للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَضْبُوطَةً يُعَلِّمُهَا لَهُمْ (جَازَ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ كَالِاصْطِيَادِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ بِنَاءُ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهَا.

(الشَّرْطُ الْخَامِسُ مَعْرِفَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَيْنًا) فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (وَصِفَةً) فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (وَ) مَعْرِفَةُ (قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ) فِيهِمَا وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَإِنَّ الْمُعَيَّنَ إذَا بِيعَ تُغْنِي مُشَاهَدَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَ لَهَا حُضُورٌ مُحَقَّقٌ وَإِنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ فَالْمُشَاهَدَةُ لَا يُطَّلَعُ بِهَا عَلَى الْغَرَضِ (فَإِجَارَةُ أَحَدِ هَذَيْنِ لَا تَصِحُّ وَكَذَا) إجَارَةُ (مَا لَمْ يَرَهُ) كَالْبَيْعِ (فَإِنْ كَانَ لِلْغَيْرِ مَنَافِعُ) كَالْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ (وَجَبَ التَّبْيِينُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا مَنْفَعَةٌ كَالْبِسَاطِ فَالْإِجَارَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا (ثُمَّ التَّقْدِيرُ) لِلْمَنْفَعَةِ (إمَّا بِالزَّمَانِ كَسُكْنَى سَنَةً) كَأَنْ يَقُولَ أَجَّرْتُكَهَا لِتَسْكُنَهَا فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك، ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَتُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ لِلْأَذَانِ إذَا اسْتَأْجَرَ لَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (أَوْ بِالْعَمَلِ) مَعَ بَيَانِ مَحَلِّهِ كَمَا سَيَأْتِي (كَخِيَاطَةِ) هَذَا (الثَّوْبِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ لَا يَأْتِي فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ كَمَا فِي الْعَقَارِ وَالْإِرْضَاعِ إذْ مَنَافِعُ الْعَقَارِ وَتَقْدِيرُ اللَّبَنِ إنَّمَا تُضْبَطُ بِالزَّمَانِ وَكَمَا فِي الِاكْتِحَالِ فَإِنَّ قَدْرَ الدَّوَاءِ لَا يَنْضَبِطُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَكَمَا فِي التَّبْطِينِ وَالتَّجْصِيصِ فَإِنَّ سُمْكَهُمَا لَا يَنْضَبِطُ رِقَّةً وَثِخَنًا.

(وَقَدْ يَسُوغَانِ) أَيْ التَّقْدِيرَانِ أَيْ يَتَأَتَّيَانِ (مَعًا كَاسْتِئْجَارِ شَخْصٍ وَدَابَّةٍ فَلْتُقَدَّرْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ (بِأَحَدِهِمَا) كَأَنْ يَكْتَرِيَ الشَّخْصَ لِيَخِيطَ لَهُ شَهْرًا خِيَاطَةً مَوْصُوفَةً أَوْ لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ وَكَأَنْ يَكْتَرِيَ الدَّابَّةَ لِيَتَرَدَّدَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ الْيَوْمَ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا (فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا) كَأَنْ اكْتَرَى شَخْصًا لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بَيَاضَ النَّهَارِ أَوْ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا الْيَوْمَ (لَمْ يَصِحَّ) لِلْغَرَرِ فَقَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ أَوْ يَتَأَخَّرُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ بُرٍّ بِشَرْطِ أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ فَقَدْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ وَذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا مِمَّا يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ الْيَوْمِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَلَوْ اكْتَرَى عَقَارًا وَجَبَ تَحْدِيدُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا وَجَبَ بَيَانُ النَّاحِيَةِ.

(وَمَا يُسْتَأْجَرُ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَلْنَذْكُرْ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ) تَكْثُرُ إجَارَتُهَا لِيُعْرَفَ طَرِيقُ الضَّبْطِ بِهَا ثُمَّ (يُقَاسُ عَلَيْهَا) غَيْرُهَا. النَّوْعُ (الْأَوَّلُ: الْآدَمِيُّ) يُسْتَأْجَرُ لِعَمَلٍ أَوْ صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ (فَإِلْزَامُ ذِمَّتِهِ الْخِيَاطَةَ شَهْرًا لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ نَعَمْ إنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَنَوْعَ مَحَلِّهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ وَوَصْفِهِ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ (اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْبَحْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا) وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَجَّرْتُك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَ الْحِنْطَةَ دُونَ غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ.

(تَنْبِيهٌ) وَالسُّفُنُ هَلْ تُلْحَقُ بِالدَّوَابِّ فَتُؤَجَّرُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ أَوْ بِالْعَقَارِ فَلَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ إلْحَاقُهَا بِالدَّوَابِّ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إجَارَةَ ذِمَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِيهَا لِجَهَالَتِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ فِيهَا إجَارَةُ الْعَيْنِ كَالْعَقَارِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَقِسْمٌ لَا تُقَدَّرُ النَّفَقَةُ إلَّا بِالْعَمَلِ كَبَيْعِ الثَّوْبِ وَالْحَجِّ وَقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ: بَيَاضَ النَّهَارِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَعْبِيرُهُ بِبَيَاضِ النَّهَارِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ بِالْيَوْمِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْيَوْمِ كُلِّهِ وَإِلَّا فَاسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَالتَّعْلِيلِ الْقَائِلِ بِالصِّحَّةِ بِأَنَّ الْمُدَّةَ مَذْكُورَةٌ لِلتَّعْجِيلِ فَلَا تُورِثُ الْفَسَادَ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ حَيْثُ قَصَدَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ لِانْتِفَاءِ تَعْلِيلِ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ إنْ فَرَغَ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْعَمَلِ فِي بَقِيَّتِهِ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْعَمَلِ وَإِلَّا أَخَلَّ بِشَرْطِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ شَهْرًا مِنْ الْآنَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّاحِيَةِ الَّتِي يَرْكَبُ إلَيْهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَذِكْرِ الْمَكَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهَا فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْكَبُهَا شَهْرًا مُسَافِرًا إلَى بَلَدٍ مَسَافَتُهُ شَهْرٌ فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَقَدْ يَرْكَبُهَا ذَاهِبًا وَعَائِدًا مُدَّةً فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي بَلَدِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا مَعَ إطْلَاقِ الشَّهْرِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ فَإِذَا أَغْفَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا) إذَا قَدَّرَ بِمُدَّةٍ فَهَلْ تَقَعُ أَيَّامُ الْجُمَعِ مُسْتَثْنَاةً فِيهِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْغَزَالِيُّ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ظَهْرًا لِيَرْكَبَهُ فِي طَرِيقٍ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَنْزِلَ الرَّاكِبُ فِي بَعْضِهِ لِيُرِيحَ الدَّابَّةَ هَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ: أَيَّامُ السُّبُوتِ مُسْتَثْنَاةٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ شَهْرًا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ فَالرَّاجِحُ أَنَّ أَيَّامَ الْجُمَعِ لَا تَدْخُلُ فِي اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ كَمَا لَا تَدْخُلُ السُّبُوتُ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْأَحَدُ فِي اسْتِئْجَارِ النَّصْرَانِيِّ وَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ بِاللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً كَالشَّهْرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ صَحَّ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِيعَابَ النَّهَارِ بِالْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ يَقْطَعُ الْعَمَلَ، أَوْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>