للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنِّسَاءُ وَالْخَنَاثَى إنْ كَانُوا أَحْرَارًا فَكَالْمُرَاهِقِينَ فِي اسْتِئْذَانِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ أَرِقَّاءَ فَكَالْعَبِيدِ فِي اسْتِئْذَانِ السَّادَاتِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي الرَّقِيقِ إذْنَ سَيِّدِهِ لَا أَصْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُبَعَّضِ إذْنُ أَصْلِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَإِذْنُ سَيِّدِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ.

(وَ) لَهُ الِاسْتِعَانَةُ (بِكُفَّارٍ) ذِمِّيِّينَ أَوْ مُشْرِكِينَ (أَمَّنَّاهُمْ) بِأَنْ عَرَفْنَا حُسْنَ رَأْيِهِمْ فِينَا (وَنَحْنُ نُقَاوِمُ الْفَرِيقَيْنِ) أَيْ الْمُسْتَعَانَ بِهِمْ وَالْمُسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ لَوْ اجْتَمَعْنَا بِأَنْ لَا يَكْثُرَ الْعَدَدُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ كَثْرَةً ظَاهِرَةً وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ لِذَلِكَ وَالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ لِلْمَنْعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ إحْضَارِ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ كَالْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ بِلَا تَرْجِيحٍ. ثَانِيهِمَا لَا إذْ لَا قِتَالَ مِنْهُمْ وَلَا رَأْيَ وَلَا يُتَبَرَّكُ بِحُضُورِهِمْ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَيَتَمَيَّزُونَ) عَنَّا (أَوْ يَخْتَلِطُونَ) بِنَا (بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي يَرَاهَا الْإِمَامُ.

(وَيُرَدُّ مُخَذِّلٌ) عَنْ الْخُرُوجِ فِي الْجَيْشِ وَهُوَ مَنْ يُخَوِّفُ النَّاسَ كَأَنْ يَقُولَ عَدُوُّنَا كَثِيرٌ وَخُيُولُنَا ضَعِيفَةٌ وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ (وَمُرْجِفٌ) وَهُوَ مَنْ يُكْثِرُ الْأَرَاجِيفَ كَأَنْ يَقُولَ قُتِلَتْ سَرِيَّةُ كَذَا أَوْ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ لِلْعَدُوِّ مِنْ جِهَةِ كَذَا أَوْ لَهُمْ كَمِينٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا (وَخَائِنٌ) وَهُوَ مَنْ يَتَجَسَّسُ لَهُمْ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ وإنَّمَا «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِي الْغَزَوَاتِ» وَهُوَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ مَعَ ظُهُورِ التَّخْذِيلِ وَغَيْرِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا أَقْوِيَاءَ فِي الدِّينِ لَا يُبَالُونَ بِالتَّخْذِيلِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطَّلِعُ بِالْوَحْيِ عَلَى أَفْعَالِهِ فَلَا يَسْتَضِرُّ بِكَيْدِهِ (وَيُمْنَعُ) كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ حَتَّى سَلَبِ قَتِيلِهِ.

[فَصْلٌ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِلْجِهَادِ]

(فَصْلٌ لَا يَصِحُّ) مِنْ أَحَدٍ (اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِلْجِهَادِ) ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْإِجَارَةِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَوْ عَبْدًا) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ لِلْجِهَادِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْكُفَّارُ دَارَنَا تَعَيَّنَ عَلَى الْعَبْدِ الْجِهَادُ.

(وَلِلْإِمَامِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (بَذْلُ الْأُهْبَةِ) وَمِنْهَا السِّلَاحُ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَهُ) الْأَوْلَى فَلَهُ (ثَوَابُ عَمَلِهِ) أَيْ إعَانَتِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا» .

(وَثَوَابُ الْجِهَادِ لِمُبَاشِرِهِ) وَكَذَا لِلْآحَادِ بَذْلُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِمْ وَلَهُمْ ثَوَابُ إعَانَتِهِمْ وَثَوَابُ الْجِهَادِ لِمُبَاشِرِهِ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى اجْتِهَادٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَخُونُ وَمَا ذُكِرَ مَحَلُّهُ إذَا بَذَلَ ذَلِكَ لَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْغَزْوُ لِلْبَاذِلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ.

