للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: أَمَّا الْقَضَاءُ عَنْ الْحَيِّ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا بِأَمْرِهِ أَوْ غَيْرِ أَمْرِهِ عَنْ عَاجِزٍ أَوْ قَادِرٍ انْتَهَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الْقَضَاءِ.

(وَلَوْ مَنَعَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (الزَّوْجُ) مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ الَّذِي نَذَرَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (بِحَقٍّ سَقَطَ) الصَّوْمُ عَنْهَا (وَلَا فِدْيَةَ) عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِحَقٍّ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَنَعَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ كَأَنْ نَذَرَتْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا، وَلَا تَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ فَلَا يَسْقُطُ صَوْمُهَا وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ إنْ لَمْ تَصُمْ (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَلَمْ تَصُمْ) تَعَدِّيًا (فَدَتْ) وَأَثِمَتْ لِتَعَدِّيهَا.

(وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ) فِي الْأُولَى (وَ) فِي (الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ (وَإِنْ صَحَّ فِعْلُ الْمَنْذُورِ فِيهِمَا) وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ فِي بَابَيْهِمَا.

(النَّوْعُ الثَّانِي) مِنْ الْمُلْتَزَمَاتِ (الْحَجُّ) وَالْعُمْرَةُ (وَإِذَا نَذَرَ الْحَجَّ) مَثَلًا (مَاشِيًا أَوْ الْمَشْيَ حَاجًّا لَزِمَهُ الْمَشْيُ، وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَإِنَّمَا كَانَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ زِيَادَةِ مُؤْنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِهِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ حَالَ النَّذْرِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَوْ أَمْكَنَهُ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فَلَوْ صَرَّحَ بِالْمَشْيِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ لَزِمَهُ) الْمَشْيُ مِنْهَا قَبْلَ إحْرَامِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ بِأَنْ أَطْلَقَ الْحَجَّ مَاشِيًا (فَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، وَلَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فِي الْحَجِّ وَابْتِدَاءُ الْحَجِّ مِنْ الْإِحْرَامِ (وَانْتِهَاؤُهُ) أَيْ الْمَشْيِ فِي الْحَجِّ (التَّحَلُّلُ الثَّانِي) أَيْ الْفَرَاغُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ مَا بَقِيَتْ عَلَقَةُ الْإِحْرَامِ (وَ) انْتِهَاؤُهُ (فِي الْعُمْرَةِ فَرَاغُهَا) إذْ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا إلَّا بِفَرَاغِهَا، وَلَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي (وَإِنْ بَقِيَ) عَلَيْهِ (رَمْيٌ وَمَبِيتٌ) ؛ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ مِنْ الْحَجِّ خُرُوجَ السَّلَامِ الثَّانِي مِنْ الصَّلَاةِ وَذِكْرُ الْمَبِيتِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَهُ التَّرَدُّدُ) فِي خِلَالِ أَعْمَالِ النُّسُكِ (فِي حَوَائِجِهِ) مِنْ تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا (رَاكِبًا، وَإِنْ أَفْسَدَهُ) أَيْ النُّسُكَ (أَوْ فَاتَ وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْمَشْيُ فِي الْقَضَاءِ) تَدَارُكًا لِمَا الْتَزَمَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا فِي) النُّسُكِ (الْفَاسِدِ وَ) لَا فِي (عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ) مِنْ الْحَجِّ فِي سَنَةِ فَوَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ عَنْ أَنْ يُجْزِئَهُ عَنْ نَذْرِهِ (فَإِنْ رَكِبَ) فِي حَجِّهِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ (أَجْزَأَهُ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ أَتَى بِالْأَرْكَانِ، وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا هَيْئَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ الْمَبِيتَ بِمِنًى (وَعَلَيْهِ دَمٌ) ، وَإِنْ رَكِبَ لِعُذْرٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «إنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْبَيْتِ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا» ؛ وَلِأَنَّهُ صَارَ بِالنَّذْرِ نُسُكًا وَاجِبًا فَوَجَبَ بِتَرْكِهِ الدَّمُ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ؛ وَلِأَنَّ مَا وَجَبَ بِهِ الدَّمُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ فِيهِ بِالْعُذْرِ كَالتَّطَيُّبِ وَاللِّبَاسِ وَالدَّمُ شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ تَرَفُّهٌ بِتَرْكِ الْمَشْيِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا تَرَفَّهَ بِاللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ (وَأَثِمَ) بِالرُّكُوبِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (عُذْرٌ) لِتَرْكِهِ وَاجِبًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ بِأَنْ يَنَالَهُ بِالْمَشْيِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ.

