لَمْ تَكُنْ الْكَلِمَاتُ مُتَوَالِيَاتٍ لَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ.
[فَرْعٌ كَرَّرَ لَفْظ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَرَّقَهُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (كَرَّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ) فِي امْرَأَةٍ (وَاحِدَةٍ وَفَرَّقَهُ تَعَدَّدَ) الظِّهَارُ (وَلَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ) بِغَيْرِ الْأَوَّلِ تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الطَّلَاقِ (لَا إنْ وَالَاهُ) فَلَا يَتَعَدَّدُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ وَلِأَنَّ لَهُ عَدَدًا مَحْصُورًا أَوْ الزَّوْجُ مَالِكٌ لَهُ فَإِذَا كَرَّرَهُ فَالظَّاهِرُ انْصِرَافُهُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ) فَيَتَعَدَّدُ (وَالتَّكَرُّرُ لَيْسَ بِعَوْدٍ) لِأَنَّ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَوْ فَارَقَ عَقِبَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ (إلَّا إنْ تَعَدَّدَ بِهِ الظِّهَارُ) بِأَنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ فَيَكُونُ عَوْدًا.
(فَرْعٌ) لَوْ (كَرَّرَ تَعْلِيقَ الظِّهَارِ بِالدُّخُولِ) فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَرَّرَهُ مِرَارًا (بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ لَمْ يَتَعَدَّدْ، وَإِنْ فَرَّقَهُ) فِي مَجَالِسَ (أَوْ) كَرَّرَهُ (بِنِيَّةِ الِاسْتِئْنَافِ تَعَدَّدَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فَرَّقَهُ أَمْ لَا (وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَاتُ) كُلُّهَا بِعَوْدٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا عَقِبَ الدُّخُولِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ (وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَنَظَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِالظِّهَارِ الْمُنَجَّزِ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ وَأَطْلَقَ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَتَمَكَّنَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّزَوُّجِ (تَوَقَّفَ الظِّهَارُ عَلَيَّ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) قَبْلَ التَّزَوُّجِ لِيَحْصُلَ الْيَأْسُ مِنْهُ (لَكِنْ لَا عَوْدَ) لِوُقُوعِ الظِّهَارِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ إمْسَاكٌ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ عَقِبَ الظِّهَارِ، أَمَّا إذَا تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّزْوِيجِ بِأَنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الظِّهَارِ فَلَا ظِهَارَ وَلَا عَوْدَ وَالْفَسْخُ وَجُنُونُ الزَّوْجِ الْمُتَّصِلَانِ بِالْمَوْتِ كَالْمَوْتِ وَبِالثَّانِي صَرَّحَ الْأَصْلُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِخِلَافِهِ بِصِيغَةِ إذَا لَمْ) بِأَنْ قَالَ إذَا لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُظَاهِرًا بِإِمْكَانِ التَّزَوُّجِ) عَقِبَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إنْ، وَإِذَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الطَّلَاقِ
(فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِصِفَةٍ وَكَفَّرَ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ كَفَّارَتِهِ بِوُجُودِهَا) أَيْ الصِّفَةِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ كَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا (فَإِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الظِّهَارِ وَقَبْلَ الْعَوْدِ أَوْ مَعَهُ جَازَ) لِتَأَخُّرِهِ عَنْ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِي تَعْلِيقِ الْإِيلَاءِ كَمَا ذَكَرَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك وَكَفَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُجْزِئُهُ) لِمَا مَرَّ.
[فَرْع ظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لِسَيِّدِهَا أَعْتِقْهَا عَنْ ظِهَارِي]
(فَرْعٌ) لَوْ (ظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ) الْأَمَةِ (فَقَالَ لِسَيِّدِهَا) وَلَوْ قَبْلَ الْعَوْدِ (أَعْتِقْهَا عَنْ ظِهَارِي أَوْ إيلَائِي) أَوْ كَفَّارَةٍ أُخْرَى عَلَيَّ (فَفَعَلَ عَتَقَتْ عَنْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ إعْتَاقَهَا عَنْهُ يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا لَهُ (وَإِنْ مَلَكَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَأَعْتَقَهَا عَنْهُ) أَيْ عَنْ ظِهَارِهِ (جَازَ) حَتَّى لَوْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً، ثُمَّ نَقَضَتْ الْعَهْدَ وَاسْتُرِقَّتْ وَمَلَكَهَا فَأَسْلَمَتْ فَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ وَبِهَذَا صَوَّرَ الْأَصْلُ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ
[كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ]
(كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ) مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذَّنْبَ (وَيَدْخُلُ الْعِتْقُ بِهَا فِي نَوْعَيْنِ الْأَوَّلُ) الْكَفَّارَةُ (تَرْتِيبًا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا (وَهُوَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ) فِي نَهَارِ رَمَضَانَ (وَالثَّانِي) الْكَفَّارَةُ (تَخْيِيرًا وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ هُنَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ غَيْرِهَا وَالْبَقِيَّةُ مُوَضَّحَةٌ فِي أَبْوَابِهَا.