(وَمَا يُدْفَعُ إلَى الْمُرْتَزِقَةِ مِنْ الْفَيْءِ) وَإِلَى الْمُتَطَوِّعَةِ مِنْ الصَّدَقَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَيْسَ بِأُجْرَةٍ) لَهُمْ (بَلْ) هُوَ (مُرَتَّبُهُمْ) وَجِهَادُهُمْ وَاقِعٌ عَنْهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَلَوْ أَجْبَرَ الْإِمَامُ حُرًّا عَلَى غُسْلِ) أَوْ دَفْنِ (فَقِيرٍ) مَيِّتٍ (وَلَا بَيْتَ مَالٍ) ثَمَّ (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجْبَرَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ غَنِيًّا أَوْ كَانَ ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُ حُرًّا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِرَجُلًا كَانَ أَوْلَى وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الِاخْتِصَارَ فِي قَوْلِهِ (أَوْ) أَجْبَرَ حُرًّا مُسْلِمًا (عَلَى الْجِهَادِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ قَاتَلَ (إنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الذَّهَابِ أَوْ) أَجْبَرَ عَلَيْهِ (عَبْدًا فَلِسَيِّدِهِ الْأُجْرَةُ) مِنْ حِينِ ذَهَابِهِ إلَى عَوْدِهِ لِيَدِهِ.

(وَلِلْإِمَامِ لَا لِغَيْرِهِ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ لِلْجِهَادِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) وَقَوْلُهُ قَالَ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُبَعَّضِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا

(قَوْلُهُ: وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِكَفَّارٍ إلَخْ) نَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَمَاعَةٍ اشْتِرَاطَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكْثُرَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ) كَثْرَةً ظَاهِرَةً كَأَنْ يَكُونَ الْكُفَّارُ مِائَتَيْنِ وَالْمُسْتَعَانُ بِهِمْ خَمْسِينَ وَالْمُسْلِمُونَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدًا لِعَدُوٍّ كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: كَلَامُ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَقَدْ غَزَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَهُمْ مُشْرِكُونَ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا الْجَوَازُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأُمِّ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَهُ وَقَوْلُهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ حِصَارِ نِسَائِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْأُمُّ) فَقَالَ وَنِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذَا وَصِبْيَانُهُمْ كَرِجَالِهِمْ لَا يَحْرُمُ أَنْ يَشْهَدُوا الْقِتَالَ اهـ وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا خَرَجْنَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُنَّ الرَّضْخُ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْغَنِيمَةِ

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ) شَمِلَ إجَارَةَ عَيْنِهِ وَذِمَّتِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ هُوَ بِسَبِيلِ مِنْ أَنْ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ كَافِرًا عِوَضًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ خَاصٌّ بِالْإِمَامِ لَا بِالْآحَادِ كا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَوْ صَبِيًّا

(قَوْلُهُ: وَثَوَابُ الْجِهَادِ لِمُبَاشِرِهِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمُجَاهِدُ الَّذِي يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الَّذِي يُسْلِمُ وَيَقْتُلُ الْكُفَّارَ فَأَجَابَ بِأَنَّ الثَّانِيَ أَفْضَلُ لِمَحْوِهِ الْكُفْرَ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إلَّا مُؤْمِنًا لَكِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كا (قَوْلُهُ: أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا بَلْ يَرْجِع فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مَحَلُّهُ إذَا بُذِلَ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ لَا لِغَيْرِهِ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ لِلْجِهَادِ) مَحَلُّ جَوَازِ اسْتِئْجَارِهِ مِنْ حَيْثُ تَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ حَيْثُ تَمْتَنِعُ فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا اسْتِمْرَارُ الْإِجَارَةِ وَلَوْ أَسْلَمَ لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ طَاهِرًا لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ فَحَاضَتْ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ انْفِسَاخُهَا هُنَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ تَعَذَّرَ سَفَرُ الْجَيْشِ لَصَلُحَ صَدْرٌ قَبْلَهُ كَانَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْفَسِخُ بِالْعُذْرِ وَيَسْتَرْجِعُ الْإِمَامُ مِنْهُمْ مَا دَفَعَهُ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْد وُرُودِهِ لَهُمْ دَارَ الْحَرْبِ لَمْ يَسْتَرْجِعْ مِنْهُمْ شَيْئًا لِأَنَّ سَيْرَ الْجَيْشِ إلَيْهِمْ أَثَّرَ فِي الرَّهْبَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ دُخُولِهِمْ أَرْضَ الْحَرْبِ فَفِي اسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الْمَسَافَةِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْحَجِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَكَذَلِكَ الْأَرْجَحُ هُنَا وَإِنْ كَانَ تَرَكَ الْجِهَادَ لِانْهِزَامِ الْعَدُوِّ اسْتَحَقُّوا الْأُجْرَةَ وَإِنْ تَرَكُوهُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ رَدُّوا مِنْ الْأُجْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>