للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّفْعِ. وَإِنْ كَانَ الْبِئْرُ بِئْرَ حُشٍّ أَوْ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءُ الْمَزَارِيبِ فَإِنْ أَرَادَ الطَّمَّ أَوْ التَّمَلُّكَ فَالْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْنَا أَوْ التَّقْرِيرُ بِعِوَضٍ فَكَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ بِمَالٍ.

(وَالرُّجُوعُ) مِنْ الْمُعِيرِ (فِي حَائِطٍ) أَعَارَهُ (لِوَضْعِ الْجُذُوعِ) عَلَيْهِ (تَقَدَّمَ) جَوَازُهُ مَعَ بَيَانِ فَائِدَتِهِ (فِي الصُّلْحِ وَلَا) يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (فِي ثَوْبٍ كَفَّنَ فِيهِ) الْمُعِيرُ (أَجْنَبِيًّا) قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ أَحْرَمَ فِيهِ عَارٍ بِمَكْتُوبَةٍ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الْحُرْمَةِ فَتَلْزَمُ الْإِعَارَةُ مِنْ جِهَتِهِمَا فِي هَاتَيْنِ، وَفِيمَا لَوْ أَعَارَهُ سَفِينَةً فَطَرَحَ فِيهَا مَالًا، وَهِيَ فِي اللُّجِّيَّةِ، وَفِيمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِدَفْنِ مَيِّتٍ كَمَا مَرَّ أَوْ أَعَارَ آلَةً لِسَقْيِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ يُخْشَى هَلَاكُهُ، وَمِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي لِزَيْدٍ شَهْرًا أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ أَنْ لَا يَرْجِعَ (وَتَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فِي إسْكَانِ مُعْتَدَّةٍ) ، وَفِيمَا لَوْ اسْتَعَارَ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ لِوُضُوءٍ أَوْ إزَالَةِ نَجَسٍ، وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَقَوْلُهُ وَلَا فِي ثَوْبٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ مَعَ مَا زِدْته الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا بَعْضَ ذَلِكَ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ فَقَطْ وَتَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَمَا ذَكَرْته هُنَا أَنْسَبُ.

(وَتَنْفَسِخُ) الْعَارِيَّةُ (بِمَوْتِ وَاحِدٍ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (وَجُنُونٍ، وَإِغْمَاءٍ وَحَجْرِ سَفَهٍ) مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَبِحَجْرٍ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) إذَا انْفَسَخَتْ أَوْ انْتَهَتْ، وَجَبَ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ الْوَرَثَةِ) إنْ كَانَ مَيِّتًا (رَدُّهَا فَوْرًا) ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ الْمُعِيرُ كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ لَكِنَّ الرَّدَّ فِي تِلْكَ بِالتَّخْلِيَةِ فَإِنْ أَخَّرَهُ الْوَرَثَةُ فَإِنْ كَانَ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْهُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ فِي تَرِكَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا أُجْرَةَ، وَإِلَّا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِمْ مَعَ الْأُجْرَةِ. وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَيْهِمْ، وَفِي الْأُولَى عَلَى التَّرِكَةِ وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ هُنَا وَالْفَوْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِي مَعْنَى مَوْتِهِ جُنُونُهُ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِسَفَهِهِ.

(فَصْلٌ إذَا أَعَارَ) غَيْرَهُ أَرْضًا (لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً فَلَهُ فِعْلُهُمَا مَا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الْمُعِيرُ (لَكِنْ) لَا يَفْعَلُهُمَا إلَّا (مَرَّةً وَاحِدَةً) وَغَيْرُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي مَعْنَاهُمَا (فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ قَلَعَ مَجَّانًا وَكُلِّفَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ) كَالْغَاصِبِ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ، وَكَمَالِكِ مَا نَبَتَ بِحَمْلِ السَّيْلِ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ (وَمَا بَنَى وَغَرَسَ قَبْلَ الرُّجُوعِ) مِنْ الْمُعِيرِ (إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ الْقَلْعُ قُلِعَ، وَإِنْ نَقَصَهُ فَلَا يُقْلَعُ مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الْقَلْعُ مَجَّانًا (وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَلْعُ مَجَّانًا وَ) لَا (التَّسْوِيَةُ) لِلْأَرْضِ (إلَّا بِاشْتِرَاطٍ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَيَلْزَمُهُ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَلْعِ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ مَجَّانًا (أَوْ بِاخْتِيَارِ الْقَلْعِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ نَزْعَ الْأَكْفَانِ بَعْدَ لَفِّهَا عَلَى الْمَيِّتِ فِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ؛ وَلِأَنَّ تَغْيِيبَهُ فِي الْكَفَنِ كَدَفْنِهِ فِي الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحْرَمَ فِيهِ عَارٍ) أَوْ فَرَشَهُ عَلَى نَجَاسَةٍ وَقَوْلُهُ بِمَكْتُوبَةٍ أَيْ إنْ اسْتَعَارَهُ لِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْزِعُهُ وَيَبْنِي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَزَمَنُ الصَّلَاةِ يَسِيرٌ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ كَحَبَّةِ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ أَعَارَهُ سَفِينَةً فَطَرَحَ فِيهَا مَالًا، وَهِيَ فِي اللُّجِّيَّةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ كَمَا لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِزَرْعٍ لَا يُقْصَلُ فَرَجَعَ قَبْلَ انْتِهَائِهِ أَوْ أَعَارَهُ جِذْعًا لِيُمْسِكَ بِهِ جِدَارًا مَائِلًا لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ خَوْفَ سُقُوطِهِ فَإِنْ رَجَعَ فَفِي طَلَبِ الْأُجْرَةِ مَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ رِعَايَةِ وَضْعِ الْجُذُوعِ، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.

