْأَشْخَاصِ بِخِلَافِ التَّمْرَةِ وَنَحْوِهَا. اهـ. يُجَابُ بِأَنَّ لَهَا وَقْعًا فِي نَفَقَةِ عُصْفُورِهِ إذْ تَسُدُّ مِنْهَا مَسَدًّا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْبَلُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَكْثُرُ التَّمْرُ كَالْبَصْرَةِ فَأَمَّا حَيْثُ يَقِلُّ فَيُقْبَلُ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ) مِثْلُ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْمُكَاتَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>