للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدُ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ فَإِنْ قَالَ وَزَنْت مِثْلَيْهِ أَوْ نِصْفَهُ مَثَلًا كَانَ الِاشْتِرَاكُ بِحِسَابِهِ فَلَهُ فِي الْأُولَى ثُلُثَاهُ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ ثُلُثُهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ (وَإِنْ قَالَ أَعْطَانِي أَلْفًا) لِأَشْتَرِيَ لَهُ الْعَبْدَ (وَ) قَدْ (اشْتَرَيْته لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ فَالْعَبْدُ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ بَطَلَ) إقْرَارُهُ (فِي الْعَبْدِ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) الَّتِي أَقَرَّ بِهَا هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (عَلَيَّ أَلْفٌ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ) أَوْ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ فِيهِ (فَأَلْفٌ) تَلْزَمُهُ (بِكُلِّ حَالٍ) حَتَّى تَلْزَمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُ الْعَبْدِ أَوْ قِيمَتُهُ أَلْفًا.

قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ التَّفْسِيرَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الشِّرَاءِ لَا يَجِيءُ هُنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِإِتْيَانِهِ بِعَلَيَّ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي عَبْدِي قَالَ السُّبْكِيُّ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ فِي هَذَا الْعَبْدِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ التَّفْسِيرُ بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ بِالشِّرَاءِ لِلْمُقَرِّ لَهُ.

(فَرْعٌ: قَوْلُهُ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ كَأَلْفٍ) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (فِي) هَذَا (الْعَبْدِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (إلَّا أَنْ يُرِيدَهُمَا مَعًا) فَيَلْزَمَانِهِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَدِرْهَمٌ) فَقَطْ يَلْزَمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ يَأْتِيَانِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَيْضًا.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ أَوْ) لَهُ (فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا فَإِقْرَارٌ) فِي الْأُولَى (عَلَى الْأَبِ) بِأَلْفٍ فِي الْمِيرَاثِ (وَ) فِي الثَّانِيَةِ (بِنِصْفِ الدَّارِ) وَاسْتُشْكِلَتْ الْأُولَى بِأَنَّ قِيَاسَ مَا فُسِّرَ بِهِ فِي لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ فِيهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ إقْرَارٌ بِتَعَلُّقِ الْأَلْفِ بِعُمُومِ الْمِيرَاثِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْخُصُوصِ بِتَفْسِيرِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُفَسَّرَ بِجِنَايَتِهِ أَوْ رَهْنِهِ مَثَلًا لَوْ تَلِفَ ضَاعَ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الْأَوَّلِ وَانْقَطَعَ حَقُّ تَعَلُّقِهِ بِعَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الثَّانِي فَيَصِيرُ كَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِمَا يُرْفَعُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فُسِّرَ هُنَا بِمَا يَعُمُّ الْمِيرَاثَ، وَأَمْكَنَ قُبِلَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ ثُمَّ وَلَهُ عَبِيدٌ لَهُ فِي هَذِهِ الْعَبِيدِ أَلْفٌ وَفُسِّرَ بِجِنَايَةِ أَحَدِهِمْ لَمْ يُقْبَلْ وَخَرَجَ أَحَدُهُمْ لَمْ يُقْبَلْ وَخَرَجَ بِالْأَلْفِ الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَقَوْلِهِ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ فَلَا يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ، وَإِلَّا لَتَعَلَّقَ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِذَلِكَ الْجُزْءِ وَقَبِلَهُ، وَأَجَازَهُ الْوَارِثُ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي نِصْفُهُ كَقَوْلِهِ لَهُ فِي مِيرَاثِي نِصْفُهُ، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَهُ فِيهِ ثُلُثُهُ إقْرَارًا لَهُ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ (أَوْ) فِي (دَارِي) نِصْفُهَا (أَوْ) فِي (مَالِي) أَلْفٌ فَهُوَ (وَعْدٌ) لِهِبَةٍ (لَا يَلْزَمُ) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ إذَا لَمْ يُرِدْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْكُلَّ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَنْتَظِمْ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِبَعْضِهِ كَمَا لَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِكُلِّهِ فِي قَوْلِهِ دَارِي لِفُلَانٍ وَفَارَقَتْ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَا مَرَّ فِي مِيرَاثِ أَبِي بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ أَثْبَتَ حَقَّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّعَ إذْ لَا تَبَرُّعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفِي هَذِهِ أَضَافَ الْمِيرَاثَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا فَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ تَبَرُّعًا، وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي الْفَرْقَ بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَإِضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ لَا تَمْنَعُ كَوْنَهُ إقْرَارًا عَلَى أَبِيهِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ فَإِنَّهُمْ لَا يُضِيفُونَ إلَى أَنْفُسِهِمْ الْمِيرَاثَ إلَّا فِي الْمُسْتَقِرِّ.

