للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَطَرَدَ صَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ الْوَجْهَيْنِ فِي الضَّيْعَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا وَحَكَى الْوَجْهَيْنِ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَزْرَعَةُ الَّتِي لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِسُكْنَاهَا (لَا مَالٍ) وُجِدَ وَلَوْ (بِقُرْبِهِ) عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَلَا يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُ نَعَمْ إنْ حُكِمَ بِإِنَّ الْمَكَانَ لَهُ كَدَارٍ فَهُوَ لَهُ مَعَ الْمَكَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ (بِخِلَافِ) الْمَوْجُودِ بِقُرْبِ (الْبَالِغِ) الْعَاقِلِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُ لِأَنَّ لَهُ رِعَايَةً (وَلَا) يُحْكَمُ لَهُ بِمَالٍ (مَدْفُونٍ تَحْتَهُ) كَمَا فِي الْبَالِغِ؛ إذْ لَا يُقْصَدُ بِالدَّفْنِ الضَّمُّ إلَى اللَّقِيطِ نَعَمْ إنْ حُكِمَ بِأَنَّ الْمَكَانَ لَهُ فَهُوَ لَهُ مَعَ الْمَكَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ شَهِدَتْ) لَهُ (بِهِ رُقْعَةٌ) مَكْتُوبَةٌ وُجِدَتْ (فِي يَدِهِ) فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ لِمَا مَرَّ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَهُ بِقَرِينَةِ الرُّقْعَةِ قَالَ الْإِمَامُ لَيْتَ شِعْرِي مَاذَا يَقُولُ مَنْ عَوَّلَ عَلَى الرُّقْعَةِ لَوْ دَلَّتْ عَلَى دَفِينٍ بَعِيدٍ قَالَ النَّوَوِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِلَّقِيطِ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ إنَّمَا هُوَ عَلَيْهَا لَا عَلَى كَوْنِهِ تَحْتَهُ انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَحْسُنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الدِّفْنِ الْقَدِيمِ، وَالْحَدِيثِ؛ إذْ الْحَدَاثَةُ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّهُ دُفِنَ لَهُ كَالْمَوْجُودِ تَحْتَ فِرَاشِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الرُّقْعَةُ فِي نَفْسِ الدِّفْنِ يُقْضَى لَهُ بِهِ لِقُوَّةِ الْقَرِينَةِ، أَوْ يَكُونُ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِأَنَّهُ لَهُ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ خَيْطٌ مُتَّصِلٌ بِالدَّفِينِ مَرْبُوطٌ بِبَعْضِ بَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ يُقْضَى لَهُ بِهِ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا انْضَمَّتْ الرُّقْعَةُ إلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ (مَعَ الرَّاكِبِ لِدَابَّةٍ مَرْبُوطَةٍ فِي وَسَطِهِ كَالْقَائِدِ مَعَ الرَّاكِبِ) لَهَا فَتَكُونُ لِلرَّاكِبِ فَقَطْ لِتَمَامِ الِاسْتِيلَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَدَ لِلرَّاكِبِ كَمَا مَرَّ آخِرَ الصُّلْحِ فَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ حَسَنٌ.

