للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فَتَتَّجِهُ الصِّحَّةُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا مُسْتَأْجَرَةً لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ) لِمَا الْتَزَمَتْهُ كَمَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِهِ (وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْمُرْضِعَةِ) أَوْ غَيْرِهَا الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (مَنْعُ الزَّوْجِ وَطْأَهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا) أَيْ فِي أَوْقَاتِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَقُّعِ حَبَلِهَا الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ اللَّبَنُ أَوْ يَقِلُّ لِأَنَّ حَبَلَهَا مُتَوَهَّمٌ فَلَا يُمْنَعُ بِهِ الْوَطْءُ الْمُسْتَحَقُّ.

(وَلَهُ تَأْجِيرُ) أَيْ إيجَارُ (أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ السَّيِّدِ فِي الِانْتِفَاعِ، وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ الْمُكَاتَبَةَ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْحُرَّةِ إذْ لَا سَلْطَنَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا.

(وَ) لَهُ (اسْتِئْجَارُ زَوْجَتِهِ) وَقَوْلُهُ (مُطْلَقًا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ قَبْلَ اسْتِئْجَارِهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً (حَتَّى لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَلَوْ) كَانَ (مِنْهَا) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ.

(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ) وَلَوْ لِلْخِدْمَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَالِدِ وَلَدَهُ كَغَيْرِهِ.

(الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ) أَوْ نَائِبِهِ (فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا) إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِكَسْرِ نَفْسِهِ بِفِعْلِهَا وَلَا يَقُومُ الْأَجِيرُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ (إلَّا إنْ دَخَلَهَا النِّيَابَةُ كَالْحَجِّ) وَالْعُمْرَةِ (وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ) فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا لِمَا مَرَّ فِي بَابَيْ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا (وَمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ) مِنْ الْقُرَبِ (إنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ شَائِعًا فِي الْأَصْلِ كَالْجِهَادِ فَلَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ عَبْدًا أَيْ لَا يَسْتَأْجِرُهُ الْإِمَامُ وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ - وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ الصَّفَّ - تَعَيَّنَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ وُقُوعَ الْجِهَادِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرْفَ عَائِدَتِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَوَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْإِمَامُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْآحَادِ لِلْأَذَانِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ (أَوْ) كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ (غَيْرَ شَائِعٍ) فِي الْأَصْلِ (كَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ) بِتَكْفِينِهِ وَغُسْلِهِ وَغَيْرِهِمَا (وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَازَ) الِاسْتِئْجَارُ لَهُ (وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ، وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» وَمَعْنَى عَدَمِ شُيُوعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي الْأَصْلِ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ أَنَّ تَجْهِيزَهُ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِالتَّرِكَةِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا وَفِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَنَّ التَّعْلِيمَ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِمَالِ الْمُتَعَلِّمِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا.

(وَيَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ (لِشِعَارٍ) غَيْرِ فَرْضٍ (كَالْأَذَانِ) كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِهِ (وَالْأُجْرَةُ) تُؤْخَذُ (عَلَيْهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ) وَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْقَاقُهَا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ (لَا عَلَى) رَفْعِ (الصَّوْتِ وَلَا) عَلَى (رِعَايَةِ الْوَقْتِ) وَلَا عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا.

(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ) شَخْصٌ آخَرَ (لِلْإِمَامَةِ وَلَوْ لِنَافِلَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ فَائِدَتَهَا مِنْ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ لِلْأَجِيرِ.

(فَرْعٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقَضَاءِ لَا يَجُوزُ) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَلِأَنَّهُ كَالْجِهَادِ فِي فَرْضِيَّتِهِ عَلَى الشُّيُوعِ (وَكَذَا) الِاسْتِئْجَارُ (لِلتَّدْرِيسِ) لِذَلِكَ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (عَيَّنَ أَشْخَاصًا وَمَسَائِلَ) .

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلزَّوْجِ ع قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَنَافِعَ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ أَنْ يَنْتَفِعَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ) هَذَا فِيمَنْ تَمْلِكُ مَنَافِعَ نَفْسِهَا لَا الْعَتِيقَةِ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لِلزَّوْجِ بِخِدْمَةِ زَوْجَتِهِ وَمَنَافِعِهَا أَبَدًا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْوَرَثَةُ فَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْجَزْمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ) وَلَا خِيَارَ لَهُ.

(تَنْبِيهٌ)

شَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُرْضِعَةُ تِسْعَ سِنِينَ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ وَجَوَازَ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ ذِمِّيَّةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ تَأْجِيرُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إيجَارِهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِالنَّهَارِ فَإِنْ أَجَّرَهَا لَيْلًا فَكَإِيجَارِ الْحُرَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِالنَّهَارِ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالِانْتِصَارِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِنْهَا) أَوْ كَانَ لِإِرْضَاعِهِ اللَّبَأَ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ) بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ، أَوْ يَحْصُلَ لَهُ بِهَا ثَوَابٌ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ وَلِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا) فَلَوْ فَعَلَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً؟ قَالَ الْغَزِّيِّ الْأَقْرَبُ لَا وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْمُزَوَّجَةِ لِلرَّضَاعِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْأُجْرَةِ خِلَافًا لِابْنِ خَيْرَانَ وَقَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَالْجِهَادِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سُئِلْت عَنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْمُرَابِطَةِ عِوَضَ الْجُنْدِيِّ فَأَفْتَيْت بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَوْ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ) لِرَاجِحِ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ هَذَا الْقَصْدِ أَيْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَاضِحٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْإِمَامَةِ إلَخْ) ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَامِكِيَّةَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالطَّلَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إذَا أَخَلَّ بِبَعْضِ الْأَيَّامِ، أَوْ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَرْصَادِ وَالْأَرْزَاقِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَجُوزُ إرْزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ.

[فَرْعٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقَضَاءِ]

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ الْإِقْرَاءِ) وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِإِعَادَةِ التَّدْرِيسِ تَرَدُّدٌ لِلشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الطُّوسِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِي تَعْلِيمِ أَحَادِيثَ وَآيَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ آثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِ. اهـ. مَا اسْتَظْهَرَهُ وَاضِحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>