للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ وَأُلْحِقَ بِهِ النَّادِرُ وَبِأَنَّهُ اعْتَبَرَ حَالَ كُلِّ مُنْفَرِدٍ أَوْ لَا رَيْبَ أَنَّ نُزُولَ كُلِّ فَارِسٍ أَخَفُّ مِنْ رُكُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ أَثْقَلَ مِنْ رُكُوبٍ آخَرَ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى فَعَلَ شَيْئًا مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَخَرَجَ عَنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَادَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ فَعَلَ وَاجِبًا وَدَخَلَ فِي الْهَيْئَةِ الْمُعْتَادَةِ ثُمَّ أَنَّهُ إنَّمَا يَبْنِي فِيهَا (إنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ فِي نُزُولِهِ) الْقِبْلَةَ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ (وَكُرِهَ انْحِرَافُهُ) عَنْهَا فِي نُزُولِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ (فَإِنْ أَخَّرَ النُّزُولَ) عَنْ الْأَمْنِ (بَطَلَتْ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ

[بَابُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

(بَابُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ) (يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى (لُبْسُ الْحَرِيرِ) وَلَوْ قَزًّا (وَمَا أَكْثَرَ مِنْهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُذَيْفَةَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ» وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ أَيْضًا «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ فِي يَمِينِهِ قِطْعَةَ حَرِيرٍ وَفِي شِمَالِهِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ وَقَالَ هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حَلَالٌ لِإِنَاثِهِمْ» .

قَالَ الْإِمَامُ وَكَانَ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ أَنَّهُ ثَوْبُ رَفَاهِيَةٍ وَزِينَةٍ وَإِبْدَاءُ زِيٍّ يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ دُونَ شَهَامَةِ الرِّجَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَفِي الْأُمِّ وَلَا أَكْرَهُ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ لِلرَّجُلِ إلَّا لِلْأَدَبِ فَإِنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلتَّحْرِيمِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مُتَعَدِّدٌ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَلْحَقُوا بِالرَّجُلِ الْخُنْثَى احْتِيَاطًا وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا خَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ (لَا إنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْحَرِيرُ وَغَيْرُهُ (وَزْنًا) فِيمَا رَكِبَ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ غَيْرُ الْحَرِيرِ أَكْثَرَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ وَالْأَصْلُ الْحِلُّ وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ فَأَمَّا الْعَلَمُ وَسُدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ» وَالْمُصْمَتُ الْخَالِصُ وَالْعَلَمُ الطِّرَازُ وَنَحْوُهُ (وَلَا أَثَرَ لِلظُّهُورِ) خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ إنْ ظَهَرَ الْحَرِيرُ فِي الْمَرْكَبِ حَرُمَ، وَإِنْ قَلَّ وَزْنُهُ، وَإِنْ اسْتَتَرَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَثُرَ وَزْنُهُ (وَيَجُوزُ) لِمَنْ ذَكَرَ لُبْسُ الْحَرِيرِ (لِحَاجَةٍ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ لِضَرُورَةٍ (كَمُفَاجَأَةِ) أَيْ بَغْتَةِ (حَرْبٍ تَمْنَعُ) لِشِدَّتِهَا (الْبَحْثَ عَنْ غَيْرِهِ) يَعْنِي طَلَبَ غَيْرِ الْحَرِيرِ وَلُبْسَهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (وَلِدَفْعِ حَرٍّ وَبَرْدٍ) شَدِيدَيْنِ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ حَذْفُ اللَّامِ أَوْ إبْدَالُهَا كَافًّا (وَحَكَّةٍ) إنْ آذَاهُ غَيْرُهُ كَمَا شَرَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَقَلَّ) لِلْحَاجَةِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» وَفِي رِوَايَةٍ فِي السَّفَرِ لِحَكَّةٍ أَوْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا وَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي غُزَاةٍ لُبْسَهُ لِلْقَمْلِ رَوَاهَا الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ وَإِنْ ذَكَرَهُ الرَّاوِي حِكَايَةً لِلْوَاقِعَةِ