وَالضَّابِطُ كُلُّ مَوْضِعٍ تَجِبُ فِيهِ الْعَارِيَّةُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَعَارَهُ آلَةً لِسَقْيِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ إلَخْ) لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً أَوْ سِلَاحًا وَنَحْوَهُمَا لِلْغَزْوِ وَالْتَقَى الزَّحْفَانِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا حَتَّى يَنْكَشِفَ الْقِتَالُ أَوْ اسْتَعَارَ سِلَاحًا أَوْ نَحْوَهُ لِيَدْفَعَ بِهِ عَمَّا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي كِتَابِ الصِّيَالِ أَوْ اسْتَعَارَ مَا يَدْفَعُ بِهِ أَذَى الْحَرِّ وَالْبَرْدِ الْمُهْلِكَيْنِ أَوْ مَا يَنْجُو بِهِ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ يُطْفِئُ بِهِ الْحَرِيقَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً إلَخْ) أَوْ أَعَارَهُ لِلرَّهْنِ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ.

(قَوْلُهُ: وَبِحَجْرٍ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ أَعَارَ غَيْرَهُ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ) لَوْ عَبَّرَ بِالْغَرْسِ بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَخْصَرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ وَوَقَعَ فِيهِ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِي الْمُطْلَقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُقَيَّدَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي وَكَانَ الْإِطْلَاقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَرَّةِ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ بِتَأْقِيتِ الزَّمَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا مَرَّةً بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُوَكِّلُ لَا بِطَرِيقِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُفْسَخُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ مَرَّةً ثَانِيَةً بِلَا خِلَافٍ تَنْزِيلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْمَرَّةِ وَلَوْ وَقَّتَ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُك إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ تِلْكَ الْعَيْنَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ كَانَ كَالْمُطْلَقَةِ بِاقْتِضَاءِ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُؤَقَّتِ فِي التَّوْكِيلِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّهُ فِي التَّوْقِيتِ فِي التَّوْكِيلِ إنَّمَا مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ قَدْ زَالَ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَفِيدَ الْفَرْعُ زِيَادَةً عَلَى الْأَصْلِ، وَالِانْعِزَالُ لَا عَوْدَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا هَذَا الْمَعْنَى فَدَلَّتْ قَرِينَةُ التَّوْقِيتِ عَلَى إبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ إلَى انْتِهَاءِ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا بَنَى وَغَرَسَ قَبْلَ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَنْقُصْهُ الْقَلْعُ قَلَعَ) فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَلْعُ مَجَّانًا وَالتَّسْوِيَةُ إلَّا بِاشْتِرَاطٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمَا مَجَّانًا يُوهِمُ بَلْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَلَمْ يَقُلْ مَجَّانًا وَنَحْوَهَا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَهَا إلَّا فِي النِّهَايَةِ وَفُرُوعِهَا، وَعِبَارَةُ الْأَصْحَابِ إنْ شُرِطَ الْقَلْعُ قَلَعَ، وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُصَرِّحَ بِقَوْلِهِ مَجَّانًا أَوْ لَا وَمِمَّنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ، وَأَصْحَابُ الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأُمِّ فِي الْإِعَارَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِمُدَّةٍ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا احْتَرَزَا بِهِ عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغَرَامَةَ الْأَرْشِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالشَّرْطِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>