(فَصْلٌ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (مُقَارِنَةً لِلْعِتْقِ أَوْ تَعْلِيقِهِ أَوْ الْإِطْعَامِ) لَكِنْ نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الزَّكَاةِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ أَنَّ صُورَتَهُ فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَنْوِ بِهَا عِنْدَ عَزْلِهَا، أَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يُنْوَى بِاللَّيْلِ (وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْوُجُوبِ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا وَاجِبَةً (وَلَا تَعْيِينُ الْجِهَةِ) أَيْ جِهَةِ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ الْمَالِ تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ (فَإِنْ عَيَّنَ وَأَخْطَأَ) فِي تَعْيِينِهِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ (وَإِنْ أَعْتَقَ أَوْ صَامَ بِشَرْطِهِ) مِنْ تَتَابُعٍ وَغَيْرِهِ (عَنْ إحْدَى كَفَّارَتَيْهِ) مُبْهَمَةٍ (جَازَ، ثُمَّ إنْ صَرَفَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ وَقَّتَ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ شَهْرًا]
قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ إلَخْ) وَلِأَنَّ مُوجَبَ اللَّفْظِ الثَّانِي فِي الطَّلَاقِ غَيْرُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ أَوْ كَرَّرَ بِنِيَّةِ الِاسْتِئْنَافِ إلَخْ) فَإِنْ قَصَدَ بِالْبَعْضِ تَأْكِيدًا وَبِالْبَعْضِ اسْتِئْنَافًا أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ.
[فَرْعٌ كَرَّرَ تَعْلِيقَ الظِّهَارِ بِالدُّخُولِ]
(قَوْلُهُ تَعَدَّدَ مُطْلَقًا) هَذَا فِي غَيْرِ الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ أَمَّا الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ فَالْجَمِيعُ ظِهَارٌ وَاحِدٌ لِعَدَمِ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَاتُ كُلُّهَا بِعَوْدٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الدُّخُولِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ مِرَارًا بِقَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمُهَذَّبِ وَفَتَاوَى النَّوَوِيّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَفِي الْفَرْقِ غُمُوضٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ جَبْرُ انْتِهَاكِ الِاسْمِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِوَاحِدَةٍ لِاتِّحَادِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُنَا شَيْءٌ يُفْضِي إلَى فُرْقَةٍ فَنَاسَبَ التَّعَدُّدَ فِي الْكَفَّارَةِ لِتَعَدُّدِ الظِّهَارِ كَالطَّلَاقِ كا (قَوْلُهُ أَظْهَرُهُمَا مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ صِيغَةِ إذَا لَمْ) أَيْ وَنَحْوِهَا.
[فَرْعٌ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِصِفَةٍ وَكَفَّرَ قَبْلَ وُجُودِهَا]
(كِتَابُ الْكَفَّارَةِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُخْتُلِفَ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ أَوْ جَوَابِرُ؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ وَقُرُبَاتٌ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ مَعْنَى مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ فِي الْكَفَّارَةِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِرْفَاقِ وَسَدِّ الْحَاجَاتِ وَمَعْنَى الْمُؤَاخَذَةِ وَالْعُقُوبَةِ وَغَرَضُهَا الْأَظْهَرُ الْإِرْفَاقُ لِكَفِّهِ قَالَ فِي الْأَسَالِيبِ وَفِيهَا مَعْنًى لِلْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَمَعْنًى لِلْعُقُوبَةِ وَالزَّجْرِ وَلَا يَنْقَطِعُ الْقَوْلُ بِأَنَّ شَوْبَ الْقُرْبَةِ فِيهَا أَغْلَبُ مِنْ شَوْبِ الزَّجْرِ نَعَمْ رَأَى الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنَى الزَّجْرِ فِي حَقِّ الْكَافِرِ.
[فَصْل اشْتِرَاطُ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَةِ]
(قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ جَوَازَ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ بِمَا إذَا عَيَّنَ الْعَبْدَ الَّذِي يَعْتِقُهُ وَالطَّعَامَ الَّذِي يُطْعِمُهُ فَأَمَّا قَبْلَ التَّعْيِينِ قَالَ فَلَا يَجُوزُ وَجْهًا وَاحِدًا.