(وَ) يَجُوزُ (لِمُحَارِبٍ لُبْسُ دِيبَاجٍ لَا يَقِي غَيْرُهُ وِقَايَتَهُ) لِلضَّرُورَةِ وَالدِّيبَاجُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ أَصْلُهُ ديباه بِالْهَاءِ وَجَمْعُهُ دَبَايِجُ وَدَبَابِيجُ

(فَرْعٌ يَجُوزُ) لِمَنْ ذُكِرَ (تَطْرِيفٌ مُعْتَادٌ بِهِ) أَيْ جَعْلُ طَرَفِ ثَوْبِهِ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَوْقِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بَابُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ)

(قَوْلُهُ وَمَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ خُصُوصًا إذَا اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَالْحَرَامُ أَغْلَبُ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَزِينٍ عَمَّنْ يُفَصِّلُ الْكُلُوثَاتِ الْحَرِيرِ وَالْأَقْبَاعَ وَيَشْتَرِي الْقُمَاشَ الْحَرِيرَ مُفَصَّلًا وَيَبِيعُهُ لِلرِّجَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَأْثَمُ مَنْ يُفَصِّلُ لَهُمْ الْحَرِيرَ أَوْ يَخِيطَهُ أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ يَصُوغَ الذَّهَبَ لِلُبْسِهِمْ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَلَّ لِإِنَاثِهِمْ) ؛ وَلِأَنَّ تَزْيِينَ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ يَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهَا وَوَطْئِهَا فَيُؤَدِّي إلَى مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ كَثْرَةِ النَّسْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ) وَالْأَصْلُ الْحِلُّ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ وَإِذَا شَكَّ حَرُمَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ عَدَمِ تَحْرِيمِ الْإِنَاءِ الْمُضَبَّبِ إذَا شَكَّ فِي كِبَرِ ضَبَّتِهِ الْعِلْمُ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ وَاسْتِمْرَارُ مُلَابَسَةِ الْمَلْبُوسِ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِحَاجَةٍ) دَخَلَ فِيهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِهِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى النَّاسِ (قَوْلُهُ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ لِضَرُورَةٍ) عَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ لِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي الْخَوْفُ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَالْخَوْفِ عَلَى الْعُضْوِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ وَيَشْهَدُ لَهُ جَوَازُ لِلْحَكَّةِ وَالْجَرَبِ.

(قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ إلَخْ) وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ مِمَّا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ لِبَاسٍ وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يُغْنِي عَنْهُ أَيْ كَمَا فِي التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْحَرِيرِ مِمَّا أُبِيحَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ أَخَفَّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ) قَالَ السُّبْكِيُّ الرِّوَايَاتُ فِي الرُّخْصَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمَا الْحَكَّةُ وَالْقَمْلُ فِي السَّفَرِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ الْمُقْتَضِي لِلتَّرَخُّصِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ أَحَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ الرُّخْصَةِ عَلَى مَجْمُوعِهَا وَلَا تَثْبُتُ فِي بَعْضِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ. اهـ. وَيُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ ظُهُورِ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْعِ كَوْنِ أَحَدِهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحَاجَةِ الَّتِي عُهِدَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِإِفْرَادِهَا فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ بَلْ كَثِيرًا مَا تَكُونُ الْحَاجَةُ فِي أَحَدِهَا لِبَعْضِ النَّاسِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الثَّلَاثَةِ لِبَعْضٍ آخَرَ س

(قَوْلُهُ وَلِمُحَارِبٍ لُبْسُ دِيبَاجٍ إلَخْ) جَوَّزَ ابْنُ كَجٍّ اتِّخَاذُ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَ الْحَرِيرِ مِمَّا يَدْفَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَانْكِسَارِ قُلُوبِ الْكُفَّارِ كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>