إنَّمَا يُغَلَّظُ بِالْخَطَأِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَقَطْ) وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ الرَّحِمِ لِيَخْرُجَ ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ مِنْ الرَّضَاعِ، وَبِنْتُ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ مَعَ أَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الرَّحِمِ.
(وَلَوْ رَمَى حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ) ثُمَّ أَصَابَهُ، وَمَاتَ (فَدِيَةُ خَطَأٍ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا عِنْدَ الرَّمْيِ.
(فَصْلٌ: دِيَةُ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ حَالَةَ تَخُصُّ الْجَانِيَ) فَلَا يَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ عَلَى قِيَاسِ إبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ (سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ) الْجِنَايَةُ (الْقِصَاصَ) فَعُفِيَ عَلَى الدِّيَةِ (أَمْ لَا كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ وَدِيَةُ الْخَطَأِ، وَإِنْ تَغَلَّظَتْ، وَ) دِيَةُ (شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةً) فَدِيَةُ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ كَوْنُهَا مُعَجَّلَةً لَا مُؤَجَّلَةً، وَكَوْنُهَا مُثَلَّثَةً لَا مُخَمَّسَةً، وَكَوْنُهَا عَلَى الْجَانِي لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَدِيَةُ الْخَطَأِ فِي غَيْرِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مَعَ دِيَةِ الْخَطَأِ فِي الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي مُخَفَّفَةٌ مِنْ الْآخَرَيْنِ (، وَيَدْخُلُ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ فِي دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالذِّمِّيِّ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ عِصْمَةٌ.
(وَ) فِي دِيَةِ (الْجُرُوحِ بِالنِّسْبَةِ) لِدِيَةِ النَّفْسِ فَفِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ خَطَأً عَشْرُ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَعَشْرُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَهَكَذَا، وَفِي قَتْلِهَا عَمْدًا أَوْ شِبْهِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ حِقَّةً، وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ خَلِفَةً، وَفِي قَتْلِ الذِّمِّيِّ خَطَأً سِتُّ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَثُلُثَانِ وَسِتُّ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثُلُثَانِ، وَهَكَذَا وَفِي قَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ شِبْهِهِ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جِذَاعٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً وَثُلُثٌ (لَا) قِيمَةَ (الْعَبْدِ) فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا تَغْلِيظٌ وَلَا تَخْفِيفٌ (بَلْ فِيهِ قِيمَتُهُ) يَوْمَ التَّلَفِ عَلَى قِيَاسِ قِيَمِ سَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ.
(وَ) يَجِبُ (فِي) قَتْلِ (الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَجُرُوحِهِمَا نِصْفُ مَا) يَجِبُ (فِي الرَّجُلِ) كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» ، وَأَلْحَقَ بِهَا الْخُنْثَى لِلشَّكِّ فِي الزَّائِدِ نَعَمْ يُخَالِفُهَا فِي الْحَلَمَتَيْنِ وَالشُّفْرَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
(وَفِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ) اللَّذَيْنِ يُعْقَدُ لَهُمَا الذِّمَّةُ (ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ) أَخْذًا مِنْ خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، وَقَالَ بِهِ عُمَرَ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقِيسَ فِي الْخَبَرِ بِالدَّرَاهِمِ الْإِبِلُ، وَبِالْمُسْلِمِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ (وَالسَّامِرَةُ كَالْيَهُودِ) فِي حُكْمِهِمْ (وَالصَّابِئُونَ كَالنَّصَارَى) كَذَلِكَ (إنْ لَمْ يُكَفِّرُوهُمْ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَفَّرُوهُمْ (فَكَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ) مِنْ الْكُفَّارِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (، وَفِي الْمَجُوسِيِّ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ مُسْلِمٍ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِطَرِيقَةِ الْحِسَابِ ثُلُثُ خُمُسِ هَذَا كُلِّهِ (إنْ كَانُوا) أَيْ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ (ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُعَاهَدَيْنِ أَوْ مُسْتَأْمَنَيْنِ) كَمَا قَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِخُمُسِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ، وَهُوَ لَهُ كِتَابٌ، وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ، وَمُنَاكَحَتُهُ، وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا الْخَامِسُ فَكَانَتْ دِيَتُهُ خُمُسَ دِيَتِهِ، وَهِيَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ، وَخَرَجَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ، وَلَا عَهْدَ، وَلَا أَمَانَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ.
(فَإِنْ دَخَلَ) دَارَنَا (وَثَنِيٌّ، وَمَنْ) أَيْ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ (لَا كِتَابَ لَهُ) ، وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ كَعَابِدِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (وَكَذَا زِنْدِيقٌ) ، وَهُوَ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا (لَا مُرْتَدٌّ بِأَمَانٍ فَكَالْمَجُوسِيِّ) فِيمَا ذُكِرَ فَتَجِبُ فِيهِ دِيَتُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ، وَمَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَإِنَّهُمَا مَقْتُولَانِ بِكُلِّ حَالٍ، وَدِيَةُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كِتَابِيٍّ، وَمَجُوسِيٍّ كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَبًا أَمْ أُمًّا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْجِزْيَةِ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا وَالضَّمَانُ يُغَلَّبُ فِيهِ جَانِبُ التَّغْلِيظِ (وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ) أَيْ قَتْلُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ لِأَمَانِهِ (، وَقَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ دَعْوَةُ نَبِيٍّ لِعُذْرِهِ (وَهُوَ) أَيْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ (كَالْمُسْتَأْمَنِ) فِي أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلِهِ الْمُسْلِمِ (وَلَهُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ، وَكَذَا مُتَمَسِّكٌ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُخَالِفُهُ) فَإِنَّهُ كَالْمُسْتَأْمَنِ فِيمَا ذُكِرَ (، وَدِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ) فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بِمَا ذُكِرَ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَجِبُ أَخَسُّ الدِّيَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ أَوْ الْكُفْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ أَنْ لَا ضَمَانَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَلَوْ رَمَى حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ إلَخْ) مِثْلُهُمَا مَا إذَا رَمَى رَقِيقَ نَفْسِهِ فَعَتَقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَمَاتَ
[فَصْلٌ تَغْلِيظ الدِّيَة]
(قَوْلُهُ: اللَّذَيْنِ تُعْقَدُ لَهُمَا الذِّمَّةُ) الْمُرَادُ مِنْ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَمَنْ لَا يَعْرِفُ دُخُولَ أَوَّلِ أُصُولِهِ فِي ذَلِكَ لِدِينٍ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يُنَاكَحُ وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَتَجِبُ فِيهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ. عِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُتَمَسِّكٌ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) بِأَنْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ مِنْ الدِّينِ الْمُبَدَّلِ وَقَوْلُهُ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ يُفْهِمُ نَفْيَ التَّبْدِيلِ جُمْلَةً فِيهِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ) قَالَ شَيْخُنَا بِأَنْ عُلِمَ عِصْمَتُهُ، وَتَمَسَّكَ بِكِتَابٍ، وَجُهِلَ عَيْنُ مَا تَمَسَّكَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي ضَمَانٍ، وَجْهَانِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ أَيْ حَتَّى آمَنُوا بِالرُّسُلِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا الْبِنَاءُ لَا يَتَمَشَّى عَلَى طَرِيقَةِ الْأَشْعَرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ فَلَا تَكْلِيفَ بِإِيمَانٍ، وَلَا كُفْرٍ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ أب (قَوْلُهُ: أَوْ الْكُفْرِ) أَيْ حَتَّى كَفَرُوا بِالرُّسُلِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