للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلُ (لَيْلٍ)

رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ التَّابِعِيِّ قَالَ كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُخْتَمَ الْقُرْآنُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَخَتْمُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَفْضَلُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ خَتَمَ وَحْدَهُ فَالْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، وَنُدِبَ صِيَامٌ يَوْمَ الْخَتْمِ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ يَوْمًا نَهَى الشَّرْعُ عَنْ صِيَامِهِ (وَ) نُدِبَ (الدُّعَاءُ بَعْدَهُ وَحُضُورُهُ) لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِيهِمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْحُيَّضَ بِالْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ» (وَ) نُدِبَ (الشُّرُوعُ بَعْدَهُ) فِي خَتْمَةٍ أُخْرَى لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ خَيْرُ الْأَعْمَالِ الْحِلُّ وَالرِّحْلَةُ قِيلَ وَمَا هُمَا قَالَ افْتِتَاحُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ» وَعَنْ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا انْتَهَى فِي آخِرِ الْخَتْمَةِ إلَى سُورَةِ النَّاسِ قَرَأَ بِالْفَاتِحَةِ وَإِلَى الْمُفْلِحُونَ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ

(وَ) نُدِبَ (كَثْرَةُ تِلَاوَتِهِ) قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} [فاطر: ٢٩] الْآيَةَ وَالْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

(وَنِسْيَانُهُ كَبِيرَةٌ) ، وَكَذَا نِسْيَانُ شَيْءٍ مِنْهُ لِخَبَرِ «عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» وَخَبَرُ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد (وَلْيَقُلْ نَدْبًا أُنْسِيت) كَذَا أَوْ أَسْقَطَتْهُ (لَا نَسِيته) لِخَبَرِ «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيت آيَةَ كَذَا، وَكَذَا بَلْ هُوَ نُسِّيَ» وَخَبَرِ «بِئْسَمَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيت آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ» وَخَبَرِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَقَدْ ذَكَّرَنِي آيَةً كُنْت أُسْقِطْتُهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «كُنْت أُنْسِيتهَا» رَوَاهَا كُلَّهَا الشَّيْخَانِ

(وَحَرُمَ تَفْسِيرُهُ بِلَا عِلْمٍ) أَيْ الْكَلَامُ فِي مَعَانِيه لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالْإِجْمَاعِ فَكُلُّ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَدَوَاتِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُهُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَنْقُلَهُ عَنْ الْمُعْتَمَدِينَ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَوْ الْعَنْكَبُوتِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَيُحَافِظَ عَلَى قِرَاءَةِ يس وَالْوَاقِعَةِ وَتَبَارَكَ الْمُلْكِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ كُلَّ وَقْتٍ وَكُلَّ لَيْلَةٍ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ وَالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: ٢٨٥] إلَى آخِرِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَكُرِهَ دَرْسُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ مَذْكُورٌ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهَا بَلْ هُوَ نَفْسُهُ أَعَادَ بَعْضَهُ ثَمَّ

(بَابُ الْغُسْلِ.) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ مَصْدَرُ غَسَلَ الشَّيْءَ، وَبِمَعْنَى الِاغْتِسَالِ كَقَوْلِهِ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ» وَبِضَمِّهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ فَفِيهِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ لُغَتَانِ الْفَتْحُ وَهُوَ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ لُغَةً وَالضَّمُّ وَهُوَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ سِدْرٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لُغَةً سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ (مُوجِبُهُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمُوجِبُهُ خَمْسَةٌ وَعَدَّهُ الْأَصْلُ أَرْبَعَةً لِجَعْلِهِ النِّفَاسَ مُلْحَقًا بِالْحَيْضِ وَيَصِحُّ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ (مَوْتٌ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: ٢] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَّرَ، وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ (وَخُرُوجُ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِانْقِطَاعِهِ) أَيْ مَعَهُ لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] أَيْ الْحَيْضِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» وَقِيسَ بِالْحَيْضِ النِّفَاسُ بَلْ هُوَ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ وَيُعْتَبَرُ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْقِطَاعِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالتَّحْقِيقِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُوجِبَهُ الِانْقِطَاعُ فَقَطْ كَمَا قَدَّمْت ذَلِكَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ

(وَ) خُرُوجُ (وَلَدٍ وَلَوْ عَلَقَةً وَمُضْغَةً) وَ (بِلَا بَلَلٍ) لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ كَالنَّوْمِ مَعَ الْخَارِجِ وَتُفْطِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَجَنَابَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] وَيَحْصُلُ (بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةٍ وَلَوْ مِنْ) ذَكَرٍ (أَشَلَّ) أَوْ بِلَا قَصْدٍ أَوْ غَيْرِ مُنْتَشِرٍ (أَوْ) بِإِدْخَالِ (قَدْرِهَا) مِنْ فَاقِدِهَا (فِي فَرْجٍ وَلَوْ) مِنْ غَيْرِ مُشْتَهًى أَوْ (دُبُرٍ أَوْ بِحَائِلٍ) كَخِرْقَةٍ لَفَّهَا عَلَى ذَكَرِهِ وَلَوْ غَلِيظَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» ، وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ كَخَبَرِ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» فَمَنْسُوخَةٌ وَأَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَالْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ) وَأَنْ يَخْتِمَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهُ إنْ أَمْكَنَ وَوَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطُوا فَضْلَهُ فَهُمْ حَرِيصُونَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ، وَيُقَالُ إنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ يَقْرَؤُنَهُ

(قَوْلُهُ: وَنِسْيَانُهُ كَبِيرَةٌ) مَوْضِعُهُ إذَا كَانَ نِسْيَانُهُ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا غ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. إلَخْ) وَلَا قِرَاءَةُ فُلَانٍ وَلَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بِغَيْرِ صِيغَةِ الْمَاضِي وَلَا النَّفْثُ مَعَ الْقُرْآنِ لِلرُّقْيَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِعْلُهُ

[بَابُ الْغُسْلِ]

(بَابُ الْغُسْلِ) (قَوْلُهُ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ) يَرُدُّ عَلَى مَفْهُومِهِ السَّقْطُ إذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ غُسْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمِنْ مُوجِبَاتِهِ تَحَيُّرُ الْمُسْتَحَاضَةِ فَإِنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ ع (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ الْحَيَاةُ) الْأَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ أَنْ يُقَالَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا اتَّصَفَ بِهَا بِالْفِعْلِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ ح يُجَابُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ خُرُوجَ مَنِيِّهَا إلَّا بِخُرُوجِ الْوَلَدِ كُلِّهِ لَا بِخُرُوجِ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةٍ) لَوْ عَبَّرَ بِدُخُولِ حَشَفَةٍ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مِنْ فَاقِدِهَا) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ حَشَفَةُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُبُرًا وَبِحَائِلٍ) أَيْ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>