(فَرْعٌ وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ نَذْرُ الْحِجَّةِ الْمَنْذُورَةِ بِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْحَجِّ كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ) لَوْ قَالَ بِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ نَذْرُ لَا فَائِدَةَ لَهُ (فَإِنْ عَيَّنَ) فِي نَذْرِهِ الْحَجَّ (سَنَةً تَعَيَّنَتْ، وَلَا يُجْزِئُهُ الْحَجُّ قَبْلَهَا) كَمَا فِي الصَّوْمِ فِيهِمَا (فَإِنْ انْقَضَتْ) أَيْ السَّنَةُ (وَلَمْ يَتَمَكَّنْ) مِنْ الْحَجِّ فِيهَا لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَا قَضَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ حَجٌّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا وَمُنِعَ مِنْهُمَا) فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ وَقَدْ يَجِبَانِ مَعَ الْعَجْزِ فَلَزِمَا بِالنَّذْرِ، وَالْحَجُّ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ عَنْ عَاجِزٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَفِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ إلَخْ) فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ الْمُتَحَيِّرَةَ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهَا صَلَاةً، وَلَا صَوْمًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِيهِ حَائِضًا.

[النَّوْع الثَّانِي مِنْ الْمُلْتَزَمَات الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ مَقْصُودًا مَعَ كَوْنِهِ مَفْضُولًا وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَقْصُودًا فَالْقَصْدُ فِي الرُّكُوبِ أَكْثَرُ فَإِذَا عَدَلَ إلَى الْأَعْلَى فَقَدْ أَحْسَنَ قِيلَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الرُّكُوبُ وَالْمَشْيُ نَوْعَانِ لِلْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفِضَّةِ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِالتَّصَدُّقِ بِالذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فس (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ يَرْكَبَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُسِيئًا فَإِنْ رَكِبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِنُسُكٍ يَقْتَضِي ارْتِكَابَ خَلَلٍ فِيهِ يُوجِبُ الدَّمَ. اهـ. وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي حِجَّةِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَنَالَهُ بِالْمَشْيِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ أَنْ يَنَالَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَا قَالُوهُ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْعَجْزِ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْمَرَضِ

[فَرْعٌ يَسْتَقِرُّ نَذْرُ الْحِجَّةِ الْمَنْذُورَةِ بِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْحَجِّ]

(قَوْلُهُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ، وَلَوْ اخْتَصَّ بِهِ أَوْ لَمْ يَجِدْ رُفْقَةً، وَالطَّرِيقُ مَخُوفٌ لَا يَتَأَتَّى لِلْآحَادِ سُلُوكُهُ أَوْ كَانَ مَعْضُوبًا وَقْتَ النَّذْرِ أَوْ طَرَأَ الْعَضْبُ، وَلَمْ يَجِدْ الْمَالَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ الْمُعَيَّنَةُ (قَوْلُهُ فَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ إلَخْ) قَدْ سَبَقَ فِي الْحَجِّ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَعْضُوبِ وَمَكَّةَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ فَيَجِيءُ هُنَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ) عُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ الْمَرَضُ عَلَى عَقْلِهِ لِإِغْمَاء أَوْ جُنُونٍ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ كَفَرْضِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ خَلَا أَوَّلُ الْوَقْتِ عَنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيمُهَا أَوْ أَخَّرَهُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ وَخَلَا عَنْ الْمَوَانِعِ زَمَنًا يَسَعُهُ وَجَبَ أَيْضًا كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّوْمِ وَجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>