(فَإِنْ كَانَ) مَا ذُكِرَ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (بِصِيغَةٍ مُلْزِمَةٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ فِي مِيرَاثِي) أَلْفٌ (أَوْ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ بِحَقٍّ لَزِمَنِي أَوْ) بِحَقٍّ (ثَابِتٍ) أَوْ لَهُ فِي دَارِي نِصْفُهَا بِحَقٍّ لَزِمَنِي أَوْ ثَابِتٍ (لَزِمَهُ) مَا أَقَرَّ بِهِ (سَوَاءٌ بَلَغَ الْمِيرَاثُ) أَوْ الْمَالُ (أَلْفًا أَوْ نَقَصَ عَنْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِلُزُومِهِ) لَهُ وَبِمَا قَرَّرْته عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ بِحَقٍّ لَزِمَنِي أَوْ ثَابِتٍ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ.

(فَرْعٌ) فِي التَّأْكِيدِ وَالْعَطْفِ وَنَحْوِهِمَا (التَّكْرَارُ بِلَا عَاطِفٍ تَأْكِيدٌ فَيَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ، وَإِنْ زَادَ التَّكْرِيرُ دِرْهَمٌ وَبِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ثَلَاثَةٌ) لِاقْتِضَاءِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَرْعٌ قَوْلُهُ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ كَأَلْفٍ فِي الْعَبْدِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا التَّشْبِيهُ لَا يُطَابِقُ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي فِي التَّهْذِيبِ لَوْ قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ فِي هَذَا الدِّينَارِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَلْفٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ فِي دِينَارٍ لِي إلَّا أَنْ يُرِيدَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِينَارٌ فَيَلْزَمُهُ كِلَاهُمَا نَعَمْ كَانَ الرَّافِعِيُّ تَابَعَ الْإِمَامَ فَإِنَّهُ قَالَ هُوَ كَالْعَبْدِ فِيمَا سَبَقَ إلَّا فِي الْجِنَايَةِ فَإِنَّهَا لَا تُتَصَوَّرُ هُنَا، وَكَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ قَالَ الْمُقِرّ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ أَوْ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا]

(قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ عَلَى الْأَبِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَائِزًا، وَكَذَّبَهُ الْبَاقُونَ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا بِالْحِصَّةِ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ هُنَا بِمَا يَعُمُّ الْمِيرَاثَ، وَأَمْكَنَ قُبِلَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي الْفَرْقَ إلَخْ) وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَطْلَبِ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ عَلَى أَبِيهِ بِالْأَلْفِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ لَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِرَهْنٍ عَلَى دَيْنِ الْغَيْرِ كَقَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ، وَأَجَابَ بِمَا لَا مُقْنِعَ فِيهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالثُّلُثِ، وَقَوْلُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَالِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالثُّلُثِ، وَقَوْلُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي يَعُمُّ الْكُلَّ، وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِاقْتِضَاءِ لَفْظِ الْمُقِرِّ كُلَّ الْمِيرَاثِ الشَّامِلِ لِكُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْأَبِ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ رَهْنًا بِدَيْنِ الْغَيْرِ، وَأَيْضًا لَيْسَ فِي كَلَامِهِ، وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ فِي ذِمَّةِ الْأَبِ، وَقَدْ يُقْصَدُ تَعَلُّقُهُ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ إذْ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ هُنَا. اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ لَا يُضِيفُونَ إلَى أَنْفُسِهِمْ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الِانْتِقَالَ وَالتَّعَلُّقَ حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ حَيْثُ أَضَافَ الْمِيرَاثَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَقَلَّ بِهِ وَصَارَ مِثْلَ الْمُوَرَّثِ فِيهِ لَا تَعَلُّقَ لِأَحَدٍ بِهِ فَيُنَاقِضُهُ إثْبَاتُ التَّعَلُّقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ التَّكْرِيرُ) أَيْ أَلْفَ مَرَّةٍ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ التَّأْكِيدِ وَسَوَاءٌ كَرَّرَهُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَرُدُّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ. اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَيَلِيقُ بِهِ التَّكْرَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>