(فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَهْنٍ مَشْرُوطٍ فِي بَيْعٍ) بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِهِ فِيهِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ (تَحَالُفًا كَمَا سَبَقَ) بَيَانُهُ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ نَعَمْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِيهِ، وَاخْتَلَفَا فِي أَصْلِهِ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْبَيْعِ بَلْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَرْهَنْ
(فَصْلٌ) (وَإِنْ ادَّعَى) عَلَى اثْنَيْنِ (أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا) بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَأَقْبَضَاهُ) إيَّاهُ (فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) فَنَصِيبُهُ رَهْنٌ بِخَمْسِينَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَذِّبِ فِي نَصِيبِهِ بِيَمِينِهِ (وَ) لَوْ (شَهِدَ) الْمُصَدِّقُ (عَلَى) شَرِيكِهِ (الْآخَرِ) الْمُكَذِّبِ (قَبِلَ) فِي شَهَادَتِهِ لِخُلُوِّهَا عَنْ جَلْبِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضَرَرٍ فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ (وَكَذَا لَوْ كَذَّبَهُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (فِي حَقِّهِ) بِأَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَا رَهَنَ نَصِيبَهُ، وَأَنَّ شَرِيكَهُ رَهَنَ أَوْ سَكَتَ عَنْ شَرِيكِهِ (وَشَهِدَ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا) قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَرُبَّمَا نَسِيَا، وَإِنْ تَعَمَّدَا فَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُوجِبُ الْفِسْقَ، وَلِهَذَا لَوْ تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَا فِي حَادِثَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فِي التَّخَاصُمِ (فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ) أَوْ يُقِيمُ مَعَهُ شَاهِدًا آخَرَ فَيَثْبُتُ رَهْنُ الْجَمِيعِ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ مُطْلَقًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْكَذْبَةَ الْوَاحِدَةَ غَيْرُ مُفَسِّقَةٍ مَحِلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ انْضِمَامِ غَيْرِهَا إلَيْهَا أَمَّا هُنَا فَبِتَقْدِيرِ تَعَمُّدِهِ يَكُونُ جَاحِدًا لِحَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيَفْسُقُ بِذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ مُفَسِّقًا أَنْ تَفُوتَ الْمَالِيَّةُ عَلَى الْغَيْرِ، وَهُنَا لَمْ يَفُتْ إلَّا حَقُّ الْوَثِيقَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُدَّعِي بِظُلْمِهِمَا بِالْإِنْكَارِ بِلَا تَأْوِيلٍ، وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَهُمَا انْتَهَى، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ أَنَّهُ بِذَلِكَ ظَهَرَ مِنْهُ هَذَا إذْ لَيْسَ كُلُّ ظُلْمٍ خَالٍ عَنْ تَأْوِيلٍ مُفَسِّقًا بِدَلِيلِ الْغِيبَةِ.
(فَرْعٌ، وَإِنْ ادَّعَيَا) عَلَى وَاحِدٍ (أَنَّهُ رَهَنَهُمَا عَبْدَهُ، وَأَقْبَضَهُمَا) إيَّاهُ (وَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا) فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَرْهُونٌ عِنْدَ الْمُصَدِّقِ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ، وَ (قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ لِلْمُكَذِّبِ) بِرَهْنِ النِّصْفِ لِمَا مَرَّ هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكُهُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ادَّعَاهُ فَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ فِيهِ كَأَنْ قَالَا رَهَنْته مِنْ مُوَرِّثِنَا أَوْ مِنَّا صَفْقَةً وَاحِدَةً لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ فِي دَفْعِ مُزَاحَمَةِ الشَّرِيكِ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا سَلَّمَ لَهُ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُمَا أَوْ كَذَّبَهُمَا
(فَصْلٌ) (وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ) فِيمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَعَبْدٍ (رَهْنَاهُمَا عَبْدًا) مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَأَقْبَضَاهُمَا إيَّاهُ وَصَدَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدًا) مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَرْهُونٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُهُ بِرُبْعِ الْمِائَةِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي عَلَى الِاثْنَيْنِ نِصْفَهُ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا أَحَدُهُمَا، وَ (قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ) إذْ لَا مَانِعَ (وَكَذَا شَهَادَةُ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ لِلْآخَرِ حَيْثُ لَا شَرِكَةَ) كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ، وَلَوْ صَدَّقَا أَحَدَهُمَا ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ، وَكَانَ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُ الْمِائَةِ، وَنِصْفُ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَرْهُونٌ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ صَدَّقَاهُمَا أَوْ كَذَّبَاهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ زَيْدًا رَهَنَهُ عَبْدَهُ وَأَقْبَضَهُ) إيَّاهُ (فَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ) بِالرَّهْنِ (وَيَحْلِفُ) زَيْدٌ (لِلْمُكَذِّبِ) لِأَنَّهُ عِنْدَ إرَادَةِ تَحْلِيفِهِ قَدْ يُقِرُّ أَوْ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْمُكَذِّبُ فَيَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّحْلِيفِ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَلَ عَنْهُ إلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ مَا فِيهَا هُنَا سَهْوٌ أَوْ غَلَطٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَذْكُورَ فِي الْإِقْرَارِ، وَالدَّعَاوَى أَنَّهُ يَحْلِفُ، وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ.
قَالَ، وَسَبَبُ ذُهُولِهِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْلِفُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ التَّصْحِيحَ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَإِمْعَانٍ، وَلَمَّا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ عَقَّبَهُ بِمَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو هَلْ يَغْرَمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبَحْرِ وَالْكَافِي، وَالْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْبُوَيْطِيِّ قَالُوا لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُفِدْ فَلَمْ يَكُنْ لِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَجْهٌ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ دَلِيلًا التَّحْلِيفُ انْتَهَى، وَالْمُعْتَمَدُ مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيُفَارِقُ مَا فِي الْإِقْرَارِ، وَالدَّعَاوَى بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ فِيهِمَا لَبَطَلَ الْحَقُّ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا هُنَا لِأَنَّ لَهُ مَرَدًّا، وَهُوَ الذِّمَّةُ، وَلَمْ يَفُتْ إلَّا التَّوَثُّقُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا، وَلَكِنْ قَالَ) فِي جَوَابِ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا السَّبْقُ، وَإِنَّ الرَّاهِنَ عَالِمٌ بِهِ (أَحَدُهُمَا سَبَقَ) الْآخَرَ، وَفِي نُسْخَةٍ أَسْبَقَ (قَبَضَا، وَعَيْنَهُ قَضَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (فِي يَدِ الْآخَرِ) لِأَنَّ الْيَدَ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الرَّهْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ تَحَالَفَا) كَمَا سَبَقَ وَيَبْدَأُ بِالْبَائِعِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ
[فَصْلٌ ادَّعَى عَلَى اثْنَيْنِ أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا بِمِائَةٍ مَثَلًا وَأَقْبَضَاهُ إيَّاهُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا]
(قَوْلُهُ فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ إلَخْ) أَيْ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا ضَرَرَ (قَوْلُهُ وَرَدَّ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جُحُودِهِ الْحَقَّ كَوْنُهُ مُتَعَمِّدًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ أَوْ نِسْيَانٌ حَمَلَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكَهُ فِيهِ) كَأَنْ كَانَ دَيْنَ قَرْضٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ لِأَنَّ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ بِتَصْدِيقِهِ يُسَلَّمُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا (قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَا رَهَنْته مِنْ مُوَرِّثِنَا) أَوْ اشْتَرَيْنَاهُ مَعًا
[فَصْلٌ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ زَيْدًا رَهَنَهُ عَبْدَهُ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ فَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا]
(قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ لِلْمُكَذِّبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ظَاهِرُ تَصْحِيحِ الْوَالِدِ عَلَى الْمَتْنِ اعْتِمَادُهُ وَمُخَالَفَةُ الشَّارِحِ لِمَا اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ هَلْ يَغْرَمُ انْتَهَى) صَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ فَلِذَلِكَ صَحَّحَ عَدَمَ التَّحْلِيفِ هُنَا وَصَحَّحَ فِي نَظِيرِ مَسْأَلَتِنَا فِيمَا إذَا أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهَا لَا تَغْرَمُ فَمَشَى عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَالزَّرْكَشِيُّ