للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قِصَاصًا أَوْ قَذْفًا) أَيْ عُقُوبَتَهُ (أَعْلَمَ الْمُسْتَحِقَّ) لَهُ بِهِ (وَمَكَّنَهُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ) فَيَأْتِي إلَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي قَتَلْت أَوْ قَذَفْت وَلَزِمَنِي مُوجِبُهُمَا فَإِنْ شِئْت فَاسْتَوْفِ وَإِنْ شِئْت فَاعْفُ لِمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ التَّضْيِيقِ.

(وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) تَعَالَى (مِنْ الْغَيْبَةِ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبَهَا بِهَا (فَإِنْ عَلِمَ صَاحِبُهَا) بِهَا (اسْتَحَلَّ مِنْهُ لَا مِنْ وَارِثِهِ) بَعْدَ مَوْتِهِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالُهُ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا اعْتِبَارَ بِتَحْلِيلِ الْوَرَثَةِ (وَيَسْتَغْفِرُ) اللَّهَ تَعَالَى (مِنْ الْحَسَدِ) وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَةِ غَيْرِهِ وَيُسَرُّ بِبَلِيَّتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْحَسَدُ كَالْغَيْبَةِ وَهِيَ أَفْيَدُ (وَلَا يُخْبِرُ صَاحِبَهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ إخْبَارُ الْمَحْسُودِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَلْ لَا يُسَنُّ وَلَوْ قِيلَ يُكْرَهُ لَمْ يَبْعُدْ وَفِي الِاسْتِحْلَالِ مِنْ الْغَيْبَةِ الْمَجْهُولَةِ كَلَامٌ تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ

(فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ) أَوْ مَظَالِمُ عَلَى شَخْصٍ (وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْوَرَثَةِ) وَمَاتَ الْمَدِينُ (طَالَبَ بِهَا) مُسْتَحِقُّهَا الْأَوَّلُ (فِي الْآخِرَةِ لَا آخِرُ وَارِثٍ) مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ وَرَثَةِ وَرَثَتِهِ وَإِنْ نَزَلُوا (وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْوَارِثِ) عِنْدَ انْتِهَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَوْ أَبْرَأَهُ الْوَارِثُ (خَرَجَ عَنْ مَظْلِمَةِ غَيْرِ الْمَطْلِ) بِخِلَافِ مَظْلَمَةٌ الْمَطْلِ

(فَصْلٌ) فِي التَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ (وَإِنَّمَا تَعُودُ عَدَالَةُ التَّائِبِ عَنْ الْفِسْقِ) النَّاشِئِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي الْكُفْرَ كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ (بِمُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فِيهَا أَنَّهُ قَدْ صَلُحَ) عَمَلًا وَسَرِيرَةً لَا بِإِظْهَارِ التَّوْبَةِ مِنْهُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْإِظْهَارِ غَائِلَةٌ وَغَرَضٌ فَاسِدٌ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّةٌ لِذَلِكَ (وَهِيَ سَنَةٌ) لِأَنَّ لِمُضِيِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ لِمَا تَشْتَهِيهِ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَمَحِلُّهُ فِي ظَاهِرِ الْفِسْقِ فَلَوْ كَانَ يُخْفِيهِ وَأَقَرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ التَّوْبَةَ عَمَّا كَانَ مَسْتُورًا إلَّا عَنْ صَلَاحِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ فِي كَوْنِ السَّنَةِ تَحْدِيدِيَّةً أَوْ تَقْرِيبِيَّةً وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْأَوَّلِ (وَيُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ) الْمَعْصِيَةِ (الْقَوْلِيَّةِ الْقَوْلُ) كَمَا أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الرِّدَّةِ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ.

(فَيَقُولُ فِي) تَوْبَتِهِ مِنْ (الْقَذْفِ: قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت وَلَا أَعُودُ) إلَيْهِ أَوْ يَقُولُ مَا كُنْت

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ يُكْرَهُ لَمْ يَبْعُدْ) وَهُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ مَا يُفْهِمُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ غ

[فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ أَوْ مَظَالِمُ عَلَى شَخْصٍ]

(قَوْلُهُ لَا آخِرُ وَارِثٍ مِنْ وَرَثَتِهِ إلَخْ) قَالَ الْحَنَّاطِيُّ إنَّهُ يَرِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَهُمْ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ فِي الْقِيَامَةِ

[فَصْلٌ التَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ]

(فَصْلٌ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَعُودُ عَدَالَةُ التَّائِبِ عَنْ الْفِسْقِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِمَعْصِيَةٍ غَيْرِ الْكُفْرِ أَوْ لِنُقْصَانِ مُرُوءَةٍ فَتَابَ لَمْ تَقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَسْتَمِرَّ عَلَى التَّوْبَةِ سَنَةً وَفِي الْمَطَالِبِ أَلْحَقَ الْأَصْحَابُ ذَلِكَ بِالْفِسْقِ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ صَارَ بِاعْتِيَادِهِ سَجِيَّةً لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِبَارِ حَالِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ فِي التَّنْبِيهِ وَذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ الِاحْتِيَاجَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْعَدَاوَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَلِهَذَا اعْتَبَرَهَا الشَّرْعُ فِي مُدَّةِ التَّغْرِيبِ وَالْعُنَّةِ وَالزَّكَاةِ وَالدِّيَةِ وَالْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ وَمَحِلُّهُ فِي ظَاهِرِ الْفِسْقِ إلَخْ) .

اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا قَاذِفَ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فَأَمَّا مَنْ قَذَفَ مُحْصَنَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ وَالصَّبِيُّ إذَا فَعَلَ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَ الْبَالِغِ ثُمَّ تَابَ وَبَلَغَ تَائِبًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الِاخْتِبَارُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَقَالَ بَقِيَ اثْنَانِ أُنَبِّهُ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا الْعَدُوُّ إذَا زَالَتْ الْعَدَاوَةُ وَكَانَتْ كَبِيرَةً فَتَابَ مِنْهَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ الِاخْتِبَارُ لِأَنَّهُ تَائِبٌ مِنْ فِسْقٍ أَوْ لَا لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَمِيلُ لِلْعَدَاوَةِ غَالِبًا بَلْ تَكْرَهُهَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ بِالِاخْتِبَارِ فِي الْعَدَاوَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْفِسْقِ فَفِي الْمُفَسِّقَةِ أَوْلَى، الثَّانِي الْمُبَادِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَجْرُوحٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَاءٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. اهـ. وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ عَصَى الْوَلِيُّ بِالْفِعْلِ ثُمَّ تَابَ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ وَقَالُوا نَاظِرُ الْوَقْفِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَوْ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ عَادَتْ وِلَايَتُهُ وَلَوْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ زَالَ احْتَاجَ إلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ ثَانِيًا فَلَمْ يَذْكُرُوا مُضِيَّ الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِعْلُ الصَّبِيِّ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ فَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ مِنْهُ قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ يُخْفِيهِ وَأَقَرَّ بِهِ إلَخْ وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ رِدَّتِهِ لِإِتْيَانِهِ بِضِدِّ الْمُكَفِّرِ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ احْتِمَالٌ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا أَسْلَمَ مُرْسَلًا فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِهِ لِلْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ وَشَاهِدُ الزِّنَا إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِنَقْصِ الْعَدَدِ ثُمَّ تَابَ عَلَى الْمَذْهَب كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ.

(قَوْلُهُ فَيَقُولُ فِي الْقَذْفِ قَذْفِي بَاطِلٌ) يَصِحُّ قَوْلُهُ قَذْفِي بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ حَظَرَهُ وَمَنَعَنِي مِنْ التَّفَوُّهِ بِهِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَنْ يَقُولَ قَذْفِي لَهُ بِالزِّنَا كَانَ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت) لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَلَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَلَا أَتْبَاعُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَلَّ مَنْ ذَكَرَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَأْكِيدٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إظْهَارِ ضِدِّ الْقَذْفِ كَمَا فِي إظْهَارِ ضِدِّ الْكُفْرِ وَقَالَ إنَّ الْأَرْجَحَ عَدَمُ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَلَا أَعُودُ وَهُوَ مُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَذِهِ الْمَقَالَةُ وَقَالَ عِنْدِي يُكْتَفَى مِنْ الشَّاهِدِ بِأَنْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي عَلَيْهِ بِالزِّنَا لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَلَدَ الثَّلَاثَةَ اسْتَتَابَهُمْ فَرَجَعَ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتُهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَيُشْبِهُ اشْتِرَاطَ كَوْنِ هَذَا الْإِكْذَابِ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ إنْ كَانَ قَذَفَ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْفُونِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ظَاهِرٌ فِيمَنْ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي أَوْ اتَّصَلَ بِهِ قَذْفُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ وَإِلَّا فَفِي جَوَازِ إتْيَانِهِ الْقَاضِيَ وَإِعْلَامِهِ بِالْقَذْفِ بَعْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى بَلْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُكَذِّبُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ مَنْ قَذَفَهُ بِحَضْرَتِهِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَذُكِرَ فِي الْخَادِمِ نَحْوُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>