(فَرْعٌ: نَفَقَةُ اللَّقِيطِ وَحَضَانَتُهُ) أَيْ مُؤْنَتُهُمَا (مِنْ مَالِهِ) الثَّابِتِ لَهُ بِمَا مَرَّ (أَوْ) مِنْ غَيْرِهِ مِثْلِ (مَوْقُوفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ، أَوْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ، أَوْ مُوصًى لَهُ) أَوْ لَهُمْ (بِهِ) أَوْ مَوْهُوبٍ لَهُ لِغِنَاهُ بِذَلِكَ (وَيَقْبَلُ لَهُ الْقَاضِي) مِنْ ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ (فَفِي بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ بِلَا رُجُوعٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِخَبَرِ أَبِي جَمِيلَةَ السَّابِقِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَالِغِ الْمُعْسِرِ بَلْ أَوْلَى (فَإِذَا عُدِمَ) بَيْتُ الْمَالِ بِإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالٌ، أَوْ ثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ كَسَدِّ ثَغْرٍ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ لَوْ تُرِكَ، أَوْ حَالَتْ الظَّلَمَةُ دُونَهُ (افْتَرَضَ عَلَيْهِ) الْإِمَامُ (مِنْ أَغْنِيَاءِ بَلَدِهِ) ذَكَرَ أَغْنِيَاءَ بَلَدِهِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ قَيْدًا بَلْ؛ لِأَنَّهُ الْأَيْسَرُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الِافْتِرَاضُ (قَسَّطَهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (عَلَى الْأَغْنِيَاءِ) قَرْضًا وَجَعَلَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اسْتِيعَابُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ (فَعَلَى مَنْ رَآهُ مِنْهُمْ) يُقَسِّطُهَا بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي اجْتِهَادِهِ تَخَيَّرَ (فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ) أَوْ قَرِيبٌ (رَجَعَ عَلَيْهِ) وَاعْتِبَارُ الْقَرِيبِ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.

وَالْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِهَذَا لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِنَّ النَّفَقَةَ وَقَعَتْ قَرْضًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَالْحَاكِمُ إذَا اقْتَرَضَ النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ بِهَا وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِهَا وَلَوْ سُلِّمَ مَا قَالَهُ فَالْفَرْقُ أَنَّ اللَّقِيطَ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِذَا بَانَ لَهُ قَرِيبٌ وَأَنْفَقْنَا عَلَيْهِ رَجَعْنَا بِهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَرْضِ الْقَاضِي لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي اللِّعَانِ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى اثْنَانِ نَسَبَ مَوْلُودٍ وَوَزَّعْنَا النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ أَحَدِهِمَا رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْقَرِيبِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ، وَالْعُدَّةِ (أَوْ) ظَهَرَ لَهُ (مَالٌ، أَوْ اكْتَسَبَهُ فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ) لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا كَسْبَ) لَهُ (فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ) الرُّجُوعُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَجَبَ الْقَضَاءُ مِنْهُ ثَانِيًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مَالٌ، وَلَا كَسْبَ لَهُ تَبَيَّنَّ أَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَكُنْ قَرْضًا فَلَا رُجُوعَ بِهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمْنَاهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ كَمَا لَوْ افْتَقَرَ رَجُلٌ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.

هَذَا إنْ لَمْ يَبْلُغْ اللَّقِيطُ (فَإِنْ بَلَغَ فَمِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ) الشَّامِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ أَيْ مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ، أَوْ الْفُقَرَاءِ (أَوْ الْغَارِمِينَ) بِحَسَبِ -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْإِبَانَةِ كَقُرْبِ الدَّابَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إذَا نَزَلَ عَنْهَا وَنَحْوُهُ فِي التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ) وَتَبِعُوهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْمَدْفُونِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ فَكَنْزٌ، أَوْ فِي الْإِسْلَامِ فَلُقَطَةٌ.

[فَرْعٌ نَفَقَةُ اللَّقِيطِ وَحَضَانَتُهُ]

(قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي حَضَانَةِ أَبِيهِ الْمُوسِرِ وَلَهُ مَالٌ كَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَهُنَا أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْقُوفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ إلَخْ) أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُمْ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجِهَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا، وَإِلَّا لَمْ يُصْرَفْ لِمَنْ حَدَثَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْجَوَابِ وَيُقَالُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مَنْ يُمْكِنُ الصَّرْفُ إلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْجِهَةُ وَيَكْفِي لِسُكَّانِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ التَّخْيِيرُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَالْأَفْقَهُ تَقْدِيمُ الْخَاصِّ فَلَا يُنْفَقُ مِنْ الْعَامِّ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ أَغْنِيَاءِ بَلَدِهِ) لَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فَالنَّصُّ - وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ - الْجَوَازُ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ، أَوْ قَرِيبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِ اللُّقَطَاءِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ، أَوْ قَرِيبٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِنْفَاقِ كَانَ لَقِيطًا فَيُصْرَفُ لَهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالْعُدَّةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>