للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِأَنَّ الدَّابَّةَ يُمْكِنُ إيجَارُهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى إيرَادِ عَقْدٍ عَلَيْهَا فِيهِ غَرَرٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْفَوَائِدَ لَا تَحْصُلُ بِعَمَلِهِ (أَوْ لِيَعْلِفَهَا) مِنْ عِنْدِهِ (بِنِصْفِ دَرِّهَا) فَفَعَلَ (ضَمِنَ الْمَالِكُ) لِلْآخَرِ (الْعَلَفَ) وَقَوْلُ الرَّوْضَة بَدَلَ النِّصْفِ سَبْقُ قَلَمٍ (وَالْآخَرُ) ضَمِنَ لِلْمَالِكِ (نِصْفَ الدَّرِّ) وَهُوَ الْقَدْرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ لِحُصُولِهِ بِحُكْمِ بَيْعٍ فَاسِدٍ (لَا الشَّاةَ) الْأَنْسَبُ لَا الدَّابَّةَ أَيْ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِعِوَضٍ (أَوْ لِيَعْلِفَهَا بِنِصْفِهَا) فَفَعَلَ (فَالنِّصْفُ) الْمَشْرُوطُ (مَضْمُونٌ) عَلَى الْعَالِفِ لِحُصُولِهِ (بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ.

(فَصْلٌ لِلْمُسَاقَى) لِلْمَالِكِ (فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ) لِيَنُوبَ عَنْهُ (فَإِذَا) وَفِي نُسْخَةٍ " وَإِنْ " أَيْ ثُمَّ إنْ شَرَطَ لَهُ مِثْلَ نَصِيبِهِ، أَوْ دُونَهُ فَذَاكَ، وَإِنْ (شَرَطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ صَحَّ) الْعَقْدُ فِيمَا يُقَابِلُ قَدْرَ نَصِيبِهِ دُونَ الزَّائِدِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (وَلَزِمَهُ) أَنْ يُعْطِيَ الثَّانِي (لِلزَّائِدِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) فَلَوْ سَاقَاهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَرَةِ صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الْعَمَلِ بِثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ قَدْرُ نَصِيبِهِ وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ الْعَمَلِ لِلثُّلُثِ الْبَاقِي نَعَمْ لَوْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ كَانَتْ) مُسَاقَاتُهُ (عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ) لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَكَانَتْ الثِّمَارُ كُلُّهَا لِلْمَالِكِ (وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَلِلثَّانِي حُكْمُ مَنْ عَمِلَ فِي مَغْصُوبٍ) فَلَهُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا وَعُلِمَ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَيُعَامِلَ غَيْرَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ انْفِسَاخِهَا أَنَّهَا تَنْفَسِخُ وَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ عَنْ فُرُوقِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ نِيَابَةً إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي عَقْدٍ وَمَا هُنَاكَ فِي نِيَابَةٍ بِلَا عَقْدٍ.

(فَصْلٌ بَيْعُ نَخْلِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ بَيْعُ الْمَالِكِ لَهُ (قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِيهَا فَكَأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا (وَ) بَيْعُهُ (بَعْدَهُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ) مَعَ الْبَائِعِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (بَيْعُ نَصِيبِهِ) مِنْ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لِتَعَذُّرِ قَطْعِهِ (لِشُيُوعِهِ) .

(فَرْعٌ)

فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إذَا شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ فَإِنْ عَمِلَ نِصْفَ مَا لَزِمَهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ.

(بَابُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ) مِنْ الْخَبِيرِ وَهُوَ الْأَكَّارُ أَيْ الزَّرَّاعُ وَيُقَالُ مِنْ الْخَبَارِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ وَهِيَ الْأَرْضُ الرِّخْوَةُ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ ذَاتُ الْحِجَارَةِ (الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ) لَهَا (فَهِيَ مُزَارَعَةٌ فَيَضْمَنُ فِيهَا) مَا تَلِفَ مِنْ الزَّرْعِ (إذَا صَحَّتْ بِتَرْكِ سَقْيِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (عَمْدًا) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْإِجَارَةِ (أَوْ) كَانَ الْبَذْرُ (مِنْ الْعَامِلِ فَمُخَابَرَةٌ وَهُمَا إنْ أُفْرِدَتَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ بَاطِلَتَانِ)

لِلنَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فِي مُسْلِمٍ وَعَنْ الْمُخَابَرَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ تَحْصِيلَ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُمْكِنَةٌ بِالْإِجَارَةِ فَلَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ عَلَيْهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَالْمَوَاشِي بِخِلَافِ الشَّجَرِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا فَجُوِّزَتْ الْمُسَاقَاةُ لِلْحَاجَةِ وَاخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيِّ صِحَّتَهُمَا وَحَمَلَ أَخْبَارَ النَّهْيِ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعَ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِلْآخَرِ أُخْرَى، وَإِذَا بَطَلَتَا (فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) .

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ انْقَطَعَ مَاءُ الْحَدِيقَة فِي الْمُسَاقَاة]

قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ بَدَلَ النِّصْفِ سَبْقُ قَلَمٍ) كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَأَخْطَأَ فِي الْفَهْمِ وَلَمْ يُصِبْ فِي الْوَهْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُخَالَفَةٌ قَوْلُهُ: فِي الرَّوْضَةِ وَجَبَ بَدَلُ النِّصْفِ عَلَى صَاحِبِ الشَّاةِ الْمُرَادُ بِبَدَلِ النِّصْفِ جَمِيعُ الْعَلَفِ الَّذِي عَلَفَهُ لِيَأْخُذَ النِّصْفَ أَيْ نِصْفَ الدَّارِ، أَوْ نِصْفَ الشَّاةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ وَجَبَ بَدَلُ الْعَلَفِ عَلَى صَاحِبِ الشَّاةِ فَالْعِبَارَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ.

[فَصْلٌ لِلْمُسَاقَى فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ لِيَنُوبَ عَنْهُ]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِئْجَارِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عِنْدَ هَرَبِهِ، أَوْ نَحْوِهِ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ هُنَا إلَى إقَامَةِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ كَثُرَتْ الْأَشْجَارُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقِيَامُ بِهَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ كَالْوَكِيلِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ هُنَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْمُسَاقَاةِ بَلْ يَسْتَأْجِرُ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُهُ عَمَلُهُ وَلَا يُسَاقِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْوَكَالَةِ.

(قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَعَ فَوَاتِهِ إمَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِمَّا بِعَمَلِ الْعَامِلِ الثَّانِي فَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْأَعْمَالَ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ لَا أَجِيرٌ وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ هَرَبَ؛ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ بِلَا عَقْدٍ وَهُنَا مَعَ عَقْدٍ وَوُرُودٍ عَلَى عَيْنٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ الْحَالَ، وَإِلَّا فَلَا) قَالَ شَيْخُنَا كَمَا لَوْ سَقَاهُ عَلَى شَجَرٍ مُسْتَحَقٍّ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَبِمَا إذَا كَانَ الْعَاقِدُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ.

[فَصْلٌ بَيْعُ نَخْلِ الْمُسَاقَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ]

(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا) فَإِنْ قُلْت لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ لَفْظِيٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْعِيٌّ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِدَلِيلِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لَفْظِيٌّ فَإِذَا صَحَّ بَيْعُ الشَّجَرَةِ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ وَاسْتَثْنَاهَا الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ فَلْيَصِحَّ هَاهُنَا قُلْت الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا كَبَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا فَيُبْطِلُ الْعَقْدَ كَبَيْعِ دَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ وَهَاهُنَا الثَّمَرَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مَعْدُومَةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةً فَاسْتَوَى فِي الْبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءُ الشَّرْعِيُّ وَاللَّفْظِيُّ.

[فَرْعٌ شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ فِي الْمُسَاقَاة]

(قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ شَرِيكٌ فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا شَرَطَ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.

[بَابُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَكَّارُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا بَطَلَتَا فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا زَرَعَهَا وَوَرَاءَهُ حَالَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ، ثُمَّ يُعَطِّلَهَا فَإِنْ زَارَعَهُ عَلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>