للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفَهَا.

(وَلَوْ قَطَعَ عَبْدٌ يَدَ حُرٍّ فَاقْتَصَّ) مِنْهُ (ثُمَّ عَتَقَ فَمَاتَ الْحُرُّ) بِالسِّرَايَةِ (سَقَطَ مِنْ دِيَتِهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَزِمَ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَبَاقِي الدِّيَةِ إذْ عِتْقُهُ اخْتِيَارٌ لِلْفِدَاءِ) ، وَقِيلَ يَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَنِصْفِ الدِّيَةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ اقْتَصَّ الْوَكِيلُ بَعْدَ عَفْوِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ عَزْلِهِ إيَّاهُ عَالِمًا) بِذَلِكَ (اقْتَصَّ مِنْهُ) كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ (أَوْ جَاهِلًا) بِهِ (فَلَا) يُقْتَصُّ مِنْهُ لِعُذْرِهِ، وَلَا مِنْ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا، وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَوَدِ فِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ بِأَنَّ الْقَتْلَ ثَمَّ يَقْصُرُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُخَلَّى بَلْ يُحْبَسُ، وَالْحَرْبِيُّ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى دُخُولِ دَارِنَا بِلَا أَمَانٍ، وَلَا يَخْلُو مِنْ عَلَامَةٍ فَكَانَ حَقُّهُ التَّثَبُّتَ، وَالْوَكِيلُ مَعْذُورٌ هُنَا.

(وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ فِي (أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ، وَاسْتَحَقَّ الْقِصَاصَ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْعَزْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ) إنْ عَلِمَ أَنَّ قِصَاصَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْعَفْوِ، أَوْ الْعَزْلِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَقَتَلَهُ اقْتَصَّ مِنْهُ فَإِذَا جَهِلَهُ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ خِلَافُهُ (مُغَلَّظَةً وَحَالَّةً فِي مَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ، وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْكِنُ إعْلَامُ الْوَكِيلِ بِالْعَفْوِ فِيهَا فَلَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَعَفَا الْوَكِيلُ قَبْلَ الْقِصَاصِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَانَ عَفْوُهُ بَاطِلًا وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ نَحْوَهُ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الدِّيَةُ قَطْعًا وَتَعْلِيلُهُمْ قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ. انْتَهَى.

وَحَيْثُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْوَكِيلِ فَهِيَ (لِوَرَثَةِ الْجَانِي لَا لِلْمُوَكِّلِ) كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَلِسُقُوطِ حَقِّ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الْقَتْلِ (وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ) بِالدِّيَةِ (عَلَى الْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَّا أَنْ يُنْسَبَ الْمُوَكِّلُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْإِعْلَامِ فَالْأَرْجَحُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الزَّوْجِ الْمَغْرُورِ لَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ فِي الْأَظْهَرِ لِانْتِفَاعِهِ بِالْوَطْءِ.

(بَابٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ) لَوْ (قَطَعَ عَبْدٌ حُرًّا فَاشْتَرَاهُ) بِغَيْرِ الْأَرْشِ (لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) كَمَا لَوْ قَطَعَهُ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِالْأَرْشِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ (لِلْجَهْلِ بِوَصْفِ الْإِبِلِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ وَالْوَاجِبُ الْقِصَاصُ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْمَالِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ) ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ (وَإِنْ صَالَحَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى عَيْنٍ فَاسْتُحِقَّتْ، أَوْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ) ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا (وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ لِاخْتِيَارِهِ لِلْفِدَاءِ) بِالصُّلْحِ (الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (جَنَى حُرٌّ عَلَى حُرٍّ بِمُوجِبِ قِصَاصٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (فَصَالَحَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِصَاصِ (عَلَى مَالٍ صَحَّ) ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ مَجْهُولَةً (فَإِنْ خَرَجَ) الْمَالُ (مُسْتَحَقًّا، أَوْ مَعِيبًا) ، أَوْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ (رَجَعَ إلَى الْأَرْشِ) لَا إلَى قِيمَةِ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ لَا ضَمَانَ يَدٍ (وَإِنْ أَوْجَبَتْ) الْجِنَايَةُ (الْمَالَ) فَصَالَحَ مِنْهُ عَلَى عَيْنٍ (لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْجِنَايَةِ أَيْ أَرْشِهَا لِمَا مَرَّ فَلَوْ قَالَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَيْنًا مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ أَيْ، أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ، أَوْ مِنْ الْجَانِي فِي الْعَمْدِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (وَجَبَ عَلَى امْرَأَةٍ قِصَاصٌ فَتَزَوَّجَهَا بِهِ مُسْتَحِقُّهُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَقْصُودٌ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْعَفْوَ عَنْهُ، وَإِطْلَاقُهُ الْمَرْأَةَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهَا بِالْحُرَّةِ إذْ لَا فَرْقَ (فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا، وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ فَعَلَّمَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ (وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِالدِّيَةِ) الْوَاجِبَةِ لَهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (فَالصَّدَاقُ فَاسِدٌ) لِلْجَهْلِ بِالدِّيَةِ (وَإِنْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا فَصَالَحَ عَنْ قِيمَتِهِ) الْمَعْلُومَةِ (عَلَى عَيْنٍ وَاسْتُحِقَّتْ) ، أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ (رَجَعَ) السَّيِّدُ (بِالْأَرْشِ قَطْعًا) وَذِكْرُ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالتَّلَفِ (فَإِنْ كَانَ الْجَانِي) فِيمَا ذُكِرَ (عَبْدًا فَالسَّيِّدُ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ بِالصُّلْحِ، وَلَيْسَ بِمُخْتَارٍ) لَهُ (إنْ صَالَحَ عَلَى رَقَبَتِهِ) وَاسْتُحِقَّتْ، أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَيَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ حِينَئِذٍ بِهَا) كَمَا كَانَ حَتَّى لَوْ مَاتَ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ فَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَيْهِ وَعَفَا) عَنْ الْبَاقِي (عَلَى الدِّيَةِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَصَّ الْوَكِيلُ بَعْدَ عَفْوِ الْمُوَكِّلِ إلَخْ) أَوْ قَالَ قَتَلْته بِشَهْوَتِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ) فَهُوَ مَعْذُورٌ، وَيُخَالِفُ مَا إذَا قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ مُسْلِمًا حَيْثُ يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ هُنَاكَ مُقَصِّرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَلَامَةٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يَسْتَصْحِبُ لِأَصْلٍ يَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ نَحْوَهُ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) لَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا وُجُوبَ الضَّمَانِ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَيْسَ فِيهِ إرْشَادٌ لِذَلِكَ. ش مَا ذَكَرَاهُ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ ضَعَّفَهُ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ.

وَهِيَ مَا لَوْ رَمَى الْمُسْتَحِقُّ إلَى الْجَانِي ثُمَّ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَحَكَيَا فِيهَا وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ اخْتِيَارِهِ، وَأَصَحُّهُمَا صِحَّتُهُ سَوَاءٌ أَصَابَهُ السَّهْمُ أَمْ لَا كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ جَارٍ سَوَاءٌ أَنَسَبَ الْمُوَكِّلَ إلَى تَقْصِيرٍ أَمْ لَا فَلَا يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ إذْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يَقْتَصَّ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ بَعْدَ إذْنِهِ.

[بَابٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ]

<<  <  ج: ص:  >  >>