للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتَى شَاءَ فَجَازَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَنْعِ مِنْ الْبَيْعِ فِيهِمَا، وَمِثْلُهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاضِ بَيَانُ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَهُوَ الثَّمَرَةُ يَنْضَبِطُ بِالْمُدَّةِ وَلِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى فَسْخِ الْقِرَاضِ مَتَى أَرَادَا.

(فَصْلٌ: وَإِنْ عَلَّقَ الْقِرَاضَ، وَكَذَا تَصَرُّفُهُ)

كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ قَارَضْتُك أَوْ قَالَ قَارَضْتُك الْآنَ وَلَا تَتَصَرَّفْ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ (بَطَلَ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك، وَلَا تَمْلِكْ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ.

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّبْحُ وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِهِ بِشَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ بِالْأَجْزَاءِ)

كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ لَا بِالتَّقْدِيرِ كَدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ كَمَا سَيَأْتِي.

(فَإِنْ شَرَطَ إدْخَالَ ثَالِثٍ) فِي الرِّبْحِ (لَيْسَ بِعَامِلٍ وَلَا مَمْلُوكٍ لِأَحَدِهِمَا بَطَلَ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ، أَوْ بِالْعَمَلِ وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ الْمَذْكُورِ مَالٌ وَلَا عَمَلٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامِلًا أَوْ مَمْلُوكًا لِأَحَدِهِمَا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ فِي الْأُولَى مَعَ اثْنَيْنِ، وَالْمَشْرُوطُ لِلْمَمْلُوكِ فِي الثَّانِيَةِ مَضْمُومٌ إلَى مَا شُرِطَ لِسَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ.

(وَإِنْ شَرَطَ الْمَالِكُ إعْطَاءَ الثَّالِثِ مِنْ نَصِيبِهِ لَا) مِنْ (نَصِيبِ الْعَامِلِ صَحَّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ) لَهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ شَرْطِ إعْطَائِهِ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ لَا يَصِحُّ وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصَرُّفِهِ؛ إذْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفْسِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْأُولَى وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ: نِصْفُ الرِّبْحِ لَك وَنِصْفُهُ لِي، وَمِنْ نَصِيبِي نِصْفُهُ لِزَوْجَتِي صَحَّ الْقِرَاضُ وَهَذَا وَعْدُ هِبَةٍ لِزَوْجَتِهِ، وَلَوْ قَالَ لِلْعَامِلِ: لَك كَذَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ ابْنَك أَوْ امْرَأَتَك نِصْفَهُ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: إنْ ذَكَرَهُ شَرْطًا فَسَدَ الْقِرَاضُ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.

وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ: فَسَدَ الْقِرَاضُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَ الشَّرْطِ.

(وَلَوْ قَالَ خُذْ الْمَالَ وَتَصَرَّفْ) فِيهِ (وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ أَوْ) كُلُّهُ (لِي فَإِبْضَاعٌ) أَيْ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَبْضَعْتُكَ (وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك، أَوْ) كُلُّهُ (لِي) أَوْ سَكَتَ عَنْ الرِّبْحِ (أَوْ) قَالَ (أَبَضْعَتك وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ) أَوْ لَك كُلُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ) رِعَايَةً لِلَّفْظِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَأُلْحِقَ بِهَا الْأَخِيرَتَانِ، وَفَارَقَ ذَلِكَ: خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك بِأَنَّ اللَّفْظَ ثَمَّ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ.

(وَلَوْ قَالَ) قَارَضْتُك (عَلَى أَنَّ لَك) أَوْ لِي (جُزْءًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ) أَيْ الرِّبْحِ (أَوْ دِينَارًا) مَثَلًا (أَوْ النِّصْفَ وَدِينَارًا أَوْ إلَّا دِينَارًا) مَثَلًا (أَوْ عَلَى أَنْ تُولِيَنِي دَابَّةً تَشْتَرِيهَا) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ أَنْ تَخُصَّنِي بِهَا (أَوْ تَخُصَّنِي بِرُكُوبِهَا، أَوْ بِرِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ) مَثَلًا (وَلَوْ كَانَا مَخْلُوطَيْنِ أَوْ) عَلَى أَنَّك (إنْ رَبِحْت أَلْفًا فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ أَلْفَيْنِ فَرُبُعُهُ) لَك (لَمْ يَصِحَّ) لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الرِّبْحِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَلِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّةِ فِي الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لَهُمَا وَبِعَيْنِهَا فِي الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَرْبَحُ فِيمَا قُدِّرَ فِيهِ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَفُوزُ بِهِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ وَلِأَنَّ الدَّابَّةَ فِي صُورَتِهَا الثَّانِيَةِ رُبَّمَا تَنْقُصُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ خَصَّصَ الْعَامِلَ فِي الَّتِي تَلِيهَا بِرِبْحِ بَعْضِ الْمَالِ.

(فَإِنْ قَالَ) قَارَضْتُك (كَقِرَاضِ فُلَانٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِهِ) بِأَنْ يَعْلَمَا الْقَدْرَ الْمَشْرُوطَ لَهُ (صَحَّ) وَإِلَّا فَلَا (وَكَذَا) يَصِحُّ (لَوْ قَالَ) قَارَضْتُك (وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَيَتَنَاصَفَانِهِ) لِتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَ زَيْدٍ يَكُونُ مُقِرًّا بِالنِّصْفِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَسَدَ أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ وَمَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ (أَوْ) قَالَ قَارَضْتُك (وَلَك رُبُعُ سُدُسِ الْعُشْرِ صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا قَدْرَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَجَهِلَا - حَالَةَ الْعَقْدِ - حِسَابَهُ وَتَعْبِيرُهُ بِرُبُعِ سُدُسِ الْعُشْرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِسُدُسِ رُبُعِ الْعُشْرِ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَعْظَمِ الْكَسْرَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِ.

(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ) مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ إذْنٍ وَالْجَعَالَةُ، لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ (كَ قَارَضْتُكَ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ " وَلَك الْبَيْعُ " كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَطْلَبِ فَذَكَرَهَا فِي شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ وَالْكِفَايَةِ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّقْيِيدِ.

[فَصْلٌ عَلَّقَ الْقِرَاضَ]

(قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّبْحُ وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِهِ) لَوْ أَطْلَقَا الْعَقْدَ كَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ فِيهِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ رَبِحَ الْمَالُ أَمْ خَسِرَ وَيُخَالِفُ الشَّرِكَةَ إذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهَا مَقْسُومٌ عَلَى الْأَمْلَاكِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ (قَوْلُهُ: بِشَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ) بِالْأَجْزَاءِ لِيَجْتَهِدَ فِي الْأَعْمَالِ الْمُحَصِّلَةِ لِلرِّبْحِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامِلًا، أَوْ مَمْلُوكًا لِأَحَدِهِمَا فَيَصِحُّ) فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ: ثُلُثُهُ لِي وَثُلُثُهُ لِدَابَّتِي وَثُلُثُهُ لَك فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ وَالثَّانِي إنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ وَأَضَافَ إلَى دَابَّتِهِ جَازَ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصَرُّفِهِ، إذْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفْسِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْمَالِكِ لِقُوَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْعَامِلِ بَلْ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَعْنَى عِبَارَةِ أَصْلِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ خُذْ الْمَالَ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ) لِأَنَّ لَفْظَ " تَصَرَّفْ " يَحْتَمِلُ التَّصَرُّفَ قِرَاضًا وَغَيْرَهُ وَقَدْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْلِصُهُ لِأَحَدِهِمَا فَغُلِّبَ حُكْمُهُ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ الْعِوَضُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ) لَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى هَذَا الْأَلْفِ وَلَك رِبْحُ نِصْفِهِ وَلِي رِبْحُ نِصْفِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْأَصَحِّ كَالْمُتَمَيِّزِينَ وَقِيلَ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ قَالَ وَلَك نِصْفُ رِبْحِهِ وَلِي رِبْحُ نِصْفِهِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ رِبْحَ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ صَارَ مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ حَقٌّ وَعَمِلَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مَجَّانًا وَلَيْسَ ذَلِكَ وَضْعَ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نِصْفُ الْكُلِّ لِي وَنِصْفُهُ لَك وَلَوْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحَ شَيْءٍ يَخْتَصُّ بِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ، أَوْ لَا يَرْبَحُ إلَّا فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَهِلَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ) كَالْبَيْعِ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِالْكِتَابَةِ، وَإِشَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>