للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ (بِدَيْنِ جِنَايَةٍ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) فَلَوْ بِيعَ فِيهِ وَبَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ أَنَّهُ يُطَالِبُ بِهِ إنْ صَدَّقَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَدِيمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ.

(وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِتْلَافٍ) لِمَالٍ لِغَيْرِهِ (قَبْلَهُ يَلْزَمُهُ) بِهِ الْمَالُ لَا سَيِّدَهُ (وَ) لَوْ ثَبَتَ (بِالْبَيِّنَةِ) أَنَّهُ كَانَ جَنَى (يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْأَرْشُ وَالدَّعْوَى) عَلَى الْعَبْدِ (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ) كَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ (كَالدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ) فَلَا تُسْمَعُ وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ التَّشْبِيهَ فِي عَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

[فَرْعٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ]

(فَرْعٌ: يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ بِالنِّكَاحِ وَمُوجِبِ الْعُقُوبَاتِ وَبِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ (لِلْأَجْنَبِيِّ) كَالصَّحِيحِ (وَيُسَاوِي) إقْرَارُهُ (الْبَيِّنَةَ) فِي الْقَبُولِ (وَكَذَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ (لِلْوَارِثِ) وَيُسَاوِي الْبَيِّنَةَ كَالصَّحِيحِ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ وَلَا يَقْصِدُ حِرْمَانَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ يَصْدُقُ فِيهَا الْكَذُوبُ وَيَتُوبُ فِيهَا الْفَاجِرُ، وَالتَّصْرِيحُ بِذَكَرِهِ مُسَاوَاةَ إقْرَارِهِ لِلْبَيِّنَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ إقْرَارُهُ لَهُ (بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) لَهُ (فِي الصِّحَّةِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِتَحْصِيلِ الْبَرَاءَةِ بِتَقْدِيرِ صِدْقِهِ وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ أَيْضًا بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ فِي الْمَرَضِ لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَمَا سَيُعْلَمُ فِي الْوَصِيَّةِ.

(وَلَا يُقَدَّمُ) فِيمَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ وَفِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ (إقْرَارُ الصِّحَّةِ) عَلَى إقْرَارِ الْمَرَضِ بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ (بَلْ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ) عَلَى الْمُوَرِّثِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ لِآخَرَ (أَوْ حَدَثَ ضَمَانٌ) لِإِنْسَانٍ عَلَيْهِ (مِنْ حَفْرٍ تَعَدَّى بِهِ حَيًّا شَارَكَ صَاحِبَهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الدَّيْنِ وَالضَّمَانِ (الْغُرَمَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ فِعْلُ الْمَرِيضِ، وَإِقْرَارُ وَارِثِهِ كَإِقْرَارِهِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْتَغْرِقًا أَمْ لَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ فِي الْإِرْثِ، وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ، وَهِيَ مُصَدِّقَةٌ لَهُ ضَارَبَتْ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ الدَّيْنِ مَعَ أَصْحَابِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِمَّنْ عِبَارَتُهُ نَافِذَةٌ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانٍ فَعَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهَا كَعَمَلِ عِبَارَةِ الْحَائِزِ فِي الْكُلِّ.

(وَإِنْ صَدَّقَ الْوَارِثُ) فِيمَا لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الْمُوَرِّثَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ مَثَلًا وَآخَرُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ (مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ صَدَّقَ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ (أَوْ صَدَّقَهُمَا مَعًا قُدِّمَ الدَّيْنُ) عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ) لِإِنْسَانٍ (بِدَيْنٍ) وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا (ثُمَّ) لِآخَرَ (بِعَيْنٍ قُدِّمَ صَاحِبُهَا) كَعَكْسِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ لَا يَتَضَمَّنُ حَجْرًا فِي الْعَيْنِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِنُفُوذِ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ الْمَرِيضِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صُرِّحَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ نَعَمْ لَوْ قَضَى فِي مَرَضِهِ دُيُونَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ الْمَالُ بِجَمِيعِ الدُّيُونِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ (أَوْ) أَقَرَّ (بِإِعْتَاقِ أَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ وَوَرِثَ) إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (أَوْ) أَقَرَّ (بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ) لِتَرِكَتِهِ (عَتَقَ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَبَرُّعٌ.

(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ) بِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] جَعَلَ الْإِكْرَاهَ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا عَدَاهُ وَصُورَةُ إقْرَارِهِ أَنْ يُضْرَبَ لِيُقِرَّ (فَلَوْ ضُرِبَ لِيُصَدَّقَ) فِي الْقَضِيَّةِ (فَأَقَرَّ) حَالَ الضَّرْبِ أَوْ بَعْدَهُ (لَزِمَهُ) مَا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُنَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيُصَدَّقَ وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ (وَ) لَكِنْ (يُكْرَهُ إلْزَامُهُ حَتَّى يُرَاجِعَ وَيُقِرَّ ثَانِيًا) نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ ذَلِكَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ، وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُكْرَهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْته ثُمَّ قَالَ، وَقَبُولُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ وَعَلَى غَيْرِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ إذَا أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِوَارِثٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَحِقَ مَنْ أَقَرُّوا عَلَيْهِ قَالَ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ أَوْ قَطَعَ أَوْ سَرَقَ فَإِنَّ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ضَرَرَ سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: فَرْعٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَيُسَاوِي الْبَيِّنَةَ، وَكَذَا لِلْوَارِثِ) أَيْ كَإِقْرَارِ الزَّوْجَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ أَنْ يُقِرَّ لِي بِهِ لِكَوْنِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَبَطَلَ ع وَبِهَذَا أَفْتَيْت، وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ تَحْلِيفَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ مِلْكُهُ لِلْعَيْنِ فِي حَالَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهَا مُطْلَقًا وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ عَنْ هِبَةٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ عَنْ مُعَاوَضَةٍ لَا مُحَابَاةَ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُعَاوَضَةِ، وَهِيَ نَظِيرُ الْأَبِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ يُفَسِّرُهُ بِالْهِبَةِ لِيَرْجِعَ فِيهِ فَيُقْبَلُ فِي الْأَصَحِّ حَمْلًا لِلْإِقْرَارِ عَلَى أَضْعَفِ الْمِلْكَيْنِ، وَأَدْنَى السَّبَبَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ لَنَفَذَ، وَكَذَا فِي الْمَرَضِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَا تُهْمَةَ فَإِنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى الْآخِرَةِ فَهُوَ أَدْعَى لِصِدْقِهِ، وَإِنْ سَلَّمَ فَالتُّهْمَةُ أَيْضًا مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ لِأَخِيهِ، وَلَا وَلَدَ لَهُ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ، وَقَدْ سَلَّمَ الْخَصْمُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لَهُ وَمُنْتَفِيَةٌ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِأَخِيهِ، وَلَهُ، وَلَدٌ فَمَاتَ وَصَارَ الْأَخُ وَارِثَهُ وَقَالَ إنَّ الْإِقْرَارَ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ لَهُ فِي الصِّحَّةِ) فَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصِّحَّةِ بَلْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ، وَهَبَ وَارِثَهُ كَذَا أَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ عُرِفَ أَنَّهَا كَانَتْ لِلْمَرِيضِ هَذِهِ مِلْكٌ لِوَارِثِي نَزَلَ ذَلِكَ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ إلَخْ) وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ، وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ.

